حصل الاقتصاد المصرى على ثانى شهادة دولية فى أقل من شهر، ما يؤكد عودة الثقة فى مناخ الاستثمار واستقراره خلال الفترة المقبلة، حيث منحت مؤسسة ستاندرد آند بورز الاقتصاد المصرى نظرة مستقبلية مستقرة عند تصنيف B-/B، على الرغم من أن هذه الدرجة وفق تصنيف الوكالة تقرأ على أنها درجة غير استثمارية. ودللت الوكالة على تحسن رؤيتها للاقتصاد المصرى بأن هناك تحسنا واستقرارا فى الوضع السياسى والأمني، إلى جانب التعافى الطفيف لمعدل نمو الناتج المحلى الإجمالى إضافة إلى سلسلة الإصلاحات المالية التى ستساعد على دعم النمو الاقتصادى للبلاد وعلى رأسها المرحلة الأولى من هيكلة منظومة دعم الطاقة. وقالت الوكالة إن التصنيف لا يزال يواجه قيودا بسبب المستويات المرتفعة للعجز المالى والدين الحكومى العام الهائل واحتياجات الاقتراض الكبيرة لمصر، علاوة على استمرار معدل نمو الناتج المحلى الإجمالى عند مستوى منخفض. وتفتح هذه الشهادة ملف التصنيف الائتمانى أو الجدارة الائتمانية، وهى درجة تظهر حكم وكالات التصنيف الائتمانى العالمية على مدى قدرة الدولة أو المؤسسة على سداد ديونها، فمعنى تصنيف ضعيف أن هناك احتمالا بألا يستطيع المدين الوفاء بالتزاماته، أما التصنيف المرتفع فيعنى استبعاد الاحتمال، ويسهل التصنيف المرتفع على الحكومات والشركات الحصول على تمويل وقروض، سواء من الأسواق الداخلية أو الخارجية. وتتم عملية التصنيف بناء على معايير اقتصادية ومحاسبية معقدة أهمها الربحية، ثم الموجودات أو الأصول، والتدفقات المالية التى توضح الوضع المالى للمؤسسة. وتقوم وكالات التصنيف الائتمانى بشكل عام بتقييم المخاطر المتعلقة بإصدارات الدين سواء للشركات أو الحكومات. وتعد قدرة المصدر على الوفاء بتسديد فوائد الدين والأقساط المترتبة عليه أهم مؤشر للجدارة الائتمانية التى تبنى عليها التصنيفات من قبل هذه الوكالات. ويوجد العديد من وكالات التصنيف الائتمانى حول العالم إلا أن هناك ثلاث شركات بالتحديد يطلق عليها الشركات الثلاث الكبرى وهى "ستاندرد آند بورز" و"موديز" و"فيتش"، وكلها شركات أمريكية المنشأ. وتسيطر كل من "ستاندرد آند بورز" و"موديز" على تصنيف أكثر من 80٪ من إصدارات الدين حول العالم، سواء للشركات أو الحكومات أو الوحدات المحلية التى تسعى لإصدار سندات، فيما تعد "فيتش" أقل سمعة نسبيا، مقارنة بالشركتين الأخريين. وبالعموم، فإن الشركات الثلاث تسيطر على ما يراوح بين 90 و95٪ من سوق إصدار الديون فى العالم. وتعود سيطرة هذه الشركات الثلاث إلى قرار أصدرته هيئة الأوراق المالية الأمريكية فى عام 1975 باعتبار هذه الشركات شركات معتمدة من قبلها، حيث إن كثيرا من المؤسسات المالية وشركات التأمين لا تستثمر إلا فى سندات ذات تصنيف عال، إلا ان أسهل طريقة من قبل المصدرين للسندات لإثبات جدارتهم الائتمانية هو أن يحصلوا على تصنيف ائتمانى من شركة أو اثنتين من هذه الشركات الثلاث، لتصبح هذه الشركات الثلاث أشبه بمؤسسات محتكرة للتصنيفات الائتمانية حول العالم.وتستعمل وكالات التصنيف رموزا لوصف الجدارة الائتمانية تبدأ من AAA كأعلى تصنيف ائتمانى نزولا للتصنيفات الأقل جدارة عبر الحروف AA و A و BBB وهكذا. ويؤكد الدكتور عمرو حسنين مدير مؤسسة الشرق الأوسط للتصنيف الائتمانى "ميريس" أن تغيير تقرير وكالة ستاندرد آند بورز الذى أعطى الاقتصاد المصرى نظرة مستقبلية مستقرة سيعزز من ثقة المستثمرين فى مناخ الاستثمار بمصر خلال الفترة المقبلة. وأوضح أن الاستقرار الأمنى هو الركيزة الأساسية، التى اعتمدت فيها المؤسسة فى إعداد رؤيتها حول التصنيف الائتماني، مؤكدة أن الاستقرار هو ما يبحث عنه المصريون خلال الفترة المقبلة، وكذا المستثمرون المصريون والأجانب لضخ استثمارات جديدة. وأشار إلى أن هذه الرؤية جاءت فى وقت مهم بالنسبة لمصر، خاصة بعد تقرير مؤسسة موديز، والذى جاء فى أقل من شهر ليعيد الثقة أيضا فى الاقتصاد المصرى ويشيد بالإصلاحات التى اتخذتها مصر، خاصة إصلاحات منظومة الطاقة من جهة ومشروع قناة السويس الجديدة من جهة أخري، وتعكس تلك التقارير أيضا متابعة مؤسسات التصنيف الدولية للاقتصاد المصرى بشكل مستمر، فضلا عن أن هذه الرؤية تعكس استشعار الوكالة أن ثمار التحسن الاقتصادى بدأت فى الظهور فى الأفق. وقال إن ثقة الشعب فى الرئيس عبدالفتاح السيسى كانت من أهم بوادر الاستقرار السياسي، وهى الأمر الثانى الذى استندت فيه الوكالة إلى تغيير رؤيتها السابقة. وأوضح أن هذه الشهادة ستمتد لقطاع البنوك خلال أيام، خاصة أن التحسن السيادى للدولة من جانب مؤسسات التصنيف يستتبعه تحسن فى أوضاع البنوك، لأن الجهاز المصرفى فى مصر من أكبر المشترين لأدوات الدين الحكومية، وبالتالى فإن أى تحسن فى تصنيف مصر الائتمانى يستتبعه تحسن أيضا فى تصنيف الجهاز المصرفي. وتوقع أن الفترة المقبلة ستشهد إقبالا كبيرا من جانب الاستثمارات الأجنبية، خاصة خلال قمة مصر الاقتصادية، بعد أن لمس المستثمرون تقدما كبيرا على جميع الأصعدة الاقتصادية والأمنية والالتفاف الوطنى حول الرئيس عبد الفتاح السيسي.