«طُوبَى لِلشَّعْبِ الْعَارِفِينَ الْهُتَافَ. يَا رَبُّ، بِنُورِ وَجْهِكَ يَسْلُكُونَ. بِاسْمِكَ يَبْتَهِجُونَ الْيَوْمَ كُلَّهُ، وَبِعَدْلِكَ يَرْتَفِعُونَ » هكذا أمر الكتاب المقدس شعبه أن يحتفل ويفرح بعيد. احتفل أقباط مصر بعيد القيامة المجيد الذى يذكر المسيحيين بقيام المسيح من بين الأموات بعد ثلاثة أيام من صلبه وموته، ولم يحتفل الأقباط بمفردهم بل احتفلت معهم مصر كلها بهذا العيد، وبأعياد شم النسيم.
ورغم أهمية عيد القيامة عند أقباط مصر، فإن العيد هذه الأيام تتزامن معه تفجيرات وإرهاب من قبل جماعة الإخوان الإرهابية، فمصر احتفلت لكنها كانت تضع يدها على قلبها متخوفة من أن تعكر هذه الجماعة الإرهابية فرحة أبنائها الأقباط.
ننشر لكم كيف استعدت الكنائس لتأمين هذه الاحتفالات، ونطرح التساؤلات الصعبة: هل كان من الممكن أن يؤثر ما يفعله الإخوان على احتفالات الأقباط وذهابهم إلى كنائسهم والصلاة فيها؟!.. وما دور فرق الكشافة فى تأمين الكنائس؟!، وكيف مر هذا اليوم؟!!.
ولمن لا يعرف، فإن عيد القيامة يلقب بأسماء عديدة أخرى أشهرها عيد الفصح وأحد القيامة، وهو أعظم الأعياد المسيحية وأكبرها، ويتذكر فيه الأقباط قيامة المسيح من بين الأموات بعد ثلاثة أيام من صلبه وموته كما هو مسطور فى العهد الجديد، وفيه ينتهى الصوم الكبير الذى يستمر عادة أربعين يوماً كما ينتهى أسبوع الآلام، ويبدأ زمن القيامة المستمر فى السنة الطقسية أربعين يوماً.
ولكن الأقباط ظلوا لفترة من الزمن يحتفلون بالفصح المسيحى فى نفس توقيت احتفال الفصح اليهودى فى اليوم الرابع عشر من نيسان «أبريل»، فالمسيح قام من بين الأموات فى يوم الأحد الذى تلا فصح اليهود لذلك ارتبط العيدان إلى مجمع نيقيا حيث انفصل المسيحيون عن اليهود.
يبدأ التحضير لعيد القيامة ببدء الصوم الكبير وهو عبارة عن 55 يوما مقسمة إلى ثمانية أسابيع كل أسبوع يطلق عليه اسم، ويبدأ بأحد الرفاع مرورا بأحد السامرية والمخلع والتناصير وأحد الشعانين وأحد العيد، وبعد سبت العازر يأتى أحد الشعانين - الأسبوع المقدس «أسبوع الآلام» - ويكون هذا الأسبوع تمهيدا ليوم القيامة حيث تتجلى آلام المسيح وطيلة الأسبوع تكون هنالك صلوات، وقبل يوم القيامة بثلاثة أيام هناك من لا يأكل شيئا تضامنا مع آلام المسيح ويتناولون فى سبت النور الذى يأتى بعده بيوم عيد القيامة.
الكنيسة تتأهب
وفى بيان لها أعلنت الكاتدرائية المرقسية بالعباسية استعداداتها لعيد القيامة المجيد وطقوسها ،حيث حضر مراسم القداس قيادات الدولة والوزراء وسفراء الدول الأجنبية، والشخصيات العامة والحزبية، وقام البابا تواضروس الثانى بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية باستقبال المهنئين بالعيد بالمقر البابوى.
وتأهبت الكاتدرائية باستعدادات أمنية لتأمينها ليلة قداس عيد القيامة من خلال كاميرات المراقبة المثبتة على أبواب الكاتدرائية لمراقبتها على مدار ال 24 ساعة، وكذلك البوابات الإلكترونية الكاشفة للمعادن، فضلا عن قيام قوات الأمن بالاستعانة بالقوات المسلحة والدفع بقوات احتياطية لتأمين الكاتدرائية من الداخل والخارج، وتمشيط محيطها والعمارات المجاورة لها، والاستعانة بكلاب الحراسة وخبراء المفرقعات. وتم منع دخول سيارات المدعوين الأقباط داخل ساحة الكاتدرائية على أن يتم السماح للمسئولين فقط بالدخول بسياراتهم.
وقد توجه المشير عبدالفتاح السيسى المرشح المحتمل لرئاسة الجمهورية إلى الكاتدرائية المرقسية بالعباسية لتهنئة قداسة البابا تواضروس بعيد القيامة المجيد داعيًا الله أن تنعم مصر بالأمن والاستقرار، وأن يوفق قداسته ويرعاه.
ومن المتوقع توجه المرشح المحتمل حمدين صباحى إلى الكاتدرائية لحضور صلوات القداس. كما بعث الفريق أول صدقى صبحى وزير الدفاع والإنتاج الحربى ببرقية تهنئة للبابا تواضروس مشيدًا بعطاء وتضحيات أبناء القوات المسلحة من الأقباط وأدائهم لمهامهم المقدسة بكل الصدق والإخلاص والتفانى فى أداء الواجب.
