انتخابات مجلس الشيوخ 2025، توافد المصريين على مركز الاقتراع في ألبانيا    المصريون في الرياض يشاركون في انتخابات مجلس الشيوخ 2025    جنوب سيناء تستعد لانتخابات الشيوخ ب15 مقرًا و18 لجنة فرعية    وزير قطاع الأعمال يزور طنطا للكتان ويلتقي محافظ الغربية وأعضاء النواب    النقل: استمرار تلقي طلبات تأهيل سائقي الأتوبيسات والنقل الثقيل    المحكمة الدستورية العليا تقضي بعدم دستورية الرسوم المفروضة على رسو العائمات السياحية    وزير الإسكان يتفقد وحدات «سكن لكل المصريين» بمدينة برج العرب الجديدة    الجيش الأوكراني: استهدفنا منشآت نفطية في عدة مناطق بروسيا    رئيس عربية النواب: أهل غزة يحملون في قلوبهم كل الحب والتقدير لمصر والرئيس السيسي    كل ما تريد معرفته عن وديتي الأهلي غدا أمام منتخب الشباب وبتروجيت    وديًا.. العين الإماراتي يفوز على إلتشي الإسباني    استقبال شعبي ورسمي لبعثة التجديف المشاركة في دورة الألعاب الأفريقية للمدارس    بعد اتهامه بالاغتصاب.. أول تعليق لمحاميه أشرف حكيمي    جوردون يتعاطف مع إيزاك: الناس تنسى أنك إنسان في هذا السيناريو    هايد بارك ترعى بطولة العالم للاسكواش للناشئين 2025 تحت 19 عامًا    صحة كفر الشيخ تحرر 302 محضر مخالفة للمنشآت الغذائية في يوليو    التحقيقات تكشف سبب وفاة طفل منشأة القناطر بعد العثور على جثته ببركة مياه    أمطار على 5 مناطق بينها القاهرة.. الأرصاد تكشف حالة الطقس خلال الساعات المقبلة    نقابة الموسيقيين تعلن دعمها للقيادة السياسية وتدين حملات التشويه ضد مصر    60 مليون جنيه.. إجمالي إيرادات فيلم أحمد وأحمد في دور العرض المصرية    جامعة أسيوط تقيم ندوة بعنوان علم المناعة بين الأمراض الجلدية وأمراض الروماتيزم    تعاون بين «الجمارك وتجارية القاهرة».. لتيسير الإجراءات الجمركية    إصابة 7 أشخاص في حادث تصادم ب الشرقية    المصريون بالسعودية يواصلون التصويت في انتخابات «الشيوخ»    انطلاق قمة «ستارت» لختام أنشطة وحدات التضامن الاجتماعي بالجامعات لعام 2024-2025    مراسل إكسترا نيوز: الوطنية للانتخابات تتواصل مع سفراء مصر بالخارج لضمان سلاسة التصويت    في 16 قرار.. تجديد وتكليف قيادات جديدة داخل وحدات ومراكز جامعة بنها    «بيت الزكاة والصدقات»: غدًا صرف إعانة شهر أغسطس للمستحقين    هل يشعر الأموات بما يدور حولهم؟ عالم أزهري يجيب    «يونيسف»: مؤشر سوء التغذية في غزة تجاوز عتبة المجاعة    «الصحة» تطلق منصة إلكترونية تفاعلية وتبدأ المرحلة الثانية من التحول الرقمي    مدبولي يُتابع جهود اللجنة الطبية العليا والاستغاثات بمجلس الوزراء خلال يوليو 2025    مفاجأة.. أكبر جنين بالعالم عمره البيولوجي يتجاوز 30 عامًا    تنظيم قواعد إنهاء عقود الوكالة التجارية بقرار وزاري مخالف للدستور    تنسيق المرحلة الثانية للثانوية العامة 2025.. 5 نصائح تساعدك على اختيار الكلية المناسبة    "صحة غزة": شاحنات تحمل أدوية ومستلزمات طبية ستدخل القطاع اليوم عبر منظمة الصحة العالمية    استمرار انطلاق أسواق اليوم الواحد من كل أسبوع بشارع قناة السويس بمدينة المنصورة    شكل العام الدراسي الجديد 2026.. مواعيد بداية الدراسة والامتحانات| مستندات    ابحث عن طريقة لزيادة دخلك.. توقعات برج الحمل في أغسطس 2025    أيمن يونس: شيكابالا سيتجه للإعلام.. وعبد الشافي سيكون بعيدا عن مجال كرة القدم    الهيئة الوطنية للانتخابات: سفراء مصر بالخارج يدعمون التصويت    22 شهيدا في غزة.. بينهم 12 أثناء انتظار المساعدات    النشرة المرورية.. سيولة فى حركة السيارات على طرق القاهرة والجيزة    زلزال بقوة 5.6 درجة يضرب قبالة سواحل مدينة كوشيرو اليابانية    ترامب يخطو الخطوة الأولى في «سلم التصعيد النووي»    90 دقيقة تأخيرات «بنها وبورسعيد».. السبت 2 أغسطس 2025    وفاة والد معتمد جمال مدرب الزمالك السابق    حروق طالت الجميع، الحالة الصحية لمصابي انفجار أسطوانة بوتاجاز داخل مطعم بسوهاج (صور)    رسميًا.. وزارة التعليم العالي تعلن عن القائمة الكاملة ل الجامعات الحكومية والأهلية والخاصة والمعاهد المعتمدة في مصر    سعر الذهب اليوم السبت 2 أغسطس 2025 يقفز لأعلى مستوياته في أسبوع    الصفاقسي التونسي يكشف تفاصيل التعاقد مع علي معلول    عمرو دياب يشعل العلمين في ليلة غنائية لا تُنسى    استشارية أسرية: الزواج التقليدي لا يواكب انفتاح العصر    مقتل 4 أشخاص في إطلاق نار داخل حانة بولاية مونتانا الأمريكية    محافظ سوهاج يقرر غلق محلين بسبب مشاجرة بعض العاملين وتعطيل حركة المواطنين    أمين الفتوى: البيت مقدم على العمل والمرأة مسؤولة عن أولادها شرعًا (فيديو)    هل يشعر الأموات بما يدور حولهم؟ د. يسري جبر يوضح    وزير الأوقاف يؤدي صلاة الجمعة من مسجد الإمام الحسين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«الوطن» تطرح 100 سؤال لضمان «نجاح» مشروع «المستقبل»
تحليل «معلوماتى» ل«خطة استصلاح ال4 ملايين فدان»
نشر في الوطن يوم 17 - 08 - 2014

33ألف فدان فى السنة الأولى باستثمارات 700 مليون جنيه
