في الذكرى ال58 لإغراق المدمرة الإسرائيلية "إيلات"، التي وقعت في 21 أكتوبر 1967، استعادت مصر واحدة من أبرز لحظات الانتصار الرمزية في تاريخها العسكري الحديث. ووصفت وسائل إعلام إسرائيلية، وعلى رأسها صحيفة "يسرائيل هايوم"، الحدث بأنه "ضربة موجعة" لإسرائيل في أعقاب حرب 1967، مشيرة إلى أنها تظل المرة الوحيدة التي تُغرق فيها مدمرة تابعة للبحرية الإسرائيلية، ما شكّل صدمة عسكرية ونفسية عميقة، وأحدث تحولًا جذريًّا في مفاهيم القتال البحري على المستوى العالمي. فقد نجحت البحرية المصرية، بعد أشهر قليلة من احتلال إسرائيل لسيناء، في تنفيذ عملية نوعية قبالة سواحل بورسعيد باستخدام صواريخ سطح–سطح من طراز "ستيكس"، أُطلقت من زوارق صغيرة من نوع "كومار". وكانت تلك المرة الأولى التي تُستخدم فيها مثل هذه الصواريخ المضادة للسفن بنجاح في معركة حقيقية، ما أحدث ثورة في التكتيكات البحرية وأعاد ترتيب أولويات الدفاع البحري لدى القوى الكبرى. وأحيت القوات المسلحة المصرية، اليوم الأربعاء (22 أكتوبر 2025)، الذكرى ال58 للحدث بفعالية رسمية نظمتها قيادة القوات البحرية، تضمنت عرضًا لأرشيفات فيديو تاريخية، ومناورات حية شملت سفنًا حربية وغواصات، بالإضافة إلى إطلاق صواريخ، في تجسيد عملي لجاهزية الجيش وقدرته على مواجهة التهديدات الحديثة. وقال اللواء البحري أركان حرب محمود عادل فوزي، قائد القوات البحرية المصرية، خلال مؤتمر صحفي عقد بمقر القيادة العامة: "نحتفل اليوم بيوم خالد نستمد منه الإلهام لعُظْمة قدراتنا القتالية. هذا الإنجاز يثبت للعالم أن قواتنا المسلحة قادرة على الدفاع عن سيادة الوطن في كل الظروف، وأن النصر ممكن دائمًا بالإرادة الوطنية والتسليح الذكي". وأضاف أن هذا الانتصار "يظل مصدر فخر للأجيال، ودليلًا على أن التفوق التكتيكي لا يقاس دائمًا بحجم القوة، بل بذكاء التخطيط وجرأة التنفيذ". يأتي هذا الاستذكار في وقت تشهد فيه المنطقة تحولات أمنية متسارعة، وتصاعدًا في التوترات البحرية، خصوصًا في البحر الأحمر ومحيط قناة السويس. وتحمل رسالة الاحتفال دلالتين: داخليًّا: تعزيز روح الانتماء الوطني والفخر بالمؤسسة العسكرية، في ظل التحديات الاقتصادية والسياسية التي تمر بها البلاد. خارجيًّا: التأكيد على أن مصر ما زالت قوة بحرية فاعلة، قادرة على حماية مصالحها وممراتها الحيوية، لا سيما مع امتلاكها اليوم ترسانة بحرية متطورة تشمل غواصات من طراز 209 الألمانية، وزوارق صواريخ حديثة، ومنظومات دفاع ساحلي متطورة. ورغم مرور 58 عامًا، يظل غرق "إيلات" حدثًا محوريا في الذاكرة العسكرية المصرية، ودرسا استراتيجيا لا ينسى في تاريخ الصراع العربي–الإسرائيلي. ولإسرائيل، يبقى الحدث تذكيرًا دائمًا بأن التفوق التقني لا يعوّض عن الاستهانة بالخصم أو إهمال التطورات التكنولوجية. واليوم، لا تحتفل مصر فقط بانتصارٍ من الماضي، بل تعد العدة لمستقبل تراد له أن يكون أكثر حزمًا، وقوة، واستعدادًا لأي تهديد قد يهدد أمنها القومي.