الليلة ليلة الجمعة..يقول صلى الله عليه وسلم "إِنَّ مِنْ أَفْضَلِ أَيَّامِكُمْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ...فَأَكْثِرُوا عَلَيَّ مِنْ الصَّلَاةِ فِيهِ فَإِنَّ صَلَاتَكُمْ مَعْرُوضَةٌ عَلَيَّ"..وغدا ليلة السبت 12 ربيع أول وهى ذكرى مولده الشريف.وقد كان المصطفى يصوم يوم الاثنين الذى وافق يوم مولده..فلنتأسى به ونصوم سبتنا هذا. وقد أمرنا الله تعالى بالصلاة على النبى بقوله تعالى"إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا". ويقول تعالى" هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا"..إذاً فالله تعالى يصلى على الرسول..وكذلك يُصلِىّ علينا!! فكيف يُصلِىّ الله؟! ذهب المفسرون القدامى كابن حجر وابن العلىّ..إلى أن المقصود بالصلاة على الرسول الثناء والتعظيم..أما الصلاة علينا فهى الرحمة.وردَّ ابن القيم عليهم ذلك..لقوله تعالى"أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبْهِمْ وَرَحْمَةٌ"ولأن "الواو" تفيد المغايرة فلا يجوز ان يكون المعنى أولئك عليهم رحماتٌ من ربهم ورحمة؟!فلابد ان تكون الصلوات شىء مغاير للرحمة!.لكن ظل من بعدهم إلى عصرنا هذا يرددون نفس التفاسير بلا اجتهاد جديد!! ولكى نفهم المعنى والكيفية لصلاة الله عز وجل علينا وعلى الرسول..علينا بدايةً ان نفهم معنى كلمة "الصلاة". وتشتمل كلمة الصلاة على عدة معان [دعاء- صلة- الثانى]..فالصلاة "دعاء"وهى "صلة"واتصال بالله..والصلة لاتكون إلا بين"اثنين" فنحن نصلى لله تعالى وندعوه ليتصل بنا ونتواصل معه سبحانه. والصلاة لاتكون صلاة إلا إذا تم هذا الاتصال..وهوعلامة قبول الصلاة. ألم يقل المصطفى لمن أتى بكل أركان الصلاة"ارجع فَصَلِ فإنك لم ُتصَلِ"؟!فليس العبرة بأداء الحركات والكلمات لكن العبرة بحصول القبول والإجابة والتواصل مع الطرف الآخر المُتَصَل به. أما صلاة الله تعالى علينا..فهى إجابته سبحانه لصلواتنا واتصالنا..فكيف تكون الإجابة؟ " الله نور السموات والأرض "هكذا يُعْلِمنا الله تعالى..ولكل مؤمن قدر من النور فى قلبه بقدر إيمانه مهما ضؤل.يقول تعالى"مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ" يشرح ابن عباس رضي الله عنهما قوله "مثل نوره" بأنه نورالمؤمن الذي في قلبه...وقال ابن القيم:وهذا هو النور الذي أودعه الله في قلب عبده من الإيمان. ويقول تعالى فى حديث قدسى "ماوسعتنى أرضى ولا سمائى..لكن وسعنى قلب عبدى المؤمن"..فالقلب هو الحامل لنورالله..فنحن عندما نصلى لله تعالى تتصل قلوبنا وأرواحنا بخالقها..النافخ من روحه فينا" فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ". فبقدر إيماننا يسكن نورالله تعالى قلوبنا فتنعكس علينا الأنوار فنكتسب من صفاته سبحانه .فلله تعالى صفات جمال (كالرحيم والكريم والحليم و...) وصفات جلال (كالجبار والقهار والمميت و...) وصفات كمال (كالصمد والرحمن ومالك الملك و...).وعندما تنعكس أنوارالله تعالى على قلوبنا وأجسادنا وقت صلاتنا واتصالنا..تسكن قلوبنا قدرا من صفات الجمال كالرحمة والكرم والعدل والحلم والصبرو...وبقدربعدنا عن الاتصال بمنبع النور..تظلم قلوبنا وتتصف بعكس صفات الله وهى صفات الإنسان الطينية كالبخل والأنانية والظلم والقسوة والجهل وسوء فهم و...فيتمكن الشيطان من القلوب ويغرينا بمنازعة الله تعالى فى صفات جلاله سبحانه التى لاتنبغى لأحد غيره والتى تورث المعصية والكفر كالكبروالجبروت والعلو والإلوهية. هكذا يخرجنا الله تعالى بصلاته علينا من الظلمات إلى النور. والنور الذى يظهرعلى وجه المُصَلِّى ليس وهما..بل هو موجات كهرومغناطيسية تسمى "هالة الطاقة" رصدتها الأجهزة العلمية الدقيقة باستخدام أشعة خاصة..فرصدت إحاطة وجه المصلى بهالة بيضاء والغاضب بهالة حمراء . وصلاة الله تعالى على رسوله تعنى أن يتجلَّى سبحانه عليه وعلى روحه الشريفة حتى فى برزخه ليزيده من أنواره وصفاته الحسنى نورا على نور وحسنا فوق حسنه وليرفع قدره أكثر فأكثر استحقاقا للوسيلة والفضيلة والدرجة العالية الرفيعة والمقام المحمود..فلا قدر ولانهاية لمقامات الرفعة عند الله تعالى . ويقول المصطفى "من صلىَّ علَىََّ مرة صلى الله عليه بها عشرا "أى إننا كلما صَلَّينا عليه وطلبنا من الله تعالى أن يمده بمزيد من الشحنات النورانية..استجاب سبحانه فأمده بما يليق به من أنوار الوصل..وأمد المصلىِّ على المصطفى عشر دفعات من النورالإلهى .