لعدم اختصاص، الإدارية تحيل 10 طعون بالجولة الأولى من المرحلة الثانية لانتخابات النواب للنقض    رئيس الشعبة ل المواطنين: الدواجن سليمة ومفيش أي داعي للقلق    الحقيقة والواقع    «نقف معها جنباً إلى جنب».. روسيا تحذر أمريكا من التصعيد ضد فنزويلا    أول ظهور لمحمد صلاح بعد أزمته مع سلوت وليفربول.. صور    أدميرال أمريكي أمام الكونجرس: وزير الحرب أمر بقتل جميع الأشخاص على متن القارب    كأس العرب| تونس تفوز على قطر ويودعان من دور المجموعات    الداخلية تكشف حقيقة خطف فتاة بصفط اللبن: تركت المنزل بإرادتها بسبب خلافات أسرية    6 مدن أقل من 10 درجات.. انخفاض كبير في درجات الحرارة غداً    ياسمينا العبد تحتفل بعرض أولى حلقات مسلسل «ميد تيرم» | صور    "مش هاشوفك".. مصطفى قمر يطلق خامس أغاني ألبومه "قمر 25"    ثلاثة فى خدمة الاحتلال الإسرائيلى    إخوان أوروبا فى مصيدة الإرهاب    وزير الاتصالات يعلن عن مشروع «إحلال كابلات الألياف الضوئية محل النحاسية»    تخفيف الحمل البدني للاعبي الزمالك قبل مباراة كهرباء الإسماعيلية    «لا للتنمر ضد ذوي الإعاقة».. ندوة لمواجهة آثار وسلبيات التنمر    كشف ملابسات فيديو عن إجبار سائقين على المشاركة في حملة أمنية بكفر الدوار    ضبط سيارة منتهية التراخيص في الزقازيق بعد حادث استعراض    وليد جاب الله: مصر تحقق أعلى نمو فصلي منذ 3 أعوام | فيديو    حماية النيل من البلاستيك    نيللي كريم تعلن بدء تصوير مسلسل "علي قد الحب "    وزير الثقافة يشارك فى أسبوع «باكو» للإبداع    بدعوة من الإمام الأكبر |ترميم 100 أسطوانة نادرة للشيخ محمد رفعت    لقيمتها الغذائية العالية، قدمى الجوافة لطفلك في هذه السن    وزير الصحة ينفى انتشار أى فيروسات تنفسية جديدة أو فيروس ماربورغ.. خالد عبد الغفار: الوزارة تمتلك 5500 منشأة تعمل ضمن منظومة الترصد القائم على الحدث.. ويؤكد: لا مصلحة فى إخفاء معلومات تتعلق بانتشار أى مرض    بعد فيديو ضرب ولي أمر.. "تعليم الإسكندرية" تفصل طالبات المدرسة التجارية والنيابة تحقق مع الأم في واقعة حيازة سلاح أبيض    خبر في الجول – مصطفى محمد يلحق بمنتخب مصر في مواجهة نيجيريا الودية    الأهلي يقترب من ضم يزن النعيمات لتعزيز الهجوم    تأجيل محاكمة 5 متهمين بخلية النزهة    محافظ القاهرة: تبرع بقيمة 50 مليون جنيه لدعم إنشاء المجمع الطبي لجامعة العاصمة    بكين تعلن عن ثالث مناورة مشتركة مع موسكو في مجال الدفاع الصاروخي    ميرفت القفاص: عمار الشريعي الغائب الحاضر.. وصندوق ألحانه ما زال يحمل كنوزا    الجامعة البريطانية بمصر تشارك في مؤتمر الطاقة الخضراء والاستدامة بأذربيجان    الدباغ وحمدان ضمن تشكيل فلسطين في كأس العرب    مدبولي يتابع مشروعات تطوير قطاع الغزل والنسيج والاستغلال الأمثل لبعض الأصول    طب الإسكندرية تُطلق قافلة طبية شاملة لخدمة مركز التأهيل المهني بالسيوف    كمال درويش يهاجم شيكابالا: أنت معندكش خبرة إدارية عشان تتكلم عن مجلس الزمالك    صبغ الشعر باللون الأسود: حكم شرعي ورأي الفقهاء حول الاختضاب بالسواد    وزير الصحة: اللقاح الموسمي فعال وفيروس "ماربورج" غير موجود في مصر    وزير الخارجية: إسرائيل عليها مسئولية بتشغيل كل المعابر الخمس التي تربطها بقطاع غزة    صحة الشيوخ تدعو خالد عبد الغفار لعرض رؤيته في