قال منير الزاهد، رئيس بنك القاهرة، ان البنوك مستعدة وجاهزة لتمويل المشروعات الاستثمارية فى كل القطاعات طالما توافرت لها الجدوى الاقتصادية،لافتا الى امتلاك البنوك فى مصر كل المقومات وفى مقدمتها حجم السيولة الذى يتجاوز 700 مليار جنيه، الى جانب الخبرة والكفاءة التى تميز القطاع المصرفى فى مصر كواحد من افضل واكفأ المؤسسات. وأضاف فى حوار مع الاهرام ان هناك توقعات قوية بانتعاش تدفق الاستثمارات المحلية والاجنبية بعد انعقاد المؤتمر الاقتصادى الدولى بشرم الشيخ فى منتصف مارس المقبل، لافتا الى أن أهمية المؤتمر فى انه يتزامن مع التحسن فى مؤشرات الاداء الاقتصادى، خاصة مع رفع التصنيف الائتمانى لمصر للمرة الاولى بعد سلسلة تخفيضات اعقبت الثورة بسبب الاضطرابات، ودعا الى اهمية استكمال الحكومة الاجراءات التى تعكف عليها فى الوقت الراهن من اجل تحسين مناخ الاستثمار، مع ضرورة اعداد دليل للاستثمار فى كل قطاع يكون بمثابة مرجع مهم لدوائر الاستثمار لاختصار الجهد والوقت، وتفعيل اقامة المشروعات التنموية بنظام المشاركة بين القطاع العام والخاص «بى بى بى» للاسراع بدفع مشروعات التنمية ودفع معدلات النمو وتوفير فرص العمل خاصة فى ظل تفاقم عجز الموازنة العامة للدولة.. والى نص الحوار: كيف تقرأ مؤشرات الاداء الاقتصادى فى الوقت الحالى؟ هناك تطور جيد والدليل رفع مؤسستى موديز وستاندرد اند بورز للتصنيف الائتمانى لمصر، وهو استحقاق ننتظره كمؤشر يعكس بدء تعافى الاقتصاد، حيث من المتوقع ان يتبعه مردود جيد على مستوى البنوك وتعاملاتها الخارجية من خلال خفض تكلفة التعامل، وكذلك على مستوى تدفق الاستثمار وهذا هو الامر المهم الذى نستهدفه. واعتقد ان هذه بداية واول درجة السلم ويجب ان يستمر التحسن التدريجى للتصنيف الائتمانى، وما يدعو للتفاؤل هو ان الحكومة تعكف على تطوير بيئة الاستثمار ومراجعة البيئة التشريعية والتنظيمية والتنفيذية الحاكمة لمناخ الاعمال، وهو ما سيسهم بدوره فى رفع تنافسية السوق المصرية وحصولها على نصيبها المناسب من تدفق الاستثمار الخارجى. من وجهة نظرك ماهى الإجراءات التى يجب اتخاذها لتنشيط الاستثمار؟ اعداد دليل استثمار فى كل قطاع من القطاعات الاقتصادية يكون بمثابة مرجع عملى للمستثمر سواء فى الطاقة او الزراعة واستصلاح الاراضى او الصناعات الهيدروكربونية والصناعات النسجية والغذائية وكذا فى مجال التطوير العقارى، وهذا الدليل يشتمل على كل الاجراءات القانونية التى تنظم الاستثمار فى هذا المجال، وكذلك كيفية الحصول على الاراضى اللازمة لاقامة المشروع.. وسوف يفتح الباب ايضا امام تدفق واسع للاستثمار فى هذه القطاعات. ومن المهم تفعيل قوانين المشاركة بين القطاع العام والحكومى والخاص لاقامة المشروعات التنموية بما يدفع معدل النمو ويسرع فى تنفيذ المشروعات وضخ مليارات الاستثمارات فى شرايين الاقتصاد، خاصة فى ظل عجز الموازنة العامة، وهناك تجارب دول عديدة وناجحة فى هذا الشأن وفى مقدمتها بريطانيا التى تعتبر من الدول الرائدة فى هذا المجال واستطاعت ان تقيم مشروعات كبيرة فى كل القطاعات من البنية الاساسية ومترو الانفاق الى حديقة الحيوانات والسجون والمدن الرياضية .. ولدى مصر فرص واعدة فى مجالات عديدة لتفعيل نظام المشاركة «او بى بى بى»، لاقامة مشروعات التنمية بما يحقق طفرة اقتصادية دون ان يحمل الموازنة العامة اعباء ليست فى قدراتها حاليا. شريطة ان يكون هناك وضوح تام فى التشريع يتلافى حدوث منازعات بما يطمئن المستثمر على امواله ويضمن حقوق الدولة. هل تأثرت البنوك بالأوضاع الصعبة التى مر بها الاقتصاد؟ نفتخر بان لدينا قطاعا مصرفيا قويا يعد من اقوى المؤسسات فى البلاد بفضل تحديث البنك المركزى لاستراتيجية العمل المصرفى التى عززت من قدرات القطاع المصرفى، حيث تطبق البنوك المعايير المصرفية العالمية، وبازل 2 من كفاءة رأس المال الى مبادئ الحوكمة وتكوين المخصصات الى جانب حجم السيولة الضخم، اضافة الى النظم المحاسبية الدولية، وتطبيق افضل التقنيات العالمية.. وقد نجحت البنوك فى الحفاظ على الاستقرار المالى للبلاد رغم الصعوبات الكبيرة التى واجهتها على مدى 3 سنوات ونصف السنة، الى جانب تأمين احتياجات البلاد من فتح الاعتمادات واستيراد السلع الاساسية رغم التراجع الكبير فى ايرادات السياحة وتدفق الاستثمار الاجنبى، مع الحفاظ على قيمة العملة الوطنية من الانهيار كما هى الحال فى غالبية الدول التى مرت بظروف واوضاع مصر خلال الفترة الماضية.. ولقد كان النجاح الذى حققته شهادات قناة السويس تتويجا للجهاز المصرفى وشهادة على كفاءته . هل يمكن تكرار تجربة شهادات قناة السويس فى تمويل مشروعات اخرى ولتكن اقامة محطات توليد الطاقة؟ كل مشروع يدرس على حدة من حيث تكلفته ومكونات الاستثمار ورأسماله والاقتراض الخارجى وفترة السداد والتدفقات النقدية وظروف ومواصفات الانتاج.. وشهادات قناة السويس كانت تتميز بسمات خاصة، فالقناة مرفق حيوى تصل ايراداته الى 5٫3 مليار دولار سنويا بما يمكنها من استيعاب الشهادات وفوائدها واستردادها بعد 5 سنوات، اى لديها قدرة على استهلاك القرض وعوائده خلال هذه الفترة، اضافة الى الثقة لدى المجتمع.. وهذا الامر لا يتوافر مع باقى المشروعات. ويحضرنى فى مشكلة الطاقة تجربة المانيا عندما واجهت ازمة فى ثمانينات القرن الماضى فقامت باصدار قانون يسمح للدولة بشراء الطاقة من كل من لديه اراض ويقوم بانشاء محطات لتوليد الطاقة عليها سواء من الرياح او الشمسية، مع التزام الدولة بتوصيل فائض انتاجه الى الشبكة القومية للدولة ووضعت تسعيرة محفزة لشراء الطاقة. هل لديكم استعداد لشراء محفظة «سيتى بنك» فى التجزئة المصرفية فى السوق المصرية؟ نرحب بالدخول فى المنافسة عليها واية فرص استثمارية اخرى موجودة، خصوصا ان بنك القاهرة رائد فى مجال التجزئة المصرفية ولديه خبرات كبيرة فى هذا القطاع وقدرة على تقييم وتقدير قيمة هذه المحفظة وجودتها. وبصفة عامة نرحب بالمنافسة على هذه المحفظة ولكن ليست هناك بيانات حتى الآن ولم يتم الاعلان رسميا عن ذلك، كما لم يعلنوا عن اسلوب بيع وتصفية هذه المحفظة، هل سيتم على مستوى كل قطاع، اى السيارات بمفردها والقروض الشخصية بمفردها.. فالبنك لم يفصح الى الآن عن اسلوب التعامل مع المحفظة والاصول لديها بشكل محدد. ماهى أهم ملامح استراتيجية العمل خلال الفترة المقبلة، خاصة مع توقعات قوية بانتعاش السوق؟ نستهدف تحقيق معدلات نمو فى كل القطاعات بنحو 15% بما يتواكب مع مؤشرات التحرك فى السوق وبدء تعافى الاقتصاد وتصل الى 20% فى حجم القروض لبعض المنتجات وبصفة خاصة تمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة والمتناهية الصغر بغرض توفير فرص العمل، وبشكل عام فان مؤشرات الاداء المالية تعكس المضى قدما فى تحقيق هذه الاهداف، حيث تم تحقيق نمو 53٫83% فى الربح ليصل الى 923 مليون حتى نهاية اغسطس الماضى مقارنة ب600 مليون خلال نفس الفترة من العام الماضى، كما وصل العائد على متوسط الملكية 37٫59% مقارنة ب30٫37% بنسبة نمو 7٫22% وتركزت معظم الارباح فى النشاط الاساسى للبنك، وبلغ العائد على رأس المال 86٫53% مقارنة ب56٫25%. هل تم انجاز شوط كبير فى تنفيذ مبادرة البنك المركزى فى التمويل العقارى؟ هناك اقبال كبير على التمويل العقارى ولكن هذه الطلبات لابد ان تتم مراجعتها وفحصها من صندوق التمويل العقارى ولكن نتيجة الاعداد الكبيرة فان الفحص يستغرق وقتا طويلا، كما ان حجم الوحدات المعروضة التى تم بالفعل بناؤها وتوصيل المرافق لها فى الاسكان محدود الدخل والمتوسط لايتواكب مع حجم الطلب الموجود، ولكن مبادرة المركزى فى التمويل العقارى مهمة وتخدم هذه الفئات بسعر فائدة منخفض وبتقسيط على فترات طويلة، وسيسهم فى تنشيط الاقتصاد لاهمية قطاع الاسكان والمقاولات وارتباط صناعات وخدمات عديدة بنشاطه. تعهد محافظ البنك المركزى بالقضاء على السوق الموازية خلال فترة وجيزة.. فما تفسيرك لارتفاع الدولار فى هذه السوق خلال الايام الماضية؟ البنك المركزى لديه الكفاءة والادوات التى تمكنه من ضبط واستقرار سوق الصرف، حيث حافظ على قيمة الجنيه طوال السنوات الصعبة الماضية، والآن الاقتصاد فى طريقه للتعافى وبالتالى فان قدرة البنك المركزى تتضاعف فى ضبط ايقاع السوق، خاصة فى ظل تحسن حركة السياحة، والتوقعات بعودة تدفق الاستثمار الخارجى خلال الاشهر المقبلة خاصة بعد المؤتمر الاقتصاد فى مارس المقبل. والحقيقة ان البنوك توفر الدولار لاستيراد السلع الاساسية ومستلزمات الانتاج، ولا توجد قوائم انتظار لدينا لفتح الاعتمادات فى هذا الصدد، وارتفاع الدولار خلال الفترة الماضية فى السوق الموازية ناتج عن شراء الذهب بسبب انخفاض سعره عالميا وهو ما ادى الى تزاحم المشترين للذهب الى شراء الدولار وتدبيره من السوق الموازية. وعموما فهو ارتفاع مؤقت.. والسوق الموازية مآلها الزوال والذين يراهنون على اكتناز الدولار يتكبدون خسائر ضخمة فالفجوة كبيرة بين سعر الفائدة على الجنيه التى تصل الى 10٫5% وعلى الدولار الذى لا تتجاوز نصف فى المائة. هل هناك هجرة لبعض الكفاءات من البنوك العامة.. وكيف يمكن التغلب على اثرها؟ النشاط المصرفى قائم على الكفاءات وهى المحرك الرئيسى لنجاح اى عمل مصرفى.. والسوق متحركة، فى اى وقت من الجائز ان يكون هناك معدل دوران سواء على مستوى المصرفيين او القيادات المصرفية.. ولكن الشىء المهم هو كيفية مواجهة هذا الامر من خلال التدريب والتحفيز باعداد الخبرات لتقليل الاثر الناتج عن ذلك.. بعبارة اخرى نحن نواجه تحديات فى هذا المجال ولابد من عمليات تدريب واعداد للكفاءات.