4ملايين فدان تعادل نصف الرقعة الزراعية المتاحة حالياً يستهدف المشروع استصلاحها وزراعتها
29ملياراً استثمارات و250 ألف وحدة سكنية و5000 كيلو متر طرق وكهرباء ومياه واتصالات
1997بدأت جذور المشروع.. و4 خطط وضعت للتنفيذ إحداها استهدفت 8 ملايين فدان
225ألف «مُعدة»مطلوبة لاستصلاح أراضى المشروع
868ألف طن سولار و12 ألفاً و800 طن زيوت يحتاجها المشروع
4ملايين فدان تعادل نحو 40% من المُتاح حالياً من الأراضى الزراعية)
يمثل مشروع استصلاح وزراعة 4 ملايين فدان من الأرض الصحراوية خطوة تنموية مهمة، فتنفيذه يعنى رفع مساحة الرقعة الزراعية بنسبة تزيد على 30% عما هى عليه الآن، والدفع بحوالى 4 ملايين مواطن لاستيطان وزراعة الصحراء والخروج من الوادى الضيق، وذلك استنادا لما أعلنه رئيس الوزراء من أن مقابل كل فدان هناك مواطن سيحصل على وظيفة ويستوطن الأرض الجديدة. ولأن استكمال المشروع يحمل فرصاً كبيرة لحل قضية الأمن الغذائى باعتبارها قضية أمن قومى، مع توسيع نطاق الزراعة من أجل التصدير، وفتح آفاق جديدة للتصنيع الزراعى، فإن مشروعاً تنموياً على هذا القدر من الاتساع والأهمية وطول أجل التنفيذ، يحتاج إلى ممارسة أعلى درجات المشاركة المجتمعية، على مستوى الفرد والمؤسسة والتنظيمات الأهلية والمدنية، وهذه المشاركة تتطلب انسياباً حراً للمعلومات والبيانات، يتيح قدراً معقولاً من المناقشة والفهم الذى يفضى إلى المشاركة، ومن ثم الشفافية والحوكمة والمساءلة، فلا يصح على الإطلاق التعامل مع المشروع بطريقة الصدمات أو التقطير فى المعلومات والبيانات على طريقة العمليات العسكرية والأمنية والمخابراتية.
من هذا المنطلق أجرت «الوطن» تحليلاً للمشروع من منظور «معلوماتى معرفى»، هدفه توسيع نطاق المشاركة الواعية المستندة إلى معلومات مستوفاة، تغطى مختلف جوانب المشروع، بما يساعد المواطنين وأصحاب القرار فى الحصول على حقهم فى المعرفة والفهم الذى يقود إلى المشاركة والتفاعل الإيجابى مع المشروع.. إلى التفاصيل:
تناول التحليل 10 مسارات، تشكل مختلف جوانب المشروع، وبعد مراجعة لمحتوى عشرات الوثائق والدراسات والمواد الصحفية والإعلامية، اتضح أن أسلوب عرض المشروع على المواطنين يشوبه قصور حاد للغاية، وأن المتاح عن المشروع لا يوفر الحد الأدنى من البيانات والمعلومات التى يتعين إتاحتها للجماهير، وانتهى التحليل إلى أن هناك 100 سؤال حول المشروع، يتعين الإجابة عنها، قبل أن يصبح مشروعاً تنموياً قائماً على المشاركة والشفافية والحوكمة.
1المعلومات.. يوجد «قصور حاد» فى عرضها ولا خطة زمنية للاستثمارات أو ميزانية محددة
كان المفترض أن تتضمن المعلومات المتاحة عن المشروع الأهداف والسياسات العامة التى يعمل تحت ظلالها، والجهات القائمة على المشروع وعلاقته بخطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية للدولة، من حيث الأهداف والأوليات والسياسات المتبعة فى التطبيق، والنظم والقوانين وأساليب التمويل والتسعير والسيولة النقدية والبرامج الاستثمارية والمشروعات المطروحة فى الخطة، والخرائط الطبوغرافية للأراضى المزمع استصلاحها، وهل جرى إتمامها وكيف يتم الحصول عليها من قبل المستثمرين والراغبين، وما هى المعلومات التى يسمح للشعب بالاطلاع عليها فى هذه الخرائط علانية، والحصر التصنيفى للتربة ونتائج تحليلاتها الكيميائية وتحديد العلاج اللازم للتعامل معها، ومراحل الاستصلاح والاستزراع المختلفة بدءاً من التسوية وغسيل التربة من الأملاح وانتهاء بالوصول إلى الحدية الإنتاجية وأعلى مستوى إنتاجية متوقع من الأرض، كما كان مفترضاً أن تغطى المعلومات المعلنة قضية التكاليف والجدوى الاقتصادية، والوسائل التى ستتبع فى تمليك الأرض للأفراد والمشروعات المشتركة وتعاونيات استصلاح الأراضى والقطاع الخاص وخلافه.
من مراجعة ما نشر حول المشروع وجد أن هناك حالتين محددتين للحديث عن المشروع، الأولى ملخص حول خطة استصلاح مليون فدان كمرحلة أولى، منها 108 آلاف فدان بتوشكى تروى بالمياه السطحية (ترعة الشيخ زايد، وآبار توشكى بمساحة 30 ألف فدان) وباقى المساحة تروى بالمياه الجوفية، و200 ألف فدان بالفرافرة تروى بالمياه الجوفية، و50 ألف فدان بامتداد الداخلة بالمياه الجوفية، و100 ألف فدان بالفرافرة الجديدة بالمياه الجوفية، و50 ألف فدان شرق العوينات بالمياه الجوفية، و100 ألف فدان جنوب المنخفض و150 ألف فدان جنوب شرق المنخفض، و150 ألف فدان غرب المنيا و100 ألف فدان بمنطقة المغرة، و30 ألف فدان شرق سيوة، وقدرت الخطة تكلفة الفدان بالبنية الداخلية والخارجية بحوالى 25 ألف جنيه. أما الثانية فكانت تصريحاً للدكتور سمير عبدالظاهر رئيس قطاع استصلاح الأراضى بوزارة الزراعة بمعلومة أخرى، مفادها أن المساحة المبدئية 33 ألف فدان وليس مليوناً كما ذكرت الخطة السابقة، مقسمة إلى الواحات البحرية ومساحتها 8 آلاف فدان، بتكلفة 119 مليون جنيه، وشمال سيناء 15 ألف فدان بتكلفة 381 مليوناً والفرافرة عشرة آلاف فدان بتكلفة 232.5 مليون جنيه، بتكلفة إجمالية حوالى 700 مليون جنيه، تنتهى خلال عام تتم فيها أعمال البنية الأساسية والداخلية وشبكات الرى وحفر الآبار وتمهيد الطرق.
