ونحن على أعتاب اجراء الانتخابات البرلمانية لاختيار مجلس نيابي، يعيش الشارع السياسى متناقضات خطيرة قد تنال من عطاء مجلس النواب الجديد الذى استعدت كل الأحزاب السياسية للمشاركة فى معتركه الانتخابي. نعلم جميعا أن البرلمان يعد أحد أهم مظاهر السلطة منذ دستور 1923 وحتى وقتنا الراهن ،وقد ساهمت الانتخابات البرلمانية فى صناعة الثقافة السياسية والانتخابية لدى قطاعات الشعب. هذه الثقافة ألقت بظلالها السلبية على انتخابات برلمان 2011 بعد ثورة 25 يناير ، خاصة وأن الشعب كان يأمل آنذاك أن تكون نزيهة بعيدة عن التزييف والتزوير. فقد هاله ما حدث فى انتخابات 2010، والتى كانت سببا مباشرا فى قيام ثورة 25 يناير . نجد أن النتيجة لم تخرج بجديد ،وتبنى الإخوان للأسف الشديد نفس أساليب الحزب الوطنى السابق، فكان تزييف الوعى باسم الدين . وبعيدا عن الوطنى والإخوان ، نحن الآن فى انتظار اجراء انتخابات 2014، والمؤكد أنه لن تستخدم الشعارات الدينية، ولكن قد يعيبها حتى الآن عدم توافق الأحزاب فى الاندماج فى تحالفات انتخابية وخوض الاستحقاق النيابى ككتلة واحدة من أجل مصلحة الوطن والحفاظ عليه ،وحتى نحقق مطالب ثورتين قام بهما الشعب بإرادة حرة خالصة للوطن..»الأهرام « استطلع أراء السياسيين للخروج لوضع مقارنة سياسية بين انتخابات برلمان 2011 والأخرى المقرر اجراؤها فى نوفمبر المقبل ، والهدف هو عدم تكرار أخطاء الماضى وتجنب حل المجلس النيابى الجديد وعدم اهدار الوقت فى مهاترات سياسية بين مختلف الأحزاب، لأن الخاسر الوحيد هو الشعب الذى يعول كثيرا على المجلس الجديد والذى ينتظره الكثير من القوانين لإقرارها. أعرب الدكتور أحمد يحيى عبد الحميد استاذ علم الاجتماع السياسى بجامعة قناة السويس عن اسفه من ان انتخابات البرلمان ظاهرة سياسية ارتبطت بالعديد من السلبيات منذ زمن طويل، ومن اخطرها على الاطلاق تدخل السلطة التنفيذية سواء من الملك او الاتحا د الاشتراكى أو الحزب الوطنى ،فى توجيهها والسيطرة عليها وصناعتها لصالح السلطة التنفيذية، وهذا جعلها سيئة السمعة، حيث سيطرت عليها العائلات والقبلية والمال السياسي، والتدخل السافر من المحليات فى تزويرها، واختيار أعضاء البرلمان ،ولن يستثنى من هذه القاعدة غير الانتخابات التى تمت فى عهد ممدوح سالم رئيس وزراء مصر فى عهد الرئيس انور السادات ،ومع ذلك قام الرئيس السادات بحل البرلمان وقتها.واشار يحيى إلى ان بعد ثورة 25 يناير 2011 ،تمنى الشعب المصرى ان تجرى انتخابات برلمانية حقيقية بعيدة عن التزوير والتزييف، وبخاصة بعد مأساة انتخابات 2010 والتى كانت سببا فى قيام ثورة 25 يناير، وللاسف الشديد اتبع الاخوان نفس الاسلوب السابق ،بتزييف الوعى باسم الدين ومن خلال الدعاية بالشعارات الدينية ،ونجحوا إلى حد كبير فى حشد قطاعات كبيرة من الشعب المصري، مستغلين فقره وجهله، ومستخدمين المنابر، والمساجد لتزييف وعى المواطنين، وللاسف نجحوا فى ذلك وجاءوا ببرلمان 2012 وكان اسوأ مما سبقه، موضحا انه كانت مهمته الاولى الانتقام من كل الرموز السياسية السابقة، وبخاصة من ينتمون إلى الحزب الوطني، إلى جانب إصدار قوانين تؤيد مصالحهم الشخصية، ومصالح الجماعة على حساب مصالح الدولة والناس، مؤكدا انهم وجدوا سندا سياسيا من رئيس الجمهورية فى ذلك الوقت. وقال الحمد لله ان لدينا محكمة دستورية عليا ، تعلى من مصلحة الوطن مهما كانت قوة هذه البرلمانات او الانتخابات ،وتم الحكم