"طرابلس" لبنان .. هنا الأغلبية السنية فى مواجهة العلويين فى جبل محسن..و معقل السلفية الجهادية فى لبنان.. هنا يحرض نواب البرلمان وشيوخ المساجد ضد الجيش اللبنانى..ويتدفق المقاتلون اللبنانيون والعرب والأجانب إلى الداخل السورى لقتال الجيش السورى ونظام بشار الأسد.. هنا جاء أكثر من رئيس وزراء سنى لبنانى..ومن هنا أيضا يهدد مؤسس السلفية الجهادية فى لبنان الشيخ داعى الإسلام الشهال بالجهاد فى كل لبنان ضد الجيش وحزب الله.. ومن هنا يطالب مدير الأمن العام اللبنانى الأسبق اللواء جميل السيد بوضع نواب طرابلس ووزيرالعدل اللواء أشرف ريفى فى السجن حتى تهدأ طرابلس.....ومن هنا قد تشتعل الفتنة المذهبية بين السنة والشيعة فى أى لحظة . تقع طرابلس على بعد 85 كيلومترا إلى الشمال من بيروت كما تبعد عن الحدود السورية نحو 40 كيلو متراً،وتصل ما بين الشاطئ الشرقى للبحر الأبيض المتوسط والداخل السورى والعربى، مما جعلها مركزاً تجارياً مهما على مستوى المنطقة ومنطقة الشمال. ويعود تاريخ طرابلس إلى 3500 عام، حيث أسسها الفينيقيون، وتعاقبت عليها الأمم والعهود من الفينيقيين حتى الانتداب الفرنسى، مروراً بالرومان، والبيزنطيين، والعرب، والفرنجة، والمماليك، والعثمانيين. تحاول المدينة فى الوقت الحاضر تحريك عجلتها الاقتصادية وتطوير أوجه الحياة المدنية فيها، ويعتمد اقتصادها على الصناعات الحرفية، وبعض الصناعات التحويلية الصغيرة، والسياحة. ويبلغ عدد سكان طرابلس نحو 800 ألف نسمة تقريبا، وتعتبر الكثافة السكانية فيها الأعلى على الإطلاق فى لبنان حيث تصل إلى 7086 شخصا فى الكيلومتر المربع. ولأن طرابلس ذات أغلبية سنية فقد كانت المكان الذى تأسست فيه السلفية الجهادية فى لبنان على يد الشيخ داعى الإسلام الشهال الذى انهالت عليه التبرعات من دول الخليج بحجة دعم وحماية السنة فى لبنان فى مواجهة الدعم الذى توفره إيران للشيعة وحزب الله فى لبنان.وبعد اغتيال رئيس وزراء لبنان الأسبق رفيق الحريرى عام 2005،وجدت السلفية الجهادية المناخ السنى ممهدا للانتشار بحجة أن السنة مضطهدون فى لبنان ،ومع سقوط حكومة سعد الحريرى 2010،أصبح الشارع السنى أكثر استعدادا للسير خلف شيوخ السلفية الجهادية ولاسيما فى غياب زعامة سنية قوية وفاعلة فى الحكومة أو مجلس النواب ،فى ظل الفراغ الذى تركه سعد الحريرى ،بإقامته الاختيارية بين باريس والرياض خوفا من الاغتيال ،مثل والده بعد الاتهامات التى طالت حزب الله والنظام السورى باغتيال والده رفيق الحريرى. ومع غياب الحريرى ودخول تيار المستقبل السنى فى صفوف المعارضة بعد سقوط حكومة سعد الحريرى على أيدى وزراء ونواب حزب الله ،أصبح الشارع السنى رهن السلفية الجهادية ،ومما زاد الطين بلة أن نواب البرلمان عن مدينة طرابلس من السنة وكانوا يؤيدون شيوخ السلفية الجهادية فيما يذهبون إليه من التحريض على حزب الله والجيش اللبنانى بصفته – حسب قولهم – متحالفا مع حزب الله ضد السنة فى الشارع والجيش وإدارات الدولة. ومع ازدياد التحريض فى طرابلس فى ظل غياب زعامة سنية معتدلة تقود الشارع السنى ،انتقلت عدوى التحريض من طرابلس كبرى مدن الشمال اللبنانى ليصل إلى الشارع السنى فى صيدا عاصمة الجنوب ذات الأغلبية السنية أيضا والممر الوحيد