إقامة مدينة توشكى الجديدة حلم طال انتظاره لتفعيل مشروع مصر الكبير فى الجنوب ضمن المشروعات القومية ، وقد بدأت ملامح تحقيق الحلم تتضح ، حيث بادر الرئيس عبد الفتاح السيسى بقرار لاقامة المدينة اعتبارا من أول يناير المقبل بعد تنفيذ البنية الأساسية . لتقام على مساحة 3 آلاف فدان فى مرحلتها الأولى ضمن 10 آلاف فدان فى امتدادها المستقبلى ، وبتكلفة مبدئية تصل إلى 400 مليون جنيه للبنية الأساسية ، ولتستوعب نحو 80 ألف نسمة ،لتكون قلعة صناعية فى الجنوب ومركزا للنشاط التجارى والسياحى والخدمى ، إضافة لدورها الحيوى فى استصلاح نحو 540 ألف فدان ، لتصبح بوابة التنمية فى الجنوب. بداية يوضح الدكتور أحمد عبد الوهاب رزق أستاذ العمارة بهندسة طنطا أن المدينة الجديدة تقع على بعد 55 كيلو مترا من بحيرة ناصر، وأن المخطط التنفيذى للمدينة يشمل إقامة المبانى من نوعية الإسكان المتوسط ويتكون المبنى السكنى من دور أرضى ودورين علويين وفق نموذجين للعمران الصحراوى الذى يراعى ارتفاع الحرارة الشديد فى هذه المنطقة والتى تتعدى 50 درجة، مع توقع التوسع فى المدينة إلى 5 أضعاف المساحة الحالية، والحرص على توفير الخدمات والأنشطة، لتكون مدينة خدمية وإدارية وصناعية وترفيهية وتعليمية أيضا، حيث من المقرر إنشاء جامعة ومعاهد تعليمية ومراكز بحثية ومستشفى مركزى مع الحرص على الطابع العمرانى المناسب للبيئة الحارة فى الاتجاهات المناسبة لحركة الهواء مما يستوجب الاعتماد على «التبريد الذاتى للمبني» سواء بإقامة «ملاقف» الهواء أو السماح بالرطوبة بباطن الأرض بالتبريد دون مكيفات، على أن تشمل المراحل التالية التوسع فى اقامة القرى التابعة وتعميرها، لجذب التجمعات الريفية التي ستنشأ فى مناطق الاستصلاح. 11 مشروعا وقال أستاذ العمارة إن المدينة الجديدة ترتبط بإقامة 11 تجمعا تعتمد على الزراعة ، ضمن مشروع استصلاح المليون فدان التى أعلن عنها الرئيس السيسى ، وهى فى نفس الوقت تخدم التجارة مع دول القارة جنوبا ، واحياء حركة القوافل التجارية بما يسهم فى ازدهار نشاط مصر بالجنوب والذى كان يركز عليه الفراعنة فى حضارتهم وهو مايجعل منطقة توشكى هي المستقبل المزدهر للجنوب مع دول الجوار من امكانات تتكامل من حيث النشاط الزراعى والتجارى والصناعى المصرى ، إضافة إلى تميز المنطقة بإنتاج محاصيل خالية من الكيماويات والمبيدات لتباع فى الأسواق العالمية بثمانية أمثال الأسعار العالمية كما يمكن لأنشطة المنطقة أن تكون منطقة جذب لنحو 200 ألف مواطن بين مقيم ووافد، فى مجالات متنوعة مثل محطات الوقود ومراكز للتسويق، وأخرى لتجميع المنتجات الزراعية، والصناعات القائمة عليها، ومحطات لفرز وتعبئة المحاصيل، وثلاجات عملاقة لحفظها استعدادا للتصدير، مما يستوجب إقامة مطار يستوعب كل هذه الأنشطة. طوب القش ومن جانبه، يقول الدكتور تامر أكمل أستاذ ورئيس قسم العمارة بإحدى الجامعات الخاصة ، أنه وفق خطة إقامة المدينة الجديدة، فإنه يتعين إقامة