أما نمط الملكية المتوقع فعبارة عن تسليم شباب الخريجين وصغار المزارعين بصورة مجمعة بواقع 125 فداناً لكل 25 خريجاً أو منتفعاً فى صورة اتحاد بمشروع الوادى الجديد الفرافرة الذى يعتبر نواة لمساحة 100 ألف فدان، وذلك للتغلب على العقبات التى تواجه النظام الحالى والتى تحول دون الاستفادة من الأراضى المستصلحة الجديدة خاصة فيما يتعلق بمشكلتى تفتيت المساحة والتسويق وفقاً لمتطلبات السوق العالمية، على أن تكون بنظام حق الانتفاع لمدة معينة حتى إثبات الجدية ثم يتم تمليكها من خلال خريطة للتصنيع الزراعى على كل المحافظات، وتكون الأولوية فى التوزيع للمشروعات كثيفة العمالة، (الإنتاج الحيوانى - الداجنى - التصنيع الزراعى) وإنشاء تجمعات زراعية صناعية، وأن يتم وضع هذه الاستراتيجية من خلال مجلس تنسيقى بين الوزارات والجهات المعنية.
أما بقية المليون فدان الأولى فهى كالتالى: 300 ألف فدان جنوب غرب كوم امبو، و300 ألف فدان فى واحة الفرافرة، و90 ألف فدان جنوب شرق منخفض القطارة، و170 ألف فدان جنوب منخفض القطارة، و40 ألف فدان فى سيوة، و75 ألف فدان فى توشكى، و300 ألف فدان امتداد ترعة الشيخ جابر بتوشكى، و50 ألف فدان بالداخلة، و100 ألف فدان شرق العوينات، و100 ألف فدان غرب المنيا.
2السياسات «غامضة» والنموذج المستهدف «غائب»
من الخطر الشديد المضى قدماً فى مشروع يستهدف استصلاح وزراعة 4 ملايين فدان تعادل نصف الرقعة الزراعية المتاحة حالياً دون تحديد واضح وقاطع للنموذج التنموى الشامل الذى تستهدف الدولة تحقيقه، وترى أن هذا المشروع أحد مكوناته ووسائل تنفيذه على الأرض.
والحاصل حتى الآن أن هناك غموضاً فى هذه النقطة المحورية، ولعل أهم نقطة غير واضحة فى هذا السياق تلك المتعلقة بالنموذج التنموى الذى تريد الدولة تحقيقه من وراء هذا المشروع.
وفى كل الأحوال فإن حالة الغموض التى تكتنف هذا الجانب من المشروع تدفع إلى الساحة بالتساؤلات التالية:
1. ما الوجهة التى ترى الدولة أن المجتمع يحتاجها فى هذا المشروع، هل هى التصنيع الزراعى، أم الإنتاج الزراعى من أجل التصدير، أم الإنتاج الزراعى من أجل تأمين الاحتياجات الداخلية من الغذاء، باعتبار ذلك قضية أمن قومى؟
2. هل سيستمر التراجع فى دور الدولة وتشجيع القطاع الخاص وتحرير الأسواق فى قطاع الزراعة، والاستمرار فى إلغاء نظم التركيب المحصولى، والتوريد الإجبارى، ودعم مستلزمات الإنتاج، والإلغاء التدريجى لدعم الغذاء، وقصره على دقيق القمح المستخدم فى صناعة الخبز، وزيت الطعام والسكر الموزعين عن طريق البطاقات؟
3. كيف سينعكس التوجه نحو الاعتماد على المياه الجوفية كمصدر للرى على سياسات الاستصلاح والاستزراع والتصنيع الزراعى والتركيب المحصولى للبلاد؟
4. هل يتوقع التوسع فى تجربة الاستصلاح والاستزراع التى جرت على جانبى الطريق الصحراوى بين القاهرة والإسكندرية واعتمدت على القطاع الخاص بصورة شبه كاملة؟.
5. يعطى هذا المشروع مؤشراً على أن الدولة تعتبر الزراعة طريقنا إلى القرن ال21، وفى الوقت نفسه تعلن الدولة صراحة اعتمادها على المياه الجوفية كمصدر للرى، وهذا يعنى بالضرورة استخدام تكنولوجيات متقدمة فى الزراعة والرى، وهو ما يترتب عليه تخفيض عدد العمالة المطلوبة إلى حدود ضئيلة جداً، لا تحدث أثراً محسوساً فى مشكلتى البطالة، والتكدس السكانى فى الوادى القديم والدلتا، وهذه جميعاً أمور تستدعى توضيحاً فى الرؤية والسياسة العامة للمشروع، لأن المعلومات المتداولة بشأنه تصوره كحل لمشكلتى البطالة والارتفاع الكثيف للسكان بوادى النيل.
6. ما مبررات الدولة فى تبنى نموذج تنموى يعتمد الزراعة كأولوية أولى على نطاق واسع يصل لملايين الأفدنة، ولا يأخذ بالصناعة كأولوية أولى؟
7. ما الأسباب التى تجعل الدولة تتجه للصحراء من أجل الاستصلاح والاستزراع فقط، ولا تتبنى نموذجاً تنموياً يستكشف كل موارد الصحراء ليس فى مجال الزراعة فقط، بل فى مجالات الصناعة والسياحة والبترول والتعدين والطاقة وغيرها؟.
