لولا حماس الشاعر سعد عبدالرحمن وهيئة قصور الثقافة, ولولا دعم مادي ومعنوي من محافظ أسوان اللواء مصطفي السيد, ربما مرت الذكري ال94 لرحيل عباس العقاد مثل سابقاتها.. لا حس ولا خبر!. لقد تحولت كل أسوان مسقط رأس عملاق الأدب العربي إلي احتفالية دائمة ومستمرة.. بل إلي أعياد.. نبحث عن عباس العقاد تحت كل حجرة فنجده في القلوب الغضة الصغيرة.. كما في وجدانيات الكبار والشباب.. والحق لقد اختار محمد أبوالمجد مدير الادارة المركزية بالهيئة عددا من المحاضرين الذين جعلوننا نشعر أن العقاد حي لم يمت من خلال دراساتهم التي ألقت الضوء الكثيف علي جوانب فكر الرجل.. سواء في الاسلاميات أو السياسة ولا ننكر دوره وهذا هو محور الاحتفالية في مناهضة الاستعمار والاستبداد وعشقه اللا محدود للحرية. ولابد أن نعترف بأن اللغة العربية الجميلة أو اللغة الشاعرة علي حد قول العقاد نفسه كنا نطرب لسماعها مع الدكتور محمد حافظ دياب, أما التجارب الحياتية المعاشة فلنأملها في كتابات الطماوي ناهيك عن الابحاث التي قامت بها د. ثناء أنس الوجود ود. جمال العسكري ود. زينا عبدالهادي الرئيس السابق لدار الكتب.. والحق أن أبناء أسوان قد اكتشفوا العقاد من جديد.. صحيح انهم كانوا يعرفونه.. لكن ليس بهذا الحجم المعرفي الذي ترجمته الاحتفالية الذي استمرت عدة أيام في قصر ثقافة أسوان التي ترأسه السيدة المثقفة زينب مدني.. فالعقاد الذي ظن الكثيرون أنه مات وشبع موت.. لايزال حيا.. وفكره مازال متقدا, وتمثاله يشيع الألفة والعزة في نفوس الكثيرين, أما مقبرته الشامخة فأصبحت مزارا لكل من تطأ قدمه من السياح أرض أسوان التي كتب عنها العقاد في كتابه أنا أنها أرض مباركة مثل باقي مناطق محافظات مصر المحروسة. وقد نظمت الهيئة مسابقات شارك فيها طلاب المدارس المختلفة وأمسيات شعرية أسهم فيها شعراء من عواصم الجنوب, وطبعت بعض دور النشر كتيبات صغيرة عن الرجل... وتحول بيته هناك إلي مزار.. حيث استقبل الزوار أحد أحفاد أسرة العقاد ويسمي عبدالعزيز.. رأي الجميع مكتبه وكرسيه ومكتبته, والأماكن التي كان يجلس فيها أو صالونه الذي كان يستضيف فيه مريديه.. وقد سارت اتجاهات شعب أسوان باتجاه تخصيص كرسي للدراسة العقادية.. باعتبار أن العقاد كان متعدد المواهب, فقد كتب في الإسلاميات والتراجم والفن والشعر والسياسة, والأدب والتجديد والاصلاح.. ولقد وافق الدكتور منصور كباش رئيس جامعة أسوان علي هذا الاقتراح, وأكد أن العقاد كان جامعة, ومن حسن الطالع أن تتحد الجامعتان في شيء واحد, ووعد بعرض موضوع الدراسات العقادية علي مجلس الجامعة, وفي حالة اقراره سيكون ذلك في العام القادم وتحديدا في كلية الآداب وخصوصا في قسم اللغة العربية الذي يحتفي بالعقاد عبر كتابيه اللغة الشاعرة وكتاب انتساب اللغة والحضارة. ومن الأشياء ذات الدلالة أن اقترح طلاب مدرسة العقاد الاعدادية عمل تمثال نصفي للعقاد في فناء المدرسة, وأن تطبع كتبه بل وتخصص الحصة الأولي في جميع مدارس أسوان للحديث عن ملكات العقاد في الكتابة, ناهيك عن ينبوع حياته الذي لا ينضب. لابد أن أذكر أن حرص الجميع في هيئة قصور الثقافة وخصوصا المثقف المعروف فؤاد مرسي, كذلك اتحاد الاذاعة والتليفزيون في أسوان والمحافظة وقصر الثقافة, والادارة التعليمية للمشاركة في احتفالية العقاد قد أعادا الروح مجددا إلي هذه المحافظة التي ظلت شيئا منسيا سنوات وسنوات.. أما الدرس الذي تعلمه الصغار أن الله لايضيع أجر من أحسن عملا, فعباس العقاد الذي لم يحصل إلا علي شهادة الابتدائية وضع أكثر من مائة كتاب, وكانت حياته وعصاميته مثالا يحتذي لكل من اشتغل بالفكر والأدب.. أما أهم ما لفت أنظار الجميع أن الأستاذ الطماوي الذي شاهد العقاد وعاش في صالوناتها الأدبية كان مقصدا لوسائل الاعلام ولتلاميذ المدارس علي السواء.. وكانوا يرونه باعجاب كما لو كانوا يرون العقاد نفسه. ومرة أخري شارك د. مصطفي رجب رئيس هيئة تعليم الكبار وهو انسان صعيدي, لكنه كان درس الفكر التربوي لطه حسين.. وبالطبع اهتم بالعقاد, والقي كلمة جمعت بين الرجلين كاصلاحيين كبيرين. وحرص د. محمود الضبع أستاذ اللغة العربية بجامعة قناة السويس علي التوازن في ادارته للجلسات العلمية التي كانت محور الاحتفالية. وأخيرا لقد كان العقاد الغائب الحاضر في هذه الاحتفالية التي دارت حول الحرية عند الرجل ومكافحته للاستبداد.. سيما وأن العقاد كان معروفا بشكل خاطئ في أوروبا. فلقد عرفته الموسوعة الفرنسية بانه كان روائيا مع انه لم يكتب سوي رواية واحدة.. وأشار البعض إلي ترجمات كتبه التي تزين بها جامعة السوربون مكتبتها العامة... لمزيد من مقالات د. سعيد اللاوندي