تمر هذه الأيام ذكرى عباس العقاد (عملاق الأدب العربي) الذى لا يستطيع أى إنسان أن يحقق »شأوا« فى الأدب العربى دون الاطلاع على مؤلفاته التى تزيد على مائة كتاب فى شتى مجالات المعرفة. وقد أتيح لى مؤخرا أن أشارك فى المؤتمر العلمى الأول الذى تنظمه جامعة ومحافظة أسوان والمنتدى الاقتصادى بأسوان مع نخبة من أبناء مصر وخبرائها فى مجالات الاقتصاد والنقل والمياه والطاقة. وأدهشنى أن معظم أساتذة الجامعة خصوصا فى كليتى الآداب والتجارة أبدوا رغبتهم فى أن تحمل الجامعة هناك اسم »العقاد« لاسيّما أننا لن نجد عقادا آخر فى أى مكان فى مصر والعالم العربي.. ناهيك عن أن الرجل قد حقق شهرة عربية وعالمية وإذا أما أخذت الجامعة اسمه فكأنما تمتطى شهرته العالمية خصوصا أنها جامعة وليدة.. والحق لقد أثنى عدد من عمدائها برئيس الجامعة الحالى (د. منصور كباش) الذى نجح بعد جهد جهيد فى أن يضيف عشر كليات أخرى إلى نحو ثمانى كليات سابقة.. لكن للإنصاف تحدثت مع الرجل وهو فى الأصل طبيب فى أمر أن تحمل الجامعة اسم ابن أسوان الذى كان جامعة لوحده.. فأدهشنى أن الرجل رفض وقال إنه تقدم بهذا الطلب إلى المسئولين فى وزارة التعليم العالي.. فرفضوا!! الحق لقد شعرت بتراخ من رئيس الجامعة فأبلغته أن نسبة كبيرة من أساتذة الجامعة موافقون على أن تحمل الجامعة فى أسوان اسم صاحب العبقريات والكتب الاسلامية الشهيرة وكتابه الأشهر اللغة الشاعرة! ولا أعتقد أن الدكتور السيد عبد الخالق وزير التعليم العالى يرفض هذا المطلب الذى أصبح جماهيريا فكل أبناء أسوان لا يرفضون أن يكرم أحد أبنائها بهذه الدرجة من التكريم. وقد لا يعرف الكثيرون أن أشهر جامعات العالم وهى جامعة السوربون تحمل اسم شخص كان فى الأصل أحد القساوسة ويدعى »دى سوربون« الذى تبرع من ماله الخاص لبناء جامعة باريس فأطلق المسئولون عن التعليم العالى فى فرنسا اسم الرجل على الجامعة فأصبحت جامعة السوربون. وقد احتفى الوسط العلمى برينيه ديكارت مؤسس الفلسفة الحديثة بإطلاق اسمه على جامعة باريس لتصبح جامعة رينيه ديكارت.. وهناك جامعة ثالثة ولكن فى بريطانيا تحمل اسم العالم الفيزيائى فرانسيس بيكون! معنى ذلك أن مصر لن تكون بدعا فى هذا.. وإذا كان رئيس الجامعة إياه يرى أن الأفضل ذكر اسم أسوان.. فنرد عليه بأن الجامعة سوف تسمى فى هذه الحالة جامعة العقاد فى أسوان أى أن المدينة سوف تكون موجودة.. لأن العقاد يا سادة الذى لم يحصل إلا على شهادة الابتدائية هو فخر لأسوان ولمصر وللعالم العربي. وفى هذه الحالة سوف يكون سهلا انشاء مركز العقاد للدراسات الأدبية يمنح الماجستير والدكتوراة فى الدراسات التى برع فيها الرجل ووضع نحو مائة وستة كتب فيها.. فهو كما يعرف القاصى والدانى فيلسوف إسلامى وأديب وشاعر ومؤلف رواية شهيرة فى الأدب العربى اسمها «سارة».. وربما لأن الدكتور كباش رئيس الجامعة لا يعرفه لأنه طبيب لكن أساتذة كلية الآداب يرحبون بذلك كذلك سيحسب للدكتور الوزير السيد عبد الخالق أنه سمح باطلاق اسم العملاق على جامعة وليدة لتأخذ من شهرته الكبيرة فى عالم الأدب والنقد. ولابد أن أذكر أن العقاد من وجهة نظر المستشرقين هو ابن الثقافة الاسلامية.. فطه حسين عميد الأدب العربي.. عندما يقرأونه يقولون: هذه بضاعتنا.. ردت إلينا! أما كتابات العقاد فهى أصيلة وتنم عن الواقع الأدبى والفكرى للعالم العربي.. وحتى لا تضيع أفكاره يمكن لمركز العقاد الذى سوف يتم انشاؤه أن يحفظها ويصونها من خلال الرسائل العلمية التى يقوم بها الباحثون والطلبة! فقط على الدكتور رئيس الجامعة أن يتقدم بطلبه مؤكدا أن هذا المطلب هو مطلب لأساتذة الجامعة وأبناء شعب أسوان.. فالعقاد هو جامعة فى حد ذاته.. وكتب عن أسوان فى كتابه أنا فصلا مهما ترجم إلى اللغات: الانجليزية والفرنسية والأسبانية.. أى أننا عرفنا أسوان من الرجل قبل أن نعرفها كجامعة. يا قوم نحن نطالب بذلك استجابة للجامعيين أنفسهم ناهيك عن أننا عندما نضع اسم العقاد ونقرنه بالجامعة إنما نعلى من شأن الجامعة لأننا لا نربط اسم العقاد بالجامعة ليس فقط باعتبار أنه ابن من أبناء أسوان ولكن لأنه أديب ملأ الدنيا وشغل الناس. يبقى أن نذكر أن أنسب شيء فى ذكرى العقاد هو أن نطلق اسمه على جامعة لاتزال ترفد الثقافة المصرية والعربية بباحثين وطلاب نعتز بهم ونقدر مشوارهم العلمى وننتهز الفرصة لتأكيد أن العقاد كان مدرسة فى العصامية.. والبحث العلمى ومناهج البحث.. لا يشق له غبار. لمزيد من مقالات د. سعيد اللاوندي