8. ما النموذج الأمثل والواجب الاتباع فى سياسة توزيع وتمليك الأراضى بهذه الملايين من الأفدنة، هل هى سياسة الستينات القائمة على توزيع الأراضى على صغار المنتفعين وشباب الخريجين، أم تجربة التسعينات فى توشكى حيث تم توزيع الأراضى على شركات استثمارية لإنشاء البنية الأساسية الداخلية وتخفيف الأعباء الاستثمارية على الدولة؟ وما مدى الارتباط بين سياسة التمليك والتوزيع وبين النموذج التنموى المزمع تطبيقه؟
9. كيف سيتم ترتيب الأهداف التالية فى هذا المشروع ولمن تكون الأولوية: الاكتفاء الذاتى من الغذاء، توطين المعدمين الذين لا يملكون أرضاً، تنمية مجتمعات جديدة، تحسين التغذية والرفاهية، توفير فرص عمل للخريجين والعاطلين، توسيع نطاق الصناعات الزراعية والإسكان والعمالة؟
10. هل ستفصل السياسات الحاكمة لمشروع استصلاح الأربعة ملايين فدان بين الأنشطة الزراعية أياً كان نطاقها أو النموذج الذى تتبناه، وبين أنشطة التنمية العمرانية المتكاملة، لتظل المساحات المستصلحة والمنزرعة بعيدة عن مخططات التنمية العمرانية والمجتمعات الجديدة، أم سيتم الربط والدمج بين الجانبين.
3خطط الاستصلاح.. تاريخ طويل من «العهد الملكى» و«الناصرى» و«الساداتى»
لا يعد مشروع استصلاح ال4 ملايين فدان جديداً على الدولة المصرية وجهازها الإدارى، فقد شهدت البلاد خططاً لاستصلاح الأراضى بدأت قبل ثورة 23 يوليو إبان العهد الملكى، ثم تطورت الأمور فى نهاية الخمسينات والستينات من القرن الماضى، وظهرت مشروعات استصلاح كبرى، وتواصل الأمر خلال العقود التالية، حيث جرى وضع الكثير من الخطط لاستصلاح الأراضى وتنفيذ سلسلة طويلة من المشروعات شرقاً وغرباً وشمالاً وجنوباً.
ففى 1997 استهدفت استصلاح وزراعة 8 ملايين فدان، وقدرت الانتهاء منها عام 2017، وحددت الخطة الأراضى المستهدف استصلاحها فى مناطق تكاد تكون هى بالضبط الواردة فى المشروع الحالى، وإن كانت بمساحات أكبر.
وفى أغسطس 2009 تم الإعلان عن استراتيجية التنمية الزراعية حتى عام 2030، وكانت تطويراً للاستراتيجية السابقة واستهدفت استصلاح مليون ونصف المليون فدان كمرحلة أولى، لتنهى عام 2030 باستصلاح 3.5 مليون فدان، وفى العام نفسه قدمت وزارة الرى استراتيجية إدارة الموارد المائية لمصر حتى عام 2050 وربطت بين الرى واستصلاح الأراضى، وفى 2012 خلال فترة وجود الإخوان بالسلطة جرى الحديث عن استراتيجية لاستصلاح 3 ملايين فدان، وتم الإعلان عن المرحلة الأولى بخطة لتوزيع 780 ألف فدان على الشركات والأفراد وشباب الخريجين، بالإضافة لتقنين وضع اليد ل350 ألف فدان بسيناء، وقد أسهبت الصحف والمواقع الإلكترونية فى سرد تفاصيل هذه الخطة.
وفى ضوء شح التفاصيل المتاحة عن المشروع فإن وجود مثل هذه الخطط السابقة يثير التساؤلات التالية:
1. هل الخطة الاستراتيجية لمشروع الأربعة ملايين فدان جديدة تماماً أم جزء مستخلص من الخطط والاستراتيجيات السابقة المشار إليها؟
2. ما الإضافة التى تحملها الخطة الاستراتيجية للمشروع ويمكن اعتبارها جهداً خالصاً من القائمين على المشروع بالرئاسة والحكومة ووزارتها المعنية؟
3. ما الأسباب التى دعت القائمين على المشروع الجديد للتخلى عن الخطط الاستراتيجية السابقة، والإعلان عنه باعتباره سابقة جديدة، خاصة أن الجهات التى أعدت الخطط السابقة هى نفسها الجهات المنوط بها وضع وتنفيذ الخطة الجديدة، وهذه الجهات تتمثل فى وزارتى الرى والزراعة والأجهزة التابعة لهما.
4. ما الفرق بين الخطة الاستراتيجية للمشروع الحالى والخطة الاستراتيجية التى تم الإعلان عنها إبان فترة وجود الإخوان فى الحكم.. وأى من الخطتين الأفضل والأنسب لمصر ولماذا؟
5. هل غيرت الدولة من أسلوبها فى تخطيط وتنفيذ مشروعات الاستصلاح الكبيرة؟ ومبعث هذا السؤال أن الخطط القديمة.
6. ما الذى تحمله الخطة الجديدة لضمان تنفيذ أهدافها المحددة فى استصلاح وزراعة الأربعة ملايين فدان.
4«مواطن لكل فدان».. هدف كبير تنقصه «استراتيجيات» واضحة
لا يمكن استصلاح وزراعة أربعة ملايين فدان بدون إنشاء مجتمعات عمرانية جديدة، تستوعب جزءاً من السكان، يخفف الضغط على الوادى والدلتا حالياً ومستقبلاً، وفى ضوء الأرقام المعلنة عبر موقع هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة بالإنترنت حول المتوسط العام لاحتياجات مدينة واحدة قوامها مليون نسمة، تم التوصل إلى أن الأربعة ملايين نسمة المقدر لهم الانتقال والعيش فى الأربعة ملايين فدان يحتاجون إلى: 64 ألف فدان كتلة سكنية تضم 250 ألف وحدة سكنية كحد أدنى، و22 مليار جنيه استثمارات فى الإسكان و2.5 مليار استثمارات فى المرافق و7 مليارات استثمارات فى الخدمات، فضلاً عن 2500 كيلومتر من شبكات الكهرباء و1300 كيلومتر من شبكات الصرف الصحى، و676 مبنى من مبانى الخدمات الأساسية فى الصحة والتعليم والأمن والرعاية الاجتماعية وخلافه.
هذه الأرقام التقديرية، تضعنا أمام التساؤلات التالية:
1. ما خطة الدولة حيال الإطار التنظيمى المطلوب لإدارة تلك الأراضى وتنميتها من مفهوم التنمية العمرانية الشاملة، خاصة أننا نتحدث عن 4 ملايين مواطن كحد أدنى؟
2. هل ستقبل الدولة بإنشاء كيان إدارى مستقل يتولى إعداد المخطط العام لتنمية وتعمير الأراضى المستصلحة من خلال إنشاء البنية الأساسية لكل منطقة من مناطق الاستصلاح وإدارة جميع عمليات التنمية والتعمير للأراضى المستصلحة فى جميع المجالات من أنشطة زراعية وإنتاج حيوانى وتصنيع زراعى؟
3. هل من المطروح إنشاء هيئة تختص بشئون المجتمعات الريفية الجديدة فى كل منطقة، تشمل مدينة رئيسية للتصنيع الزراعى وتوفير الخدمات الاجتماعية للسكان وإنشاء قرى نموذجية يتم توزيعها على النطاق الجغرافى لكل منطقة استصلاح.
