بعد أن مضى عيد الأضحى المبارك ومن قبله العشرة الأوائل من ذى الحجة يظل بداخل كل من حرص على الاستمتاع ببركة هذه الأيام المباركة عبر إحيائها بمختلف أشكال الطاعات وبالقراءة الدينية، تظل بداخله حالة من الروحانيات النقية التى تغسل الروح وتجعلها تتعلق بأمور ربما نعبرها ولا نتوقف أمامها فى أيام أخرى. من الكتب الإسلامية التى قرأتها خلال هذه الأيام العطرة الماضية كتاب: «الإنسان وعالم الملائكة»، للأستاذ الدكتور «أحمد شوقى إبراهيم»، وقد ورد عبر صفحاته سؤال قد يتبادر إلى ذهن البعض حول كيف يصلى الله سبحانه على النبى صلى الله عليه وسلم: أما الإجابة فكانت كما يلى: بعض العلماء قالوا: الصلاة فى اللغة بمعنى الدعاء، ولكن هذا فى صلاة الله على النبى محال، لأن الدعاء معناه طلب منفعة له من الغير، والله تعالى لا يطلب منفعة لنبيه من أحد من خلقه. فصلاة الله على النبى لها معنى آخر. لذلك سألوا النبى صلى الله عليه وسلم: كيف يصلى الله عليك يارسول الله، قال: «هذا فى علم الله المكنون، ولو أنكم سألتمونى عنه ما أخبرتكم به». نفهم من الحديث الشريف أن الله عز وجل لم يأذن لرسوله بالجواب عن هذا السؤال، لأنها خصوصية بينه وبين رسوله، لا يحق لأحد من العباد الاطلاع عليه. وقد يكون: رفع شأن النبى صلى الله عليه وسلم فى العالمين جميعا أو تشريف مكانته فى الملأ الأعلى، أو إفراده بالشفاعة يوم القيامة، أو إبقاء شريعته إلى يوم الدين، أو تكون صلاة الله تعالى على النبى بمعان أخرى الله ورسوله أعلم بها. إنما كيف تصلى الملائكة على النبى صلى الله عليه وسلم، سؤال آخر جاء الرد عليه فى الكتاب نفسه كما يلى: ذكر العلماء الكثير من الأقوال فى الإجابة عن هذا السؤال، ولكن الجواب الذى نراه صحيحا هو أن الملائكة تصلى على النبى كما نصلى عليه نحن، وهو أن تسأل الله تعالى أن يصلى عليه. يقولون: «اللهم صلى على النبى»، أو يقولون: «صلى الله على محمد. صلى الله عليه وسلم». الله وملائكته يصلون على النبى، ويصلون أيضا على المؤمنين، فما الفرق: الفرق بين الصلاتين كبير: صلاة الله وملائكته على النبى هى كما ذكرنا. أما صلاة الله وملائكته على المؤمنين فبهدف إخراجهم من ظلمات الجهل إلى نور الإيمان. كما قال تعالى: «هو الذى يصلى عليكم وملائكته ليخرجكم من الظلمات إلى النور وكان بالمؤمنين رحيما» (الأحزاب 43). فالصلاة من الله على المؤمنين رحمة، وصلاة الملائكة عليهم استغفار. وقد ذكر ابن القيم الجوزية رحمه الله فى كتابه «جلاء الأفهام فى فضل الصلاة والسلام على خير الأنام» فوائد عديدة للصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم، منها: أنها امتثال أمر الله تعالى. وموافقة الله سبحانه وتعالى فى الصلاة على النبى صلى الله عليه وسلم، وإن اختلفت الصلاتان. وأيضا موافقة الملائكة فيها. يُرفع العبد بها عشر درجات. يُكتب له بها عشر حسنات. يُمحى له بها عشر سيئات. إنها سبب طيب المجلس. وسبب نفى البخل عن العبد. كما أنها سبب خروج العبد من الجفاء. وسبب لهداية العبد وحياة قلبه. وهى سبب لإبقاء الله سبحانه وتعالى الثناء الحسن للمصلى عليه بين أهل السماء والأرض. اللهم صلى على محمد وعلى آله وصحبه وسلم.