البرامج الصحية    جامعة أسيوط تُكثّف استعداداتها لانطلاق امتحانات الفصل الدراسي الأول    اختبار 87 متسابقًا بمسابقة بورسعيد الدولية لحفظ القرآن بحضور الطاروطي.. صور    هيئة الرقابة المالية تُلزم صناديق التأمين الحكومية بالاستثمار في الأسهم    باحث يرصد 10 معلومات عن التنظيم الدولى للإخوان بعد إدراجه على قوائم الإرهاب    الأرصاد تكشف خرائط الأمطار اليوم وتحذر من انخفاض درجات الحرارة في عدد من المحافظات    وزارة التضامن: فريق التدخل السريع تعامل مع 519 بلاغا خلال شهر    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأحد 7-12-2025 في محافظة الأقصر    روجينا تعلن انطلاق تصوير مسلسل حد أقصى رمضان 2026 .. "بسم الله توكلنا على الله"    السيطرة على حريق مخزن سجاد وموكيت فى أوسيم    وزير الري: التحديات المائية لا يمكن التعامل معها عبر الإجراءات الأحادية    نور الشربيني تتوج ببطولة هونج كونج للاسكواش بعد الفوز على لاعبة أمريكا    ضبط 69 مخالفة تموينية متنوعة فى حملة مكبرة بمحافظة الفيوم    «صحح مفاهيمك».. أوقاف الوادي الجديد تنظم ندوة بالمدارس حول احترام كبار السن    وزير الصحة يستعرض تطوير محور التنمية البشرية ضمن السردية الوطنية للتنمية الاقتصادية    قطاع الملابس والغزل يبحث مع رابطة مصنّعي الآلات الألمانية التعاون المشترك    دعاء الفجر| اللهم ارزقنا نجاحًا في كل أمر    محمد صلاح يفتح النار على الجميع: أشعر بخيبة أمل وقدمت الكثير لليفربول.. أمى لم تكن تعلم أننى لن ألعب.. يريدون إلقائي تحت الحافلة ولا علاقة لي بالمدرب.. ويبدو أن النادي تخلى عنى.. ويعلق على انتقادات كاراجر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الرسالة الثانية بعد الألف
نشر في الأهرام اليومي يوم 12 - 12 - 2014

بابا... أكتب لك هذه الرسالة، وهي الرسالة الثانية المنشورة فى هذا المكان، لكنها ربما تكون الرسالة الثانية بعد الألف التي أقولها لك بعد تغيبك. لا أعلم هل سأكتب لك باللغة العامية التي تحبها – هو كان مسميها لغة – أم باللغة العربية الفصحى؟ على أي حال، سأترك الأمر يسير كيفما اتفق. بابا.. مر عام بأكمله، كل يوم أنتظر عودتك، كل يوم أتحدث معك، كل يوم أطلب منك العودة، كل يوم أتشاجر معك، كل يوم أقول لك بعض رسائل الحب، بعض رسائل الغضب، أذكرك بأشياء جميلة بيننا، عل قلبك يرق لحالي وتعود، ثم أعود وأذكرك بحركات نص كم فعلتها معي، عسى أن تشعر بالذنب، وتقرر أن تصحح خطأك وتعود... لكنك لم تأت بعد، وأنا لا أرى أنك محق فيما تفعله، أنت مخطئ يا بابا... يا بابا أنت مخطئ، خالص بقى، ويجب عليك إعادة النظر في موقفك هذا.
حقيقة، فكر في الأمر، دي حركات محترمة يعني؟ يعني أنت كده بقيت جدع مثلا؟
خلاص، علمت أن الناس تحبك، علمت أن الجميع حزين عليك، علمت أن هناك ناسا أولاد حلال، وآخرين أولاد..... حلال برضه، وأظن أن هذه التجربة هي الوحيدة التي كانت تنقصك، وآديك جربتها، مش خلاص كده؟
بابا..
أنت عملت فيا مقلب وحش قوي يا بابا، وورطتني توريطة زي الطين، يا بابا أنت كنت ماشي تلم عاهات مستديمة حواليك، وأنا الآن ملزمة بتحمل هذه العاهات المستديمة، لا طاقتي بحجم طاقتك، ولا قدرتي مثل قدرتك، ولا نفسي بطول نفسك.... ارحمني بقى، ثم إنه لست أنا من جلبت هذه العاهات المستديمة حتى أتحملها، شيل جلبتك.