4. هل لدى الدولة تشريعات مناسبة لإنشاء وإدارة مثل هذه الكيانات، أو الكيان الموحد المسئول عن المجتمعات الزراعية الجديدة، باعتبار جهاز الدولة هو المسئول عن تنمية الأراضى المستصلحة واستزراعها واستيطانها وتنميتها؟
5. هل من الأفضل اتباع أسلوب «لا مركزى» وإنشاء جهاز تنمية وتعمير لكل منطقة من مناطق الاستصلاح والاستفادة من تجربة هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة ونجاحها فى إنشاء مدن جديدة ومناطق صناعية، أم اتباع أسلوب «مركزى» يشرف على الأربعة ملايين فدان والأربعة ملايين مواطن أم ستقوم المحليات والمحافظات الحالية بهذه المهمة؟
6. ما عدد السكان المستهدف على وجه التحديد بهذه المجتمعات؟
7. هل تم وضع أى تقدير حقيقى وليس افتراضياً كما فعلنا فى هذا التحليل، لاحتياجات المدن المقترحة من الأراضى المطلوبة للكتل السكنية والمساحات الخضراء والفضاء وغيرها؟
8. ما متوسط التكلفة الاستثمارية المطلوب للتنمية العمرانية فى الأراضى الجديدة؟
9. ما متوسط القدرات المطلوبة لمنظومة الصرف الصحى بهذه المجتمعات؟
10. ما متوسط القدرات المطلوبة لمنظومة مياه الشرب بهذه المجتمعات؟
11. ما متوسط القدرات المطلوبة لمنظومة الكهرباء والطاقة بهذه المجتمعات؟
12. ما متوسط القدرات المطلوبة من الوحدات السكنية فى هذه المجتمعات؟
13. ما متوسط القدرات المطلوبة من المبانى الخدمية العامة بهذه المجتمعات؟
14. ما متوسط القدرات المطلوبة لمنظومة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات بهذه المجتمعات؟
15. ما متوسط القدرات المطلوبة لمنظومة الطرق والمواصلات بهذه المجتمعات؟
16. ما متوسط القدرات المطلوبة لمنظومة الخدمات الأساسية من التعليم والرعاية الصحية والأمن والرعاية الاجتماعية بهذه المجتمعات؟
5الميكنة الزراعية.. خفض النفقات واختصار زمن استصلاح الأراضى وتهيئتها للزراعة
الميكنة الزراعية تعد أحد مقومات التنمية الزراعية التى يمكن من خلالها اختصار زمن استصلاح الأرض وتهيئتها للزراعة، وخفض نفقات استصلاحها واستزراعها، ثم زيادة الإنتاج وترشيد استخدام المياه وتوفير الجهد.
ووفقاً لتقديرات تقريبية لمعدات الميكنة الزراعية المطلوبة لمشروع استصلاح أربعة ملايين فدان، فإن المشروع سيكون فى حاجة إلى ما يزيد قليلاً على 225 ألف معدة زراعية.
ولأن المعلومات المعلنة عن المشروع لا تتضمن شيئاً محدداً وواضحاً عن كيفية إنتاج أو شراء وإدارة وتشغيل وصيانة هذا العدد الضخم من الآلات الزراعية، يصبح من المتعين طرح الأسئلة التالية فى هذه القضية:
1 هل تم إعداد قاعدة بيانات متكاملة عن المعدات والميكنة الزراعية المطلوبة للمساحات المزمع زراعتها، تتضمن موقعها وطبيعتها ونوع المياه الموجودة والتركيب المحصولى المناسب لكل منطقة، واستخدام هذه المعلومات فى الوصول إلى حصر شامل وتصنيفى للمعدات والميكنة المطلوبة، من حيث المواصفات الفنية والأسعار والتكنولوجيات، وبرامج الشراء والدعم الفنى والصيانة وخلافه، بما يتناسب مع طبيعة المشروع؟
2 هل جرت مراجعة وحصر الآلات والمعدات الموجودة لدى قطاع الزراعة الآلية بوزارة الزراعة الآن، حتى يمكن توظيف واستغلال المتاح منها بالصورة المثلى فى الأراضى المزمع استصلاحها؟
3 هل تم عمل مقارنة بين التصور المقترح للاحتياجات من الميكنة الزراعية والمتاح منها فعلياً، واستخدام هذه المقارنة فى بناء خطة بالاحتياجات المتوقعة من الآلات والميكنة خلال فترة المشروع؟
4 هل تم إعداد تصور أو خطة لكيفية شراء هذه المعدات والآلات، وهل سيكون الشراء ضمن خطة موحدة تضمن الحصول على تفضيلات سعرية، أم ترك الأمر ليتم بصورة لا مركزية غير مخططة حسب كل منطقة على حدة؟
5 هل تم التفكير فى تسعيرة تشغيل المعدات بما يتناسب مع أسعار السوق الحالية وأسعار الوقود والآلات وقطع الغيار وبما يحقق العائد المطلوب من تشغيل هذه المعدات ويضمن استمرارية تشغيلها بالكفاءة المطلوبة ؟
6 هل هناك تصور أو دراسة لتنمية وتطوير الأنشطة الخاصة بالورش المركزية التابعة لقطاع الزراعة الآلية من خلال التوسع فى تصنيع قطع الغيار والمعدات الزراعية وإصلاح المعدات للغير وتصنيع المنتجات الخشبية ؟
7 هل من الأفضل إنشاء إدارة مستقلة تتولى عمليات الإنتاج والشراء والتسويق لمعدات الميكنة لدى الجهات والهيئات الحكومية والقطاع الخاص لمنتجات ورش قطاع الزراعة الآلية، أم ترك الأمر بلا تخطيط؟
8 هل هناك خطة لتنفيذ برامج تدريب على الميكنة الزراعية سواء بمعرفة وزارة الزراعة، أو بالتنسيق مع بعض شركات الميكنة العالمية لنقل التكنولوجيا الخاصة بها من خلال إعداد كوادر فنية متخصصة فى مجال التقنيات وآلات الميكنة الزراعية الخاصة بهذه الشركات؟
