عيدان مصريان نحتفل بهما اليوم وغدا، فى رسالة محبة واضحة بأن مصر كانت وستظل أقدم دولة فى التاريخ، تضم شعبا واحدا متماسكا يمثل نسيج الأمة التى تكونت عبر آلاف السنين من ثقافات وأديان مختلفة، انصهرت كلها فى بوتقة واحدة اسمها الشعب المصري. الأول هو عيد القيامة الذى يحتفل به جميع المسيحيين، وقد لا يعرف الكثيرون أن مصر هى التى وضعت للعالم طريقة حساب هذا اليوم فلكيا، ففى القرن الثالث الميلادى نجح الفلكى المصرى بطليموس القرماوى فى وضع حساب دقيق لتحديد موعد عيد القيامة، والتزمت جميع كنائس العالم المسيحية بهذا الحساب المصرى لأكثر من ألف عام، حتى أجرى البابا غريغوريوس الثالث عشر بابا روما فى عام 1582 ميلادية تعديلا على هذا الحساب، أصبح عيد القيامة عند الكنائس الغربية بمقتضاه يأتى مبكرا عن الكنائس الشرقية بفترة تتراوح بين أسبوع وخمسة أسابيع. وهكذا كان للمصريين الريادة فى تحديد موعد هذا العيد الذى يحتفل به كل مسيحيى العالم، ويشاركهم فى مصر أشقاؤهم المسلمون بالتهنئة والفرحة. ويتوحد جميع المصريين بغض النظر عن الانتماء الدينى أو المكانى أو السياسى أو أى اختلاف فى الاحتفال بيوم آخر غدا هو يوم شم النسيم، وهو يوم فريد من نوعه لا يوجد فى أى دولة أخري، ويحتفل به المصريون منذ أكثر من خمسة آلاف عام بنفس الطقوس تقريبا، من الخروج إلى الحدائق والمتنزهات احتفالا بقدوم الربيع إلى الحرص على أكلات مميزة بعينها فى هذا اليوم مثل الأسماك المملحة والبيض الملون. إن يوم شم النسيم هو أبلغ صورة عملية لوحدة الشعب المصري، فهو عيد مصرى شكلا ومضمونا، يشارك فيه الجميع، لا تستطيع أن تميز خلاله بين مسلم أو مسيحي.. صعيدى أو بحراوي، لا فارق فى السلوكيات والعادات وطرق الاحتفال، الكل مصريون يحتفلون على أرضهم بعيد وطنى يجمع ولا يفرق. وإذا كان شم النسيم يأتى هذا العام بعد أن نجحت مصر فى تصحيح مسار الثورة وبدأت فى إعادة بناء مؤسساتها الدستورية على أسس سليمة عبر انتخابات حرة مباشرة، وفى مواجهة إرهاب أعمى لا يفرق بين مسلم ومسيحى ويستهدف روح مصر وهويتها، فإن تمسكنا جميعا بوحدتنا الوطنية هو السلاح الأمنى فى مواجهة هذا الإرهاب والعبور إلى المستقبل. لمزيد من مقالات رأى الاهرام