جاء من يسألنى: كيف تكتب عن الحب وسط هذه الخرائب..كيف تزرع شجرة ورد فى أرض مالحة..كيف تحزن على قلوب أجدبت ونفوس فسدت.. هل مازلت تعتقد أن لأشجار الحب مكانا وسط هذه الخرائب..آلا ترى الدماء التى تحاصرنا من كل جانب..ألا تشعر بالنيران وهى تلتهم حدائق الياسمين والزيتون فى بلاد الأنبياء والرسل..ألا ترى هؤلاء الذين يرفعون راية الدين ويذبحون الأبرياء تحت أشلائها..كيف تكتب عن الحب وهو الكائن الهش الضعيف الذى لا يستطيع إن يقاوم الحقد والكراهية بين البشر..إنه زائر لا يطيق البقاء وسط هذا العبث وهذا الجنون قلت:إن هذه الظواهر الفاسدة هى النتاج الطبيعى والثمار المرة لغياب الحب..إن الفهم الخاطئ للحب اننا تصورنا أنه مجرد علاقة بين رجل وامرأة..كيف لا يحب الإنسان أرضا ارتوت بدماء الشهداء دفاعا عن الأمن والكرامة..كيف لا يحب الإنسان شجرة منحته الظلال والثمار والجمال..كيف لا يحب الإنسان سماء علمته كيف يفكر ويحلق مع مخلوقات الله..كيف لا نحب أوطانا أنجبتنا وعلمتنا وكبرنا فى رحابها وعشنا معها وفيها أجمل ذكرياتنا..لماذا نتصور دائما أن الحب هو المرأة والرجل..إن الحب هو الوطن والبشر..هو الحديقة وأزهارها وثمارها..هو الصلوات فى أركان مسجد طاهر وكنيسة عتيقة..هو العلاقات بيننا فى الحوار والكلام والاختلاف والمساءلة..حين غابت أشجار الحب عن حدائقنا وجدنا أسراب الخفافيش تقتحم عقولنا قبل بيوتنا، وتهدم البشر قبل الجدران وتحطم القيم قبل الشعائر وتستبيح الماضى والحاضر وتحجب عنا رؤى الغد الجميل..مازلت على يقين إن حدائقنا لن تشيخ وأن قلوبنا لن تغيب عنها مشاعر الإيمان الحقيقى والحب الصادق.. إن الحب هو أول أبواب الأيمان..والإيمان أول طريق للرحمة..والرحمة أجمل ما زرع الخالق سبحانه فى قلوب البشر..لا دين بلا رحمة..ولاحياة بغير الحب ولا عصافير تسكن الخرائب..أن الحل فى قلوبنا وبين أيدينا من يحمل السلاح ليقتل لن يزوره الحب يوما..ومن اعتاد على الدماء لن ترضيه أبدا مياه الينابيع الصافية. حين انتشرت الخرائب فى قلوب البشر..ظهرت أشجار الكراهية وطفحت على الأرض مستنقعات الدم ولا صلاح للبشر الا بأشجار الرحمة والحب، الأرض التى تقتل العصافير لا تستحق الحياة [email protected] لمزيد من مقالات فاروق جويدة