9 هل تمت دراسة قضية العلاقة بين العمالة اليدوية والميكنة الآلية، وكيفية ترشيد استخدام العمالة والحوافز من خلال وضع معايير تضمن الحفاظ على الآلة والمعدة وإحكام الرقابة على تشغيل المعدات؟
10 هل هناك خطة لإنشاء مركز لتكنولوجيا معلومات الميكنة الزراعية، يمكن الاستفادة به فى إعداد دراسات جدوى مدفوعة أو مجانية أو مدعومة فى مجال الميكنة الزراعية فى الأراضى المستصلحة؟
6دعم الطاقة.. 868 ألف طن سولار ومليار جنيه سنوياً.. من أين؟
تستهلك الزراعة قدراً كبيراً من الطاقة، سواء بشكل مباشر من خلال الطاقة الداخلة مباشرة فى العمليات الزراعية لإنتاج المحاصيل المختلفة أو الإنتاج الحيوانى أو غير مباشر من خلال عمليات تصنيع مستلزمات الإنتاج الزراعى من أسمدة ومبيدات، وتشير إحصاءات الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء أن نسبة استهلاك الإنتاج القطاع الزراعى من المنتجات البترولية فى 2008 بلغت حوالى 6.3% ومن الكهرباء 3.9%، والإنفاق على دعم الطاقة بالقطاع الزراعى بلغ 16.8% من جملة الإنفاق الحكومى، واستهلكت الزراعة 6.8% من الكيروسين و16.2% من السولار، وتستهلك صناعة الأسمدة 8.8% من الغاز الطبيعى، ووصلت قيمة دعم الكيروسين المستخدم فى الزراعة 51.34 مليون ودعم السولار 2633.47 مليون جنيه، ودعم الغاز الطبيعى فى الأسمدة والمبيدات 515.944 مليون جنيه، والدعم الإجمالى للطاقة فى قطاع الزراعة حوالى3.2 مليار جنيه عام 2006.
وتقدر إحصاءات وزارة الزراعة أن متوسط كمية الطاقة اللازمة لاستصلاح فدان بنظام الرى السطحى تصل إلى 562.3 لتر سولار، و7.16 لتر زيت و5 كيلوجرامات شحم، أما عند استخدام أسلوب الرى بالرش، فتصل احتياجات الفدان من الطاقة إلى 217 لتر سولار و3.2 لتر زيت و2.1 كيلوجرام شحم.
وعند استخدام الأرقام السابقة كأساس لحساب احتياجات الأربعة ملايين فدان من الطاقة والمنتجات البترولية والدعم اللازم لها، وجد أن قيمة الدعم المخصص للطاقة فى المجال الزراعى سترتفع بحوالى مليار جنيه سنوياً، وإذا ما اعتبرنا أن الأربعة ملايين ستروى بأسلوب الرش، فإن كمية السولار اللازم لاستصلاحها تصل إلى 868 ألف طن، يكون مطلوباً معها 12 ألفاً و800 طن من الزيوت، و8400 طن من الشحوم اللازمة للمعدات الزراعية.
لا توفر المعلومات المعلنة عن المشروع إيضاحات كافية حول طريقة إدارة احتياجاته من الطاقة، وهنا يجب طرح الأسئلة التالية:
1. من أين سيتم تدبير المبالغ المالية اللازمة لتوفير إمدادات الطاقة للمشروع.. هل من موازنة الدولة، أم من خارجها، وإذا كانت من الخارج، فهل ستكون قروضاً، أم منحاً، أم مساهمات من القطاع الخاص، أم غير ذلك؟
2. هل هناك خطط للتنسيق والتكامل بين خطط إنتاج الطاقة بالبلاد وخطط استصلاح الأربعة ملايين فدان، وإذا كان هناك خطط فى هذا الشأن ما تفصيلاتها، وما ضمانات تنفيذها؟
3. هل المطروح تمديد شبكة الكهرباء الموحدة إلى مناطق الاستصلاح الجديدة، أم الاعتماد كلية على مولدات الديزل التى تعمل بالسولار فى جميع أعمال الرى والميكنة الزراعية؟
4. هل هناك تفكير فى استغلال الطاقات الجديدة والمتجددة خاصة الشمس والرياح كبديل ثانوى أو رئيسى فى بعض المناطق؟
5. هل الدولة جاهزة لتأمين احتياجات المشروع من الطاقة، من حيث التمويل المادى وتجهيز شبكات الإمدادا بالوقود نفسها؟
6. هل تمت دراسة التأثيرات المحتملة لهذه الكمية الإضافية من المواد البترولية على أسعار الطاقة القطاعات الاقتصادية الأخرى، خاصة النقل ذا التأثير المباشر على ملايين المواطنين؟
7. ما استراتيجية الدولة تجاه الدعم الموجه للطاقة المستخدمة فى الزراعة، خاصة للغاز الطبيعى المستخدم فى صناعة الأسمدة والمخصبات.. هل سيستمر كما هو، أم سيتم تطبيق سياسة جديدة؟
7الحاصلات الزراعية.. بماذا سنزرع الأراضى المستصلحة؟
التركيب المحصولى يعنى السيناريو العام أو المخطط الذى يتم من خلاله اختيار الحاصلات والمزروعات المختلفة، وتحديد المساحة المنزرعة بكل منها على مستوى البلاد، وترتيب زراعتها وتعاقبها على مدار العام، فى ضوء الاحتياج من الغذاء وموارد المياه المتاحة وفرص الإنتاج من أجل التصدير أو التصنيع الزراعى، وخطط التنمية الاقتصادية والاجتماعية العامة بالدولة، ولذلك فإنه عند اتخاذ قرار استراتيجى بالبدء فى استصلاح مساحة هائلة من الأرض تصل إلى أربعة ملايين فدان تعادل ما يناهز ال40% مما هو متاح حالياً من أراضٍ زراعية، يصبح من الضرورى والحتمى أن يكون هناك تصور واضح لكيفية إدارة هذه الأراضى وفق دورة زراعية، وتركيب محصولى، إما أن يكون جديداً تماماً أو تركيب محصولى يستوعب الأراضى القديمة والحديثة الخاصة بالمشروع معاً، وهنا تقفز أسئلة عديدة يتعين الإجابة عنها، منها:
1. كيف يمكن تحقيق التوافق بين العوامل المتعارضة المؤثرة فى التركيب المحصولى داخل الأربعة ملايين فدان.