بحلها، مما دعا إلى محاصرة المحكمة الدستورية لعدم أصدارها حكما بحل مجلس الشوري، مؤكدا ان الدلائل كلها تشير إلى ان المشاركة الشعبية فى الانتخابات البرلمانية مازالت تفتقد إلى وعى الأختيار ،بالاضافة إلى فساد ذمم بعض المحليات، وبعض المسئولين التنفيذيين، وهكذا تصبح الانتخابات البرلمانية مؤشرا حقيقيا على وعى المواطنين ومصداقية السلطة السياسية فى انتخابات برلمانية نزيهة، وهذا ما نأمله فى الانتخابات القادمة بعيدا عن الصراعات القبلية والعائلية، او استخدام المال السياسى او النفوذ او الشهرة ،حتى يصبح لدينا برلمان قادر على مواجهة التحديات التى تواجهها مصر، وأصدار التشريعات التى طالب بها دستور 2014. وتوقع استاذ الاجتماع السياسى ان برلمان 2014 سيكون من اخطر البرلمانات فى تاريخ مصر، والسبب يرجع لأن برلمان 2014 مسئول لاول مرة عن تشكيل الحكومة ومحاكمة رئيس الدولة، والمشاركة الحقيقية فى قضايا الأمن القومي، وأصدار التشريعات التنفيذية لصناعة المستقبل. وتسأل هل سيعى الشعب أهمية الاختيار.. أم سنعيد الكرة فى صراعات وتكتلات تكون نتيجتها فساد الحياة البرلمانية والتشريعية؟. وأعرب عن أمله أن تحقق التحالفات المدنية قدرا من التوافق لعدم تسلل التيارات المضادة لثورة 30 يونيو من الوصول إلى البرلمان، وإعاقة نشاطه وتشريعاته، موضحا انه من المتوقع أن يسعى تيار الاسلام السياسى من الإخوان والسلفيين، ومن يؤيدونهم إلى التسلل إلى البرلمان من خلال إعادة تزييف الوعى مرة اخرى باسم الدين، وتسأل فهل فهم المصريون الدرس؟. ومن جانبه يرى نبيل زكى المتحدث الرسمى باسم حزب التجمع ان أخطر ما حدث فى انتخابات 2011 ،انها لم تكن انتخابات حرة ،حيث سادها شعارات دينية واستخدم فيها دور العبادة فى الدعاية الانتخابية،كما سيطرت عليها الرشاوى العلنية ،وبشكل عينى ونقدى ،عينى مثل توزيع السكر والزيت، ونقدى مثل توزيع الاموال على الناخبين من اجل الحصول على اصواتهم . واعرب زكى عن رفضه لقانون العزل السياسي، موضحا ان العزل السياسى بالقوانين يدل على الخوف من المنافسة. وتابع زكى ان انتخابات 2014 ستخلو من الشعارات الاسلامية ،وتم منع استخدام دور العبادة للدعاية الانتخابية . واشار إلى ان اخطر ما فى انتخابات 2014 هو قانون الانتخابات ذاته الذى تم وضعه وقرر العقوبة ضد كل مرشح يثبت حصوله على تمويل أجنبى بحيث يعاقب بالحبس ولا يكتفى بتطبيق الغرامة فقط ضده. وأشار زكى إلى أنه حتى الآن لم يتم تشكيل جبهة وطنية متحدة ،وكتلة متماسكة من الاحزاب تخوض الانتخابات ،وتكون موحدة ،لكى تكون خط دفاع عن الدولة المدنية الحديثة ،وعن ثورته 25 يناير و30 يونيو، من اجل قطف ثمار الثورتين . واوضح ان عدم توافق التحالفات يعد كارثة ،وبخاصة ان هناك 12 تحالفا، وهذا يدل على ان التشرذم والتنافرالسياسى ،والمناورات والرغبة فى اقصاء كل حزب للحزب الأخر ،موضحا ان هناك احزابا تتوهم أنها ستحصل على أكبر أعداد للاصوات وعلى أغلبية المقاعد، ولذلك تعمل على تفتيت الصف الوطني. ويقول عبد الغفار شكر رئيس حزب التحالف الشعبى الاشتراكى ان انتخابات 2011 كانت أفضل بكثير من النظام المطروح فى 2014، فكان فى نسبة من المقاعد بنظام القائمة النسبية وهو نظام ديمقراطى يعزز التعددية الحزبية ،وسمح لكل قائمة انتخابية ان يفوز منها مرشحون بقدر ما تحصل عليه من الناخبين، موضحا انه بناء على هذا كان فى مجلس شعب 2011 نواب ينتمون إلى دائرة واسعة من