الأبنية من طوب له مواصفات خاصة فى عزل الحرارة عن المبانى باستخدام المنظومة الجديدة بطوب القش الأسمنتى العازل بدرجة الضعف عن الطوبة العادية ، متوازيا مع الطوب الرملى الخفيف مما يخفض الحرارة بنحو30% على الأقل فى داخل المبنى، وتزيد على ذلك إذا كان البناء على طوبة واحدة وليس نصفها، وكذلك تطبيق نظام المناخ المصغر بداخل المبنى ضمن تطبيق نظام عمارة المناطق الحارة، بحيث تكون الفتحات الخارجية صغيرة، والداخلية واسعة مثل الأحواش، وملاقف الهواء، مع زراعة مساحات بنظام زراعة الأسطح ، وإقامة بواكى أمام الأبنية مع امكانية تغطية الشوارع ، لتكون منطقة جذب سكنى واستقرار معيشى وتحقيق الهدف الأساسى من التنمية والإكتفاء الذاتى وتصدير منتجاتها المتميزة للخارج مباشرة ، مع ضمان توفير احتياجاتها من المياه الواردة من نهر النيل لتعويض النقص فيها من المياه الجوفية التى تقع على عمق 50-80 مترا بدرجة ملوحة منخفضة ، فالمياه المطلوبة للمدينة سنويا 750 لترا مكعبا فى الثانية تنفذ وفق مراحل المشروع، بإقامة محطة ميكنة زراعية وسوق تجارية ونقطة شرطة ، وكذلك محطة للصرف الصحى مزودة بالمعالجة ببحيرات أكسدة في4 مراحل، وتوفير الطاقة الكهربية التقليدية ومصادر للطاقة الجديدة والمتجددة وإقامة مستشفى مركزى، ووحدة للإسعاف السريعة ، إضافة لبرنامج لردم المخلفات الصلبة بتخصيص 76 فدانا بمعدل 320 مترا مربعا يوميا. أنواع المياه ويرى الدكتور مغاورى شحاته أستاذ بحوث المياه ورئيس جامعة المنوفية سابقا، أن نجاح مشروع توشكى سكنيا وزراعيا يرتبط بتوافر المياه بأنواعها السطحية من النيل أو الباطنية من الآبار، وهذا يتطلب الإقتصاد فى المياه مع تفاوتها سنويا فى منسوب النيل ،مع الحفاظ على منسوب مياه بحيرة السد العالى بحد أدنى 147 مترا، بحيث لا يؤثر على تشغيل توربينات الكهرباء، وأنه يحمد للدولة إقامتها طلمبات عملاقة لرفع المياه من بحيرة ناصر إلى مفيض توشكى ودفع نحو خمسة مليارات متر مكعب من المياه سنويا ممايتطلب مقاومة البخر الذى يستنفد عشرة مليارات متر سنويا من البحيرة، وضرورة مواجهة الشركات التى تتقاعس عن استصلاح الاراضى بتوشكى برغم التسهيلات الكبيرة لها، وبعد أن وفرت لها الدولة البنية الأساسية بما يتخطى ثلاثة مليارات جنيه، وحل مشكلات بعضها وتفادى المنطقة الصخرية من المشروع وهى لا تزيد على 20% المساحة الإجمالية وتخصيصها للمشروعات الصناعية والسياحية للسفاري وغيرها، كما أن إقامة المدينة يساعد على الاستقرار والإنتاج الحقيقى، فالمشروع لو أحسنا توظيفه سيغطى تكاليفه فى السنوات الأولى له وتجربته مطبقة فى بعض الدول العربية وناجحة فى أراض وعرة وأصعب من المصرية، وهناك مثيل لها فى الفرافرة وسيوة والواحات المختلفة والتى بها حياة متكاملة، كما يجب استخدام محاصيل سريعة النمو ولا تستهلك المياه مع سياسات مائية رشيدة منها الشطة الحمراء التى يبلغ ثمن الكيلو منها عشرين ألف جنيه وكذلك البردقوش المطلوب عالميا