2. كيف سيتم تحديد المحاصيل والمزروعات المختلفة بأراضى المشروع فى ظل وجود تنوع شديد فى التربة والموقع الجغرافى واختلاف ظروف المناخ والمتاح من المياه؟
3. كيف سيتم تنظيم المحاصيل فى الدورات الزراعية بشكل يحقق تأمين احتياج كل محصول من الماء خلال فترة نمو؟
4. كيف سيتم التعامل مع الأعشاب الضارة والآفات الممرضة؟
5. على أى أساس ستتعاقب المحاصيل التى تحتاج إلى تسميد عضوى أو معدنى مع محاصيل يمكن تأمين حاجتها من التربة فقط؟
6. من سيحدد وكيف سيحدد مساحة كل محصول بالنسبة للمساحة الكلية ونوع المحاصيل التى ستزرع خلال فترات النمو السنوية وفترة الدورة الزمنية؟
7. كيف سيتم حساب تأثير عوامل الإنتاج الطبيعية كالتربة؟
8. كيف سيتم حساب تأثير عوامل الإنتاج الاقتصادية والاجتماعية كاحتياجات المجتمع للإنتاج الزراعى ومعدلات الأسعار؟
9. كيف سيتم التوفيق بين متطلبات الحصول على الربح لدى المزارعين ومتطلبات الحصول على الغذاء أو توفير المياه من قبل الدولة؟
10. كيف يمكن أن توجد فترة كافية بين المحصول السابق والمحصول اللاحق تكفى لخدمة الأرض والزراعة فى ميعاد مناسب؟
11. ما التأثير المتوقع للمشروع على الصناعات المحلية المعتمدة على استخدامات السكر والإنتاج من قصب السكر؟
12. ما القيود المفترض أن توضع على محاصيل بعينها مثل البرسيم؟
8الأسمدة.. المشروع يرفع طاقة الإنتاج
طبقاً للتقديرات التى أعلنها وزير الزراعة فى 26 فبراير الماضى، فإن إنتاج مصر من الأسمدة بلغ 18 مليون طن، فيما تشير بيانات وزارة الزراعة نفسها إلى أن الاستهلاك المحلى الذى تحتاجه الرقعة الزراعية الحالية البالغة 8.6 مليون فدان يصل إلى 12.8 مليون طن من الأسمدة النيتروجينية، و2.2 مليون طن من الأسمدة الفوسفاتية، والباقى موزع على الأسمدة البوتاسية والأسمدة المخصصة للتصدير.
واستناداً إلى هذه الأرقام، فإن إضافة 4 ملايين فدان للرقعة الزراعية الحالية، تعنى تلقائياً أنه لا بد من رفع الطاقة الإنتاجية للأسمدة بمقدار 4 ملايين و960 ألف طن تقريباً، وباعتبار أن ال 4 ملايين فدان ستكون جميعها فى الصحراء، فإن نسبة كبيرة من الأراضى ستكون من نوعية الأراضى التى تحتاج إلى قدر أكبر من الأسمدة البوتاسية، والأسمدة المختلطة أو المركبة من النيتروجين والفوسفات معاً، لتلبية احتياجاتها من العناصر الغذائية، كما ستكون مرتبطة بنوعية المحاصيل المزمع زراعتها فى هذه الأراضى، وبالتركيب المحصولى ككل للأربعة ملايين فدان، ولأن المعلومات المتاحة عن المشروع لا تغطى هذه النقطة، فيصبح من الواجب طرح التساؤلات التالية:
1. هل توجد خطة لدى الدولة لإعادة تأهيل منظومة الأسمدة الحالية لتتوافق مع احتياجات الأربعة ملايين فدان؟
2. إذا كانت هذه الخطة قائمة، فما السيناريو المحتمل تطبيقه لتوفير الاستثمارات المطلوبة لإنتاج 4 ملايين و960 ألف طن سماد إضافى؟
3. كيف ستنظم الدولة ملكية مصانع إنتاج الأسمدة الجديدة، وكيف ستدير عمليات تسعير الأسمدة، وما مستوى الدعم الذى ستقدمه الدولة لهذه المصانع، سواء دعم الطاقة، أو المزايا والإعفاءات الضريبية والجمركية؟
4. ما الجدول الزمنى لتنفيذ هذه الاستثمارات، وإلى أى مدى سيكون مرتبطاً بالجدول الزمنى لاستصلاح واستزراع الأرض الجديدة؟
5. هل تم وضع الدراسات اللازمة لتحديد نوعية الأسمدة المطلوب إنتاجها لسد احتياجات الأرض الجديدة، وخريطة توزع النوعيات المختلفة من السماد على النوعيات المختلفة من التربة والأراضى، وهل تم ربط هذه الدراسات بالتركيب المحصولى المقترح تطبيقه؟
6. كيف ترى الدولة قضية إنتاج الأسمدة من أجل التصدير؟ هل ستوافق على المستوى الحالى من الصادرات والذى يزيد على ثلاثة ملايين طن حسب بيانات وزارة الزراعة، أم ستتجه لاستراتيجية الإنتاج من أجل الاستهلاك الداخلى فقط؟
7. هل تمت دراسة أوضاع المواد الخام اللازمة لصناعة الأسمدة فى مصر، وهل تم التأكد من أن الاحتياطى الاستراتيجى من هذه المواد يستطيع تلبية التوسعات المطلوبة فى القاعدة الإنتاجية، بحيث يصل بعد عدة سنوات إلى تشغيل منظمة إنتاج تتخطى ال23 مليون طن سماد سنوياً؟
8. هل وقع الاختيار على توسيع المصانع القائمة أم إنشاء مصانع جديدة فى مواقع جديدة؟
9. هل تمت دراسة الآثار البيئية للتوسع فى خطط إنتاج الأسمدة، وضمان عدم تأثيرها على البيئة من مختلف النواحى؟
10. هل تمت دراسة أوضاع العمالة والكوادر المطلوبة لتطوير صناعة الأسمدة، والربط بين نوعية الأسمدة المزمع إنتاجها، واحتياجاتها من العمال داخل المصانع، وداخل الحقول والمزارع عند التسميد والاستخدام؟
9الأخطاء المتوقعة.. ضعف التنسيق وعجز التمويل وغياب الدراسات
واجهت مشروعات استصلاح الأراضى التى جرى تنفيذها طوال العقود السابقة الكثير من العثرات والسلبيات والأخطاء التى جعلت الكثير منها يحقق فشلاً ذريعاً فى تحقيق أهدافه المعلنة، كما أن التفاصيل الخاصة بمشروع الأربعة ملايين فدان لا تتضمن حلولاً واقعية قابلة للتنفيذ لهذه المشكلات والسلبيات، وتتضمن هذه الأخطاء والسلبيات ما يلى:
1. ضعف التنسيق بين السياسة القومية والتعليمية والسياسة الزراعية، والوزارات والهيئات ذات الارتباط بالقضية.