لحزب الله والشيعة إلى المدن والقرى الشيعية فى جنوبلبنان،فبدأت ظاهرة الشيخ السلفى أحمد الأسير فى الانتشار كالنار فى الهشيم ،مع دعم مادى خليجى مثلما يحدث فى طرابلس ،وبدأ الأسير ومناصروه وعلى رأسهم المطرب المعتزل فضل شاكر بغلق طرقات صيدا والطرق السريعة حولها والتى تمر إلى الجنوب ،وزاد التحريض فى صيدا علنا على المنابر ،مع اندلاع المعارك فى سوريا ودعم السنة فى طرابلس للمعارضة المسلحة فى سوريا بالمال والسلاح والمقاتلين من طرابلس أو غيرهم تحت رعاية نواب السنة بالمدينة. ومع دخول حزب الله الحرب داخل سوريا لمصلحة نظام الأسد ،زاد التحريض ضده فى طرابلس فأصبحت معاداة الحزب علانية،وتدفق الشباب السنى المتحمس إلى داخل سوريا لقتال حزب الله والجيش السورى،دفاعا عن أهل السنة داخل سوريا،كما اندلعت معارك طاحنة بين العلويين فى جبل محسن وبين السنة فى باب التبانة بطرابلس ،ودعم العلويون فى جبل محسن حزب الله وسوريا فيما يدعم السنة تيار المستقبل ودول الخليج ،وظل القتال متقطعا بين السنة والعلويين حتى سيطر الجيش على المدينة ،بعدما رفع الساسة والمسئولون غطاءهم السياسى والأمنى عن المقاتلين من الطرفين،وفى التوقيت نفسه أعلن الأسير فى صيدا تشكيل ميليشيا مسلحة لمواجهة حزب الله ومنعه من المرور إلى الجنوب ،وهو الأمر الذى استدعى تدخل الجيش وقوى الأمن للقضاء على ظاهرة الأسير وهروبه وفضل شاكر إلى مخيم عين الحلوة الفلسطينى حيث المتشددون الإسلاميون المتعاطفون مع السنة. وهدأت الأمور فى صيدا بعد إعلان سعد الحريرى عدم دعمه الأسير وعدم التحدث باسمه ،لتظل النار تحت الرماد فى طرابلس،حتى تم تكوين جبهة النصرة فى سوريا لقتال بشار الأسد حيث انضم إليها الكثير من شباب طرابلس،ومع القبض على عماد جمعة أحد زعماء النصرة فى طرابلس اشتعلت المدينة مجددا ولكن ليس بين جبل محسن والتبانة ولكن بين التكفيريين والجيش اللبنانى ،حيث يحرض بعض شيوخ المساجد ضد الجيش اللبنانى وحزب الله ويعتبرون داعش والنصرة تحارب عدو الله وتدافع عن أهل السنة ،وكذلك فعل نواب السنة فى طرابلس خالد الضاهر ومعين المرعبى ومحمد كبارة،وأخيرا تم القبض على أحد قادة النصرة بعد إصابته خلال المواجهات مع الجيش اللبنانى واعترف بأن النائب خالد الضاهر يتواصل مع جبهة النصرة ويدعمها ويطالب الجنود بالجيش اللبنانى بالانشقاق والانضمام إلى النصرة وداعش ،وهناك مطالبات حاليا برفع الحصانة عنه ومحاكمته. وبعدما ظهر إلى العلن مايفعله نواب طرابلس وشيوخها ضد الجيش اللبنانى وحزب الله أعلن سعد الحريرى زعيم تيار المستقبل السنى أنه لايدعم ولايحمى نواب وشيوخ طرابلس السنة،لتشتعل المدينة مجددا على أيدى شادى المولوى المطلوب أمنيا حيث يقود الشباب المتعصب فى المدينة لمقاومة قوى الأمن والجيش بالسلاح،وأصبح الوضع على حافة الانفجار بين عشية وضحاها. فهل تنفجر الفتنة المذهبية السنية الشيعية فى لبنان من طرابلس حيث البيئة الحاضنة لداعش والنصرة والخلايا النائمة التى تنتظر الأوامر لتفجير الوضع والسيطرة على المدينة لإعلان غمارة داعش والنصرة فى لبنان بعدما فشلت عملية التنظيمين الإرهابيين فى عرسال مطلع أغسطس الماضى؟ الكل ينتظر فى الوقت الذى تعيش فيه طرابلس على فوهة بركان كاد ينفجر.