صعد المتمردون الطوارق في مالي حملتهم ضد أهداف عسكرية ومدنية وهددوا باقتحام كيدال أهم مدن الشمال متهمين الحكومة بعدم الوفاء بوعودها في اتفاقيات السلام الموقعة بينهما خاصة ما يتعلق بالتنمية وتحسين أحوال المعيشة في مناطقهم ودمج المؤهلين منهم في الجيش وقوات الأمن وتخفيف الوجود العسكري فيها, ليتأكد بذلك فشل كل محاولات التسوية السلمية للمشكلة التي بدأت قبل خمسين عاما.. والسبب عدم جدية الحكومات المتعاقبة أو عجزها عن تنفيذ مشروعات تنموية حقيقية ترفع من مستواهم المعيشي لتضييق الفجوة بينه وبين مستوي الأغلبية الزنجية من ناحية, وانقسام الطوارق بين مؤيد لاتفاقيات السلام ومطالب باستمرار التمرد من ناحية أخري لتبقي مالي واحدة من أفقر دول العالم وأسيرة لتمرد يستنزف قدرا كبيرا من مواردها الشحيحة أصلا. خلال نصف القرن المنصرم ارتفع سقف مطالب الطوارق من مجرد الحصول علي حقوقهم التنموية وتملك الأرض التي يقيمون فيها وتخصيص ثلث موارد اليورانيوم المستخرج منها للتنمية مرورا باقامة حكم ذاتي وانتهاء بدولة مستقلة في منطقة أزواد التي تضم كيدال وجاوا وتمبكتو برغم أن عددهم لا يزيد علي مليونين معظمهم في شمال مالي والباقون موزعون بين النيجر وبوركينا فاسو جنوب الصحراء الكبري والجزائر وليبيا شمالها منذ أن شتتهم الاستعمار الفرنسي انتقاما لرفضهم مساندة باريس ضد ألمانيا في الحرب العالمية الثانية. وتم توقيع اتفاقيات سلام عديدة بوساطة جزائرية وليبية في أعوام1991 و1992و2006و2008و2009 الا أنها لم تصمد طويلا. يعيش الطوارق المعروفون ب عفاريت الصحراء الزرق في واحدة من أقسي مناطق العالم لندرة مياهها وحرارتها الملتهبة بلا أي مشروعات بنية أساسية تذكر منذ رحيل المستعمر الفرنسي عام1962 برغم استغلال شركات أجنبية مناجم اليورانيوم ومعادن أخري فيها. ولم تهتم بمشكلتهم الدول الغربية الا بعد انتشار عناصر تنظيم القاعدة في الصحراء الكبري وخطفهم سياحا وقتل بعضهم ومهاجمتهم مصالح غربية في دول عديدة وخشيتها أن يوفر الطوارق لهم ملاذا آمنا, لكنها لم تضغط بالقدر الكافي علي حكومتي مالي والنيجر لحل مشكلتهم! المزيد من أعمدة عطيه عيسوى