2. عجز التمويل الحكومى عن الوفاء باحتياجات المشروعات كلما تعرضت البلاد لظروف مالية قاسية أو أزمات من أى نوع.
3. التنفيذ الفعلى عادة ما يكشف عن وجود قصور فى البيانات والمعلومات لدى التخطيط لإقامة مشروعات الاستصلاح وعدم التدقيق فى اختيار المناطق التى تقام بها، وعدم وضع خطة واضحة مفصلة لأعمال الاستصلاح لكل مشروع وعدم الالتزام بالتنفيذ وفقاً لأولويات هذه الخطة والأهداف الموضوعة لها.
4. غياب التكامل بين برنامج استصلاح الأراضى وبين السياسة الزراعية فى نواحيها الأساسية مثل الائتمان الزراعى والضرائب الزراعية وتسعير المحاصيل والتركيب المحصولى والقوانين الزراعية.
5. عدم كفاءة الإدارة واستخدام أساليب فنية قديمة لا تصلح، وتكدس الوظائف الإدارية فى كثير من المشروعات، وغياب العناصر والعمالة الفنية.
6. ضعف معايير قياس الأداء الفعلى والمقارنة بينها وبين الأهداف المحددة فى صورة كمية يسهل قياسها والوقوف على أسباب الانحراف فى التنفيذ.
7. تداخل الحدود بين الأراضى وتداخل الاختصاصات والمسئوليات.
8. تعدد القوانين التى تحكم التصرف فى الأراضى، وكثرة الإجراءات وطولها وتعدد الأجهزة والجهات التى لها صلة بالاستصلاح، وتعدد الجهات التى تتولى التصرف فيها.
9. ضعف أجهزة الإرشاد الزراعى بمناطق الاستصلاح.
10. ظهور كثير من مساحات الأراضى المستصلحة لا يتم التصرف فيها وتسليمها.
11. تبعثر الخدمات الإنتاجية والاجتماعية التى توفر لمستوطنى المناطق الجديدة احتياجاتهم من الخدمات الأساسية.
12. عدم ثبات السياسات الخاصة باستصلاح الأراضى والتصرف فيها.
13. عدم مواكبة الطفرات التكنولوجية الكبيرة والمتقدمة واستخدامها فى الزراعة بالأراضى المستصلحة.
14. مشاكل العمالة الزراعية.
15. تخلف الأجهزة التسويقية الزراعية وخضوعها لسيطرة الاحتكارات التقليدية من تجار الخضر والفاكهة.
10موارد المياه.. عامل الحسم الأول فى مشروعات الاستصلاح
اللافت للنظر فى المشروع أن قرار الذهاب للصحراء لاستصلاح هذه المساحات الشاسعة من الأراضى، اتخذ بينما النقاط الشائكة فى قضية موارد المياه لم تحسم بعد، ولا تزال محل جدل من قبل المتخصصين والجهات المختلفة. الأمر الذى يدفعنا للتساؤل:
1. هل بنى المسئولون عن المشروع خطتهم على أساس أن حجم الخزان الجوفى بالصحراء الغربية يقدر ب66 ألف مليار متر مكعب، حسب دراسات ما قبل عام 2001، أم 154 ألف مليار متر مكعب حسب الدراسات الأحدث؟
2. هل يرى المسئولون عن المشروع أن الخزان الجوفى متجدد، أم غير متجدد؟
3. إذا كان القرار هو أن الخزان غير متجدد، فما هو المدى الزمنى الآمن المقدر لهذا الخزان؟ هل هو مائة عام، أم 200، أم300 عام، وما معدل السحب الآمن من الخزان، هل هو 400 مليون متر مكعب مياه سنوياً، أم نصف مليار متر مكعب سنوياً؟ أم أقل من 200 مليون متر مكعب، كما قالت دراسات أخرى؟
4. هل يرى مسئولو المشروع أنه بالإمكان تغذية الخزان لإطالة عمره الآمن؟ وما وسائل التغذية، وما تكلفتها، وما نسب نجاحها؟ وما الدراسات أو الأسس التى تم الاستناد إليها فى وضع سيناريو التغذية وإطالة العمر الآمن للخزان؟
5. ما مستوى الانخفاض فى الضغوط أو منسوب المياه الجوفية الذى استند إليه مسئولو المشروع: هل هو 60 متراً، أم 80 متراً، أم 130 متراً، أم 150 متراً، أم 180 متراً، أم غير ذلك، وما المساحات المقدر زراعتها وفقاً لهذا المقياس، وما عمر هذه الزراعات؟
6. ما مستوى التجدد الذى يمكن على أساسه وضع السيناريوهات المناسبة للسحب الآمن، وما السيناريو الموضوع لإدارة أو تحديد العلاقة بين مستوى تجدد الخزان الجوفى والمساحات المعلن عن استصلاحها وزراعتها؟
7. ما الحجم المقدر لكمية المياه المخطط توفيرها من وراء تطوير نظم الرى فى الأراضى القديمة وإعادة استخدامها فى أراضى الاستصلاح؟.
8. ما الرقم الذى اعتمد عليه مسئولو المشروع فيما يخص كميات مياه الصرف الزراعى المعاد استخدامها؟
9. ما القدر المتيقن توفيره من مياه السدة الشتوية ومشروع أعالى النيل، وما ضمانات التنفيذ، وإلى أى مدى تدخل هذه الوفورات فى تدبير الماء اللازمة لاستصلاح الأراضى الجديدة؟
10. ما القدر المتيقن معالجته من مياه الصرف الصحى، وما مقدار تكلفة المعالجة، وكيف ستؤثر على اقتصاديات الأراضى المستصلحة حال الاعتماد على هذه النوعية من المياه، وما الزراعات والنباتات المرشح ريها بهذه النوعية من النباتات؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.