شهد خطاب الرئيس السيسى فقرة عن تطوير العشوائيات ، خاصة، الدويقة، لما كثر من الكلام حولها، ورغم ذلك مازال الكثيرون من قاطنيها يعانون مشكلات بالجملة مستعصية على الحل، لذا كانت بداية الحل من وجهة نظرنا هى الانتقال اليها واستكشاف الحقيقة من مصادرها المتمثلة فى المواطنين الذين عانوا ومازالوا يعانون مشكلات لا حصر لها ، وللمفارقة فبعض تلك المشكلات سببها التطوير غير المدروس فى السابق ، والذى ضيع على الجميع سواء الدولة أو المواطنون الكثير من الفوائد وأهدر أموالا كان من الممكن توجيهها الى مجالات اخرى ودليل ذلك أن البعض تم نقلهم الى وحدات سكنية بعيدة عن مصدر رزقهم وأعمالهم، فعادوا من جديد الى أماكنهم القديمة سعيا وراء رزقهم ، لذا فإننا نحذر من تكرار الأخطاء ذاتها، والى التفاصيل. يقول فى البداية محمد سيد حرفى أسكن فى منطقة الخزان ، وهى إحدى عشوائيات الدويقة، ولا أعرف موطنا غيرها ، لأننى ولدت وتربيت وتزوجت فيها ، فهى من وجهة نظرى حياتى ، وعن أحواله قال أنا متزوج حديثا ولدى طفلة عمرها 8 أشهر ، ونعيش نحن الثلاثة فى غرفة واحدة بحمام مشترك ، وقد سعدت كثيرا بخبر تطوير الدويقة ،وأتمنى بالطبع السكن فى شقة آدمية ، لكنى متخوف من إبعادى عن هنا لأن عملى يقتضى قدومى الى هنا للعمل فى ورشة استورجى بقرب سكنى ودخلى لا يكفينى ولا أستطيع تحمل نفقات مواصلات وإلا فسأعود من جديد الى نفس المكان فتوفير الخدمات وأهمها فرص العمل ضرورى جدا. أما سيد جنيدى 55 سنة - فيقول : أكسب رزقى من جمع قطع البلاستيك والصفيح وأى شيء ذى قيمة من القمامة ثم أبيعها لبائعى الروبابيكيا بجنيهات قليلة ، وكذلك أبنائى وزوجتى ، فلدى 4 أبناء أعمارهم 4 و 17 سنة ، ولم يذهب أى منهم الى المدرسة لأنى لا أستطيع توفير نفقات تعليمهم ، ونسكن أنا و أولادى الأربعة وزوجتى فى غرفة وحيدة بحمام مشترك مع خمس غرف أخرى تقيم فى كل غرفة منها أسرة مثل أسرتى ، وأنا لم يصل الى اى دعم من أى نوع فلا سكن ولا كهرباء ولا ماء سوى فى الحمام المشترك ولابطاقة تموين لأحصل منها على أبسط حقوقى وهو رغيف العيش المدعم ، فقد قدمت للحصول على بطاقة تموين منذ 7 سنوات ولم أحصل عليها حتى الآن ، وأملى ينحصر فى عمل آدمى أتكسب منه بجوار سكن آدمى لى ولأبنائى وفى أى مكان وإلا فلا فائدة من التطوير. دخلنا أحد بيوت المنطقة المكون من 6 غرف بحمام مشترك ، وفى كل غرفة أسرة أو اثنتان ، حيث وجدنا فيه شابا يدعى سامح أحمد 30 سنة والذى قال : أنا حاليا بلا عمل لأننى لا أكاد استمر فى أى وظيفة لقلة فرص العمل من ناحية وظروف المنطقة من ناحية أخرى، وأملى الحصول على عمل ومسكن لائقين، وأقيم بمفردى فى غرفة بحمام مشترك ولا أستطيع الزواج لقلة المال وفرص العمل من ناحية وعدم رغبة أى فتاة فى الإقامة فى مكان كهذا من ناحية أخرى، ومطلبى العمل والسكن فى أى