واجتمع مدير أمن الكاتدرائية اللواء نبيل رياض بمسئول الكشافة بالكاتدرائية لترتيب إجراءات تأمين العيد بالكاتدرائية وتوزيع الأمن الداخلى وفرق الكشافة بالكاتدرائية، كما تمت الاستعانة بأمن المركز الثقافى القبطى لتوزيع الكشافة الذين قارب عددهم ال005شاب وفتاة على الأبواب الأربعة داخل الكاتدرائية.
وأعلنت الكنيسة أنه تم توزيع دخول المسئولين من الحكومة والشخصيات العامة على أحد الأبواب، ودخول الأقباط من الأبواب الأخرى، ووضع مجموعات على الأبواب الثلاثة الرئيسة المؤدية لقاعة الكاتدرائية من الداخل التى يقام بها القداس، منهم مجموعة على الباب الأول - يمين الكاتدرائية - الذى دخل منه المسئولون بالدولة وممثلو السفارات الأجنبية والشخصيات العامة، والباب الثانى والثالث - يسار الكاتدرائية - ودخل منه عامة المدعوين، وتم فتح الأبواب الجانبية لقاعة الكاتدرائية لتسهيل دخول الإعلاميين والكاميرات.
الكنيسة مكتظة
يقول المستشار رمسيس النجار- المستشار القانونى للكنيسة: الكنيسة والأقباط عاشوا عهودا أكثر ظلاما من قبل، ولم تتغير ثقتهم الدائمة بالله والمصريين والوطن، فهى بلا حدود.
والأقباط لن يغيروا من احتفالاتهم، فالمصريون جميعا خرجوا ليحتفلوا بشم النسيم، واستقبال الأيام المباركة، واستقبال الجو الجميل للاحتفال، فالمصريون ازدادت ثقتهم بأنفسهم وبوطنهم بعد ثورة 30 يونيو.
والأعياد لن تتأثر أبدا بما يفعله الإخوان الإرهابيون، والكنائس اكتظت فى أسبوع الآلام جدا ولن يتخلى قبطى واحد عن تراب كنيسته، وتراب أرضه، فالإقبال تزايد لأن هناك ثقة كاملة من المصريين فى الله وفى الشرطة والجيش.
ويضيف: إن زيارة المشير عبدالفتاح السيسى، والمرشح حمدين صباحى لقداس عيد القيامة بالكاتدرائية وتهنئة البابا تواضروس فى المقر البابوى، أدى إلى زيادة الدعم والتأييد القبطى لهم، وكذلك شعبيتهم بين الأقباط، مشيرا إلى أن الأقباط يميلون للسيسى أكثر من صباحى، حيث يرون فيه المنقذ من فترة حكم جماعة الإخوان، لكن صباحى أيضا له ثقل ومرحب به من جميع الأقباط.
وأخيرا أود أن أهنئ المسيحيين جميعا فى الداخل والخارج وأتمنى لمصر وللمصريين جميعا أن يديم الله عليهم الصحة والسعادة وأن يوفقهم الله فى حياتهم العامة والخاصة، وللجميع كل التقدير والاحترام وتحيا مصر حرة أبية بمسلميها ومسيحييها يدا واحدة تبنى ولا تهدم تعمر ولا تخرب. وأتمنى الاستقرار لبلدى الحبيبة العظيمة مصر قريبا بإذن الله.
يقول الراهب باسيليوس المقارى -راهب دير وادى النطرون: طقوس عيد القيامة لا تتغير لأى ظرف مهما كان، وهكذا استمرت هذه الطقوس عشرين قرناً من الزمان عبرت فيها الكنيسة القبطية على عصور وظروف أقسى مما نحن عليه الآن.
أما عن آلة خوفهم من تهديدات الإخوان، فالأقباط لا يخافون.. الأقباط يُصلُّون. ويُصلُّون من أجل الجميع ومن أجل كل شىء.
والله يكون فى عون الشرطة والجيش أمام الشر الممنهج والمسنود بقُوى أجنبية كبيرة، ونحن فى الكنيسة نصلى من أجل أبنائنا من الجيش والشرطة وأيضا الرؤساء.
ويعلق الراهب باسيليوس على فكرة اللجان الشعبية التى كونها الشباب أمام الكنائس، قائلا:
كلمة «اللجان الشعبية» لا يصحُّ أن يوضع بجانبها «الشباب القبطى». اللجان الشعبية هى الشعب المصرى فى حى أو مدينة أو شارع، وهى تُستنفر من وازع وطنيتها وشهامة «ابن البلد» (كما كانوا يسمونه قديماً) الذى لا يتحرك مدفوعاً من الآخرين بل من النخوة الوطنية وحُرمة الوطن وسلامة الجار وحُرمة النساء والأطفال أولاً وأخيرا، وقد ظهرت هذه الشهامة والنخوة فى ظروف مُشابهة فى أحداث أخيرة مثل هذه، وتحرُّك الأهالى (مسلمين قبل الأقباط) كان من ذات أنفسهم.
والله يحفظ مصر، وسيعبر بها المحنة الحالية حتى وإن طالت وتشعَّبت، ولكنى أثق أن النصر والنجاة قادمان لا محالة إن عاجلاً، أو بعد كثير وقت، وهذا ما أراه فى الأفق البعيد، ولكن فى النهاية سيحدث النصر للشعب المصرى والنجاة لمصر الحبيبة إلى قلب الله، ولابد من الصبر والاحتمال والجَلَد والشجاعة والمثابرة، والعمل الدؤوب مع الرئيس الجديد ذكان الله فى عونه، والنصر قادم بأمر ومعونة الله.