تجمع أعياد الربيع المصريين جميعا فى طقوس احتفالية واحدة، لاتفرق بين مصرى وآخر على أساس الدين أو الجنس أو اللون أو أى معيار آخر سوى الانتماء لهذا الوطن. لذلك يعد «شم النسيم» يوما قوميا بامتياز لكل المصريين، ورمزا للتراث المصرى الممتد عبر التاريخ إلى أزمان ساحقة، فنحن أمام عيد مصرى صميم، احتفى به قدماء المصريين، وظل ابناء مصر خلال تاريخهم الطويل يحتفلون بمقدم الربيع من خلال «شم النسيم» بنفس الطقوس، سواء المتعلقة بالخروج إلى الحدائق والمتنزهات، أو بنوعية الأطعمة المستخدمة فى هذا اليوم. فالوحدة الوطنية تتجلى فى احتفالية الربيع التى لاتفرق بين مسلم ومسيحي، وتثبت أن أهل مصر فى رباط إلى يوم البعث، ولذلك يشارك الجميع مسيحيى مصر فرحتهم بعيد القيامة المجيد الذى يسبق شم النسيم مباشرة. ولعل أبلغ تعبير عن ذلك التهنئة التى وجهها الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر إلى البابا تواضروس الثانى بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، بمناسبة عيد القيامة، التى أكد فيها أننا جميعا على أرض الوطن نسيج وطني، لايمكن لأحد كائنا من كان أن ينال من تلاحم ابنائه ووحدتهم التاريخية. وتصريحات البابا تواضروس فى الدقهلية أخيرا التى أشاد فيها بالوحدة الوطنية، وتأكيده أن مصر أرض مباركة، وجملته الشهيرة: إن وطنا بلا كنائس أفضل بكثير من كنائس بلا وطن. وعندما تؤكد أكبر مؤسستين دينيتين فى البلاد تمسكهما بالوحدة الوطنية وبالتراث التاريخى الطويل الذى يجمع كل المصريين، تصبح أى محاولة للفتنة عملا محكوما عليه بالفشل مقدما، واستثناء يؤكد القاعدة. وستظل مصر بإذن الله عصية على كل محاولات التفريق بين ابنائها، ومثالا حيا على الانصهار فى بوتقة وطنية واحدة، تلفظ دائما من يسعى إلى تغيير الهوية المصرية. لمزيد من مقالات رأى الاهرام