مكان ولكن بجوار بعضهما حتى يمكننى تكوين أسرة كمن هم فى مثل عمري. وفى المنزل ذاته وجدنا سيدة عجوزًا تبلغ من العمر 65 عاما ومريضة بالسرطان تعالج منه تدعى امتثال فايق وتشتهر فى المنطقة ب» أم ممدوح»، التى تقول : أعيش بمفردى فى غرفة مساحتها متر واحد لا تصلح حتى كحمام وليس لى فى الدنيا معين - بعد الله - إلا أهل الخير، ورغم ظروفى الصحية التى تراها فأنا أقف كل يوم فى طابور الحمام صباح مساء لكثرة الساكنين فى المنزل وحتى الأطفال الصغار وأملى السكن المناسب الذى أقضى فيه البقية الباقية من أيامى على الدنيا ومعاش شهرى لأن الفقر والمرض أكلانى ولم أعد أستطيع تحمل المزيد. ومثال آخر لسيدة تدعى « أم حبيبة» قالت : أنا أرملة أعول ثلاثة أيتام أكبرهم 11 سنة وأصغرهم 4 أعوام، اثنان منهم بمراحل التعليم المختلفة ولا دخل لنا نحن الأربعة سوى معاش الضمان الهزيل ، والذى على حد قولها - لايكفى العيش الحاف ، وتضيف كان سكنى فى غرفة خارج الدويقة ، لكن لعدم قدرتى على دفع الإيجار عدت الى الدويقة لأقيم مع والدى المسن والذى لا يستطيع العمل رغم أنه يعول أربع ينات جميعهن فى سن الزواج وظروفه تشبه ظروفى، لكن لمن أذهب بأطفالى الأيتام هؤلاء ، وأدعو الله ليل نهار أن تنظر لنا الحكومة نظرة عطف بتوفير سكن لائق ومصدر رزق أستعين به على مصاعب الحياة، وكذلك لأبى وإخوتى البنات اللاتى أرجو لهن حظًا أفضل من حظى ، فنحن لسنا تحت خط الفقر كما يقولون لكننا تحته بكثير. ونختم بكلام ربيع محمد السيد فرّان أسكن هنا منذ سنوات بعيدة ولى رجاء أن يتم الإصلاح بشكل شامل وألا يقتصر على جانب واحد ويهمل جوانب ، فلا يعقل أن يكون التطوير السكن بشقة من غرفة أو اثنتين لأسرة تضم 6 أو 7 أفراد ذكورا و إناثا، وهو ما لايستقيم مع ديننا وعاداتنا، وكيف أترك عدة غرف بنيتها لأسرتى فى هذا المكان لأقيم فى شقة لاتسع أسرتى ؟! كما أننا جميعا نتكسب من أعمال بسيطة بالقرب من سكننا وسط القاهرة، وإذا تم نقلنا لمناطق بعيدة فكيف نكسب رزقنا ؟! وسوف نضطر للعودة الى هنا للعمل، وأضاف: صحيح أن محاولات التطوير السابقة حققت أشياء جيدة ، لكن كما ترى تم نقل دوران الخزان الذى نحن فيه، وتركت القمامة كما هى ولم تستكمل إزالتها ، وهل تعلم أن المياه مقطوعة عن المنطقة منذ أربعة أيام متواصلة، وفجر مفاجأة بقوله إن الماء الواصل الينا نحن الذين دفعنا تكلفته رغم فقرنا ، ومع ذلك ينقطع باستمرار. وفى النهاية هذه حال بعض سكان الدويقة الذين يمثلون جزءا من العشوائيات الأخرى المنتشرة فى طول مصر وعرضها وفى حاجة ملحة لأن تمتد اليها يد التطوير الحقيقية مستفيدة من سلبيات التجارب السابقة التى حاولنا نقل بعضها ووضعها أمام المسئولين قبل البدء الفعلى لذلك لتعظيم الفائدة وترشيد المال العام وحسن توظيفه ، ترى هل نحن فاعلون ؟! نسأل المولى عزّ وجل ذلك.