بابا..
أنا اتدبست.
لقد حكيت لك عن أشياء كثر حدثت في غيابك، أشياء جميلة كنت أرغب في مقاسمتك إياها، وأشياء سخيفة، سخيفة، سخيفة، وأحيانا حزينة، كنت أرغب في أن تخففها عني، ثم إنك عادة ما تتفاءل بلا أي مبررات واضحة، وعادة لا أنصت إليك، طيب أنا مستعدة أنصت الآن يا بابا، الآن يمكن أن أسكت وأنصت وأنت تتكلم بدون أن أقاطعك بحماس ونزق وأقول لك: لأ... ماليش دعوة... الآن سأسمعك.
حين تعود، سأتركك تتحدث وقتا طويلا جدا، بدون توقف، وبدون أن أقاطعك إطلاقا... والله يا بابا، وعارف؟ وحاسمع كلامك كمان... شوفت أنا تطورت إزاي في السنة دي؟
بابا...
أنا كبرت.. كبرت يعني كبرت، شخت، أصبحت أقول كلام المسنين، وأتصرف تصرفات المسنين، وأفكر مثل المسنين.
بابا...
عم أحمد سيف الإسلام عمل نفس عملتك دي اللي مش عارفة أقول عليها إيه؟ هو ذهب لمكان ما، في توقيت غير مناسب بالمرة، وبصراحة رازى في سناء وعلاء وأنا ما رضتش أتكلم ساعتها عشان ما أشيلهمش منه. هل قابلته؟
لو إنك قابلته فمعنى ذلك إن كلام الناس صحيح، وأنكما ذهبتما إلى مكان لا يعود الناس منه.
حتى الدكتورة رضوى اللي باقول عليها عاقلة عملت نفس العملة.
وكلنا شخنا يا بابا، وكلنا هرمنا.
لم أقابل سناء لأنها في السجن، لكنني قابلت علاء أثناء الفترة القصيرة التي خرج فيها من السجن قبل أن يعود إليه مرة أخرى، كنا في النادي السويسري، عقب أن فعل والده نفس فعلتك، وكنت أجلس أنا وهو ونتحدث وكأننا اثنان من المسنين يتجاذبان أطراف الحديث على قهوة المعاشات، حتى تميم، قابلته في عزاء الدكتورة رضوى، وكان يبدو مسنا: هالات سوداء حول عينيه، جبهة مغضنة، نظرة عجوز.
هناك شعور آخر بخلاف الفقد... لا أعلم يا بابا، ربما شعور بالغضب... أو يمكن الغل، شعور بالتورط في أشياء لم أكن مؤهلة لها... أنا ماليش أب دلوقت، يعني أنا ما بقتش صغيرة، ما بقاش ينفع أقول: يا بابا اعمل كذا... ما بقاش ينفع أقول: حابقى أقول لبابا..
في ذات مرة، تشاجرت مع زوجي، عادي يعني، مثل أي زوجين، في منتصف المشاجرة قال لي: كده مش حينفع.. هاتيلي حد أكلمه.
تردد برهة، ثم قلت: ماليش حد.
أطال الله في عمر أمي وأدامها علي نعمة وحفظ حنانها علي من الزوال... وأرجو منها ألا تفعل معي أي دقة نقص، المفروض إنها جدعة يعني، لكن أنت تعلم ما أقصد، يعني لما يحب يتكلم.
فاطمة الزهراء حضرت، وكان لابد أن ترحب بها كما يليق. فاطمة بها كثير منك، ربما ابتسامتك، أو ربما عنادك.
لا أعلم، لكنها تذكرني بك دوما.
بابا...
مبارك طلع براءة يا بابا.. أنت وسيف ورضوى رحتوا المكان ده، ومبارك قاعد، وواخد براءة، وغالبا مبارك ده من «المُنظرين»، يعني نفخة الصور الأولى حتبقى وهو قاعد في الدنيا.
وللعلم، حتى لو حدثت المعجزة ومات مبارك، لن يصدق أحد، وربما طلبوا من السلطات عرض جثته على الملأ حتى يتأكد الجميع من وفاته، ده إذا توفى أصلا، خد براءة بأقولك.
خد براءة يا بابا.. أنا مش عارفة لما ترجع وتعرف الموضوع ده حتعمل إيه؟
….
