لقيت تصريحات المهندس إبراهيم محلب رئيس مجلس الوزراء بأنه "لا مهادنة فى استرداد حق الدولة فى الأراضى التى تم التعدى عليها أو خصصت بمخالفة القوانين والقرارات الوزارية المنظمة لذلك" ، ترحيباً كبيراً من المواطن المصرى. في الوقت ذاته زادت حدة القلق والتوتر بين أوساط رجال الأعمال بعد تردد أنباء عن قيام بعض الجهات الرقابية بتجميع بيانات عن المستفيدين خلال النظام الأسبق وخاصة الذين تم تخصيص أراض لهم بالأمر المباشر بأسعار زهيدة لا تتعدى 5% من قيمتها التى حددتها لجان التسعير المختصة بمناطق الحديقة الدولية والداون تاون ، ومرغم وأم زغيو والكيلو 21 أيضاً الأراضى الصناعية ببرج العرب والمنطقة الحرة بالعامرية والنهضة ، وقد تبين أن بعض أصحاب شركات الاستثمار العقارى حصلوا على استثناءات مخالفة لقوانين البناء وخطوط التنظيم والاشتراطات البنائية ، وذلك فى خلال الفترة بين عام 1997 وحتى قيام ثورة يناير والذين وصل عددهم بالثغر إلى أكثر من 413 مستفيداً منهم 20 إلى 30 مليارديراً . "تحقيقات الأهرام" حصلت على بعض المستندات التى تؤكد شبهة الفساد والتربح الجنائية فى تخصيص أراضى أملاك الدولة بأسعار شبه مجانية رغم اعتراض لجان التسعير المختصة والاجهزة الرقابية ، وبعرض المستندات على رئيس الجهاز الرقابى الأول فى ذلك الوقت أكد انهم تصدوا لهذه الأمور بكل الطرق القانونية ومحاضر الجلسات تشهد على ذلك ولكن فساد بعض"أولى الأمرمن التنفيذيين" وتعاليهم على القوانين أهدر عشرات المليارات على خزينة الدولة لصالح "قلة". أمر مباشر بمواجهة الدكتور طارق القيعى رئيس المجلس الشعبى المحلى للاسكندرية السابق بالمستندات ، قال إنه فى الفترة بين 1997 وحتى 2006 خصص المسئولون التنفيذيون بالأمر المباشر وبطرق مخالفة للقانون وقرارات مجلس الوزراء مئات الافدنة لرجال أعمال ومستثمرين مقربين للسلطة ومتخذى القرارات بأسعار لا تتعدى نسبة 5% من اسعارها الحقيقية التى حددتها لجان التسعير المختصة بحجة اقامة مشروعات تنموية وخدمية ، وقد اعترض المجلس على هذه الأمور وقام بتقديم بلاغات للنيابة ومخاطبة كبار المسئولين ولكن دون جدوى ، رغم أن القرارات تنص على أنه لايجوز للمحافظ أو أى مسئول ان يخصص أكثر من ألفى متر بالامر المباشر الا للمنفعة العامة وبعد موافقة مجلس الوزراء ، واتضح بعد ذلك قيام العديد من الذين خصصت لهم اراضى الدولة بتسقيعها وتقسيمها إلى قطع وبيعها ، مما أهدر على خزينة الدولة أكثر من 42 مليار جنيه بمناطق غرب ووسط المدينة ، مؤكداً أنه فى منطقة أم زغيو بغرب المدينة بوصلة الذراع البحرى قامت المحافظة فى عام 1995 بتسوية وتمهيد مساحة 100 فدان لانشاء مدينة سكنية للشباب ومحدودى الدخل ، ولكن مافيا الاراضى المقربين للسلطة وذوى النفوذ وأدوا المشروع للاستيلاء على المساحة التى كلفت المحافظة ثمانية ملايين جنيه لتمهيدها فى ذلك الوقت ، فقد تقدم مجموعة من الافراد للمحافظة بدعوى أنهم مستثمرون ويريدون تخصيص مساحة المائة فدان لهم لانشاء شركة للبتروكيماويات ولكن المحافظة رفضت بحجة ان الأرض مخصصة لمشروع سكنى والقانون يحظر انشاء هذه الصناعات داخل كردونات المدن ونصحهم المسئولون بالتوجه لمدينة برج العرب الصناعية وفى عام 2001 أعادوا المحاولة مرة أخرى ولكن بتوصيات من رئيس الوزراء وبالفعل خصص لهم مساحة 160 فداناً من ضمنها ارض المشروع السكنى وحددت لجنة التسعير ثمن المتر بمبلغ 208 جنيهات و60 قرشاً ولكن المحافظ وقتها أهداهم الأرض بسعرالمتر 20 جنيهاً فقط رغم اعتراض رئيس وأعضاء لجنة التسعير ومع أنهم تعهدوا ببدء الانتاج بعد ثلاث سنوات لم يتخذوا أية خطوة جادة لتنفيذ المشروع وقاموا بتقسيم الأرض إلى قطع وعرضها للبيع بسعرمن 350 – 500 جنيه للمتر حسب التميزوالموقع من الطرق ، وفور تولى اللواء عادل لبيب محافظاً أصدر قراراًبالغاء التخصيص واعادة الارض للمحافظة ، ولكن بعد ثورة 25 يناير وتعرض البلاد لانفلات أمنى زاد عبث عصابات الاراضى باملاك الدولة. وأكد