إذا كان الالتحاق بالتعليم الفنى الصناعى (الأسهل فى تحصيله) يعد هروبا من التعليم الثانوى العام (الأصعب بالنسبة للبعض)، فإن الوضع يختلف تمام حينما نتحدث عن الدراسة بمعهد السالزيان أو دون بوسكو. فى عام 1970 تم توقيع اتفاقية بين مصر وايطاليا وصدر القرار الجمهورى رقم 939 بإنشاء المعهد الفنى نظام خمس سنوات التابع لهيئة السالزيان اشار القرار ايضا إلى مدرسة الصنايع نظام 3 سنوات ومدرسة اخرى بالاسكندرية نظام ثلاث سنوات ومدرسة ماريه اوزيليه. ففى هذا المعهد الصناعى نجد تعليماً فنياً مختلفا، اللغة الرسمية للدراسة هى الايطالية، يجب أن يٌجيدها الطالب من خلال كورس تمهيدى قبل بدء عامه الدراسى الأول، بالاضافة إلى ضرورة اجتيازه اختبار القدرات فى مواد الرياضة والعلوم ليتم قبوله. البدايه كانت فى أواخر القرن ال19 عندما أوقف الراهب الإيطالى دون بوسكو حياته لخدمة الشباب، وبدأ بخدمة اطفال الشوارع فقام بتدريبهم وتعليمهم المهارات الفنية الصناعية، نجاح الفكرة لفت نظر الحكومة الايطالية فطالبته بإنشاء العديد من المدارس بنفس الفكر وسرعان ما انتشرت فى العديد من الدول بنفس الاسم وبرعاية إيطالية، منها عدة مدارس فى مصر بمحافظة القاهرة بحى شبرا والزيتون ومحافظة الإسكندرية. على مساحة تقرب من 3 أفدنة بروض الفرج يقع مقر معهد دون بوسكو الذى يضم عددا كبيرا من الفصول والورش ونحو 650 طالبا يدرسون كافة تخصصات الميكانيكا والكهرباء، التقينا هناك بالمدير المصرى للمعهد صبرى بخيت الذى بادرنا بالحديث عن حال التعليم الفنى فى المدارس الحكومية وكيف استطاع المعهد أن يتجنب جوانب الاخفاق والقصور لينجوا من هروب الطلاب من التعليم الفنى ويتحول إلى معهد جاذب لهم، فوفقاً لبخيت الأقبال كبير جداً على المعهد بالرغم من صعوبة الدراسة وارتفاع المصاريف بالمقارنة بالمدارس الحكومية. أما السر فيكمن فى حسن الإدارة التى تفتقدها بعض المدارس المصرية فبحسب المدير المصرى تطبق فى دون بوسكو كافة القرارات الوزارية والقوانين الرسمية بدقة وبلا استثناء، على التلاميذ والاساتذة، بالإضافة إلى وجود نظام صارم فى الالتزام بالحضور يضاف إلى مجموع درجات الطالب بل ويعد جزءاً فاصلاً فى نجاح أو رسوب الطالب ويقول:» من اكبر مشاكل التعليم الفنى وكذلك التعليم العام هو غياب الطلاب بشكل كبير خاصة فى الصفوف الثانوية وذلك لاعتمادهم على الدروس الخصوصية» تعمل الدراسة بالمعهد بنظام الساعات المعتمدة وذلك لتبعيته لوزارة التعليم الايطالية حيث يحظى المعهد بدعم ايطالى وبتقديم المساعدات الفنية والإدارية وكذلك المناهج لذلك يحصل الطالب بعد ثلاث سنوات أو خمس سنوات (وفقاً للنظام الذى يختاره) على شهادة دولية معترف بها فى ايطاليا ويضيف :»يضم فريق التدريس بالمعهد نحو 30 مدرسا عدد منهم إيطاليون، أما المصريون فمعظمهم من خريجى المدرسة، فمدرس التعليم الفنى الذى يجيد الإيطالية هو عملة نادرة أيضاً نجاح دون بوسكو لم يعتمد فقط على الدعم الايطالى ولكنه اعتمد على التدريب المستمر للطالب داخل ورش متطوره تضم العديد من الأجهزة الحديثة والتى يسمح للطالب باستخدمها