أم زينب حالتها صعب قوي يا بابا... قوي... أنا خايفة عليها، صحتها في النازل، وليس في وسعي فعل أي شيء بشأنها.
عفاف دخلت العناية المركزة.
زينب لسعت... لا... أكتر ماهي لاسعة أصلا، أنا كنت فاكرة إنها لما تلسع فوق لسعانها العداد حيصفر ويمكن تعقل... بس دي واصلة لمرحلة ما بعد الحداثة.
أصحابك... لك أصحاب كثر لا ينسونك أبدا... وأصحاب متألمون دوما ويخفون ألمهم عني حتى لا يزيدوا ألمي.
وأصحاب تشاجروا معك وكانوا يظنونك لا تموت ويمكنهم مصالحتك في أي وقت.
وأصحاب يقولون عنك: عم أحمد الله يرحمه... وحين يقولون «الله يرحمه» لا أعلم عمن يتحدثون بالضبط؟
ولك أناس... اللي هم العاهات المستديمة دي... يا بابا أنا ما أقدرش أستحمل ناس تفترس مخي بالطريقة دي.
فاكر لما كانوا يستلموك وينزلوا فيك رغي لحد ما تقع نايم؟ أنا ما استحملش... جهدي على قدي.
صحيح يا بابا...
أتعلم من فاز بجائزة أحمد فؤاد نجم لشعر العامية؟ مصطفى إبراهيم... مصطفى بتاع فلان الفلاني اللي كنت كل شوية تشتمه من فرط الإعجاب. آه والله... مش كده؟ أنا كنت متأكدة إنك حتفرح.
على فكرة الواحد محرج قوي من نجيب ساويرس، الراجل ده عمل لك أكتر حاجة تفرحك، جائزة شعر العامية، ولدي أمل أن تصبح جائزة أحمد فؤاد نجم لشعر العامية هي الأكبر في العالم، وطلع مخلص بجد، ومش مستفيد منك بحاجة، وأنت معرفتك تشبه يا بابا ما تفيدش، وأنا الصراحة كنت زمان نزلت عليه حتتك بتتك... الواحد مش عارف كده، ساعات كده تاخده الحمية، هو أنا عملت معاه كده ليه؟ يعني لازم كنت أطلع عليه كراسات لينين اللي باسل رمسيس سلفها لي أقراها؟
يالا بقى أهو نصيبه... بس أنا شكرته بقى... والله.
بالنسبة لمصر... إيه بقى؟
إيه التدبيسة دي؟
باقولك إيه.. مافيش أمل على فكرة.. وأوعى أسمعك تقولي: ما تخافيش على مصر يا نوارة... أنا شوفتك في المنام وأنت بتقولي: يا مصر أنت اللي باقية وأنت أصل الأماني.
لكن لا تقل لي: ما تخافيش على مصر...
ولا أخاف ولا أنيل... هي حرة بقى، يعني أنا حاخاف عليها أكتر ما هي حتخاف على نفسها، خليها على هواها.
لكنني تورطت، بشدة. وآن لك أن تعود لتحمل عني تبعات هذه الورطة.
بابا...
كان يجب عليك أن تفكر مليا قبل أن تقدم على خطوة كهذه. الأمر لا يحتمل المزاح، ولا يقف عند كونه «طق في مخك» فقررت أن تنفذه.. كان واجب عليك أن تراجع من حولك على الأقل، وعلى فكرة، مايكل عادل قال لي عما قلته أنت، ولو كان قال لي وقتها لكنت اتخذت معك إجراء شديد اللهجة، لكنه للأسف أخبرني بعد أن نفذت ما عنّ لك... قال لي إنك قلت له: أنا لو مت دلوقت مش حازعل.. فأجابك: بعد الشر يا عم أحمد احنا اللي حنزعل.. فقلت له: ما تزعلوا ولا تتفلقوا المهم أنا مش حابقى زعلان!!!
كده؟
بقى هي كده؟
وبالطبع لم تجرؤ أن تتحدث بحديث لا مسئول كهذا أمامي، لكنك قلته لمايكل، وأنا عاتبة على مايكل لإنه لم يخبرني وقتها، ولو كان أخبرني لكنت تصرفت التصرف اللازم.
يا بابا..
لقد تحملت فوق طاقتي في العام الماضي، ولا أظنني أستطيع استكمال الحياة بهذا الشكل، وأظن إنه حان الوقت كي تعود وتتحمل مسئولياتك.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.