الدكتور طارق القيعى أنه فى منتصف التسعينات وافقت وزارة الزراعة على تخصيص 500 فدان بمدخل الاسكندرية لانشاء مدينة أوليمبية وبعد ردم جزء من بحيرة مريوط لاستكمال المساحة ،ظهرت أطماع رجال الأعمال وبسطوة أموالهم وقوة نفوذهم تم الغاء المشروع وحصول المحظوظين على المساحة باسعار تتراوح بين 20 – 50جنيهاً للمتر بعد أن قدرته لجان التسعير بالمحافظة بمبلغ 600جنيه ثم 4 اّلاف جنيه والذى وصل حالياً إلى 15 ألفاً . الحديقة الدولية ولم يتوقف الأمر عند ذلك حيث كانت هناك حديقة دولية أيضاً على مساحة 150 فداناً بمدخل المدينة بها جميع أنواع نباتات الزينة وكانت متنفساً لابناء الاسكندرية وغيرهم من الزائرين الذين كانوا يدخلونها بتذاكر رمزية تسهم فى تطويرها باستمراروالحفاظ على جمالها وقام المحافظ عام 98 باسنادها بالأمر المباشرلإحدى شركات التنمية السياحية المقربة له لمدة عشرين عاماً حق انتفاع مقابل مبلغ 9 ملايين جنيه بحجة تطويرها وتجميلها ولكن الشركة قامت بتقسيمها وتأجيرها لمستثمرين أنشأواعليها منتجعات ونواد وصالات أفراح ومطاعم وكافتيريات وغيرها من الأنشطة التى تدر مليارات الجنيهات سنوياً تدخل جيوبهم. مظلة الاستثمار أما شاكر النجار رئيس لجنة الاستثمار السابق بمجلس محلى المحافظة ، فيؤكد أن فترة أواخر التسعينات وحتى عام 2006 شهدت فساداً وتجاوزات خطيرة فى توزيع أصول وأملاك الدولة من الأراضى على بعض الذين لا يهمهم الا التربح الشخصى تحت مظلة الاستثمار ، موضحاً أنه من الأمثلة الصارخة التى جسدت فساد المسئولين بجميع قطاعات الدولة عندما تم تخصيص 1559 فداناً بمنطقة النهضة التى تتمتع بقانون حوافز الاستثمار لشركة غزل ونسيج بسعرالمتر نحو 18 قرشاً ليقام عليها أربعة مصانع "قومية" توفر آلاف الفرص للعمالة وتفتح أسواقاً جديدة لتصدير المنسوجات المتنوعة ، واشترط البند التاسع فى عقد التخصيص أنه فى حالة استغلال المساحة فى غير الغرض المخصصة من أجله يتم إلغاء التخصيص تلقائياً دون اللجوء للمحاكم ، ولكننا فوجئنا بقيام أعضاء مجلس الإدارة بتكوين شركة موازية ،واشترت الارض "1559 فداناً" بستة ملايين جنيه من شركة الغزل وقسمت المساحة لمشاريع صناعية وسكنية وتعليمية وترفيهية وتجارية وعرضها للبيع داخل وخارج مصر ، وايضاً طرح 30 مليون سهم فى البورصة حيث تم تقدير سعر الارض الذى عرضته الشركة للبيع بحوالى 12 مليار جنيه ومازال الأمر قائماً خاصة بعد بيع جزء كبير بطرق ملتوية بين بعض كبار المصرفيين . وأكد شاكر النجار أن مناطق غرب الأسكندرية شهدت فساداً كبيراً فى اسناد أكثر من ألف فدان من أملاك الدولة بأسعار زهيدة تحت مسمى "التنمية والاستثمار" وبعدها يتم تغيير النشاط المخصصة من أجله وتحويله لنشاط تجارى بحت ، موضحا أنه اكتشف بعد اطلاعه على احد المستندات حصول أحد الأشخاص على عشرين فدانا لانشاء مخزن لتعبئة أنابيب البوتاجاز بسعر عشرين جنيها للمتر في حين أن لجنة التسعير قدرته بمبلغ 350 جنيها , مؤكدا أن هذه الحالات كثيرة جدا وجميع المسئولين باللجان المعنية اعترضوا على ذلك في محاضر رسمية ، لكن المحافظ في ذلك الوقت كان يضرب بالاعتراضات والقانون عرض الحائط , مشيرا الى أن الاخطر هو منح بعض شركات الاستثمار العقاري والمقاولين استثناءات صارخة في تعلية المباني ، ففي بعض المناطق خاصة الراقية تم هدم عشرات الفيللات الاثرية بقرار من المحافظ وبنيت عليها ابراج سكنية مخالفة للقانون حيث انه في بعض المناطق ينص قانون البناء على ان يكون المبنى لا يزيد ارتفاعه على 12 مترا و لكن تم منحهم استثناءات من المحافظ بارتفاع 36 مترا رغم اعتراض الادارات الهندسية و الشئون القانونية بالاحياء ومديرية الاسكان مما اثر على المرافق في مقابل دخول المليارات في جيوب بعض اصحاب الشركات العقارية والمقاولين ورغم ذلك يرفضون الإسهام لانقاذ الوطن من الازمة الاقتصادية , مؤكدا ان بعض الاجهزة تجري حصرا لهذه العناصر لاسترداد حقوق الدولة تأكيدا لتصريحات رئيس مجلس الوزراء مؤخرا .