بعكس ما يحدث فى المدارس الحكومية، فيتذكر بخيت إحدى الورش التى تفقدها بمدرسة صناعية ووجد بعض ادواتها متآكلها ولا تصلح للتدريب ويضيف:» تطوير المناهج ايضا مستمر فما يتم اكتشافه يدرج فوراً بمناهج التعليم، فلدينا الأن طلبة تدرس استخدام الطاقة الشمسية فى توليد الكهرباء وهو ما تفتقده ايضاً مناهج التعليم الحكومى « . ويضم مقر المعهد مقراً اخر مكونا من طابقين لكلية هندسة إيطالية، يلتحق بها الطالب فى مصر ولكن الدراسة تتم بالمراسلة، وقد تخرج منها عدد قليل جداً نظراً لعدم اعتراف المجلس الأعلى للجامعات بالتعليم بالمراسله، وبحسب بخيت فهناك عدد من الطلاب يحصل على منح دراسية من خلال مراسلة الجامعات الايطالية ومنهم نحو 15 طالبا يدرسون الآن بالجامعات الإيطالية. الإقبال على المعهد لا يتمثل فقط فى الدراسة ولكن أيضاً فى الدورات التدريبية المتخصصة التى يقدمها حيث يبلغ عدد الملتحقين بها نحو 4000 بعضهم من خريجى كليات الهندسة ويقول:» ترشح ووزارة القوى العاملة 45 شابا من طرفها للدورات التدريبية بالمعهد بشكل دورى وتتكفل الوزارة بتكاليف هذه الدورات بالكامل». وبالرغم من أن طالب المعهد يحصل على شهادة معترف بها فى ايطاليا ويستطيع أن يلتحق بكلية الهندسة هناك إلا انه يواجه نفس الشروط الصارمة ليعادل شهادته فى مصر بالاضافة إلى أن شهادته تعادل الثانوى الصنايع اذا اكمل ثلاث سنوات وتعادل الدبلوم الصناعى اذا اتم الخمس سنوات، وهو الأمر الذى يسبب لطالب المعهد ولكل خريجى مدارس التعليم الفنى الصناعى قدرا كبيرا من الإحباط بسبب نظر المجتمع له بالرغم من أن هذا الطالب تتلقفه الشركات وبمرتبات كبيرة. ويتذكر بخيت لقاء طلبة الصف الخامس بوزير التعليم الفنى خلال زيارة قام به مؤخراً للمعهد وكان كل شكواهم كيف سنواجه المجتمع بهذه الشهادة ومن ستقبل اياً منا زوجاً لها بدبلوم صنايع؟! لم يلق ممدوح ذكى لهذه النظرة السلبية بالا عندما الحق ابنه بالمعهد منذ ثلاث سنوات وكان له رؤية مختلفه، فبالرغم من حصول ابنه على 96% فى الصف الثالث الإعدادى إلا أنه فضل إلحاقه بهذا المعهد عن الثانوى العام، فمن وجهة نظره هو يضمن لابنه الالتحاق بالكلية التى يتمناها وهى كلية الهندسة سواء بمصر أو بإيطاليا فهو الان بالصف الثالث ولكنه يراسل العديد من الجامعات التى تقدم منحا لخريجى دون بوسكو والتى تعتمد على درجات نجاح الطالب وكذلك تقييم المعهد له ولسلوكه طوال سنوات الدراسة، وبحسب ولى الأمر فهذا الأسلوب يضمن له حصول ابنه على تربية مثلما يحصل على التعليم بالاضافة لكون المعهد تابعا لايطاليا فلا توجد محابة أو مجاملة للطلاب فى الدرجات ويضيف:» اضمن لابنى بهذا التعليم لغة «وصنعة» فالتدريب العملى مادة نجاح ورسوب بالمعهد لذلك تطلبهم الشركات للعمل فورا وبمرتبات جيدة بالاضافه إلى أن مجال السياحة متاح لهم لأنهم يجيدون لغة» يعمل ممدوح موجها بالتربية والتعليم وسبق له العمل كمدرس للمحاسبه بالتعليم الفنى الحكومى والذى يراه فى تراجع كبير ويقول:» من وجهة نظرى التعليم الفنى الحكومى أكذوبة فالطالب يتخرج منه لا يفقه شيئا فالورش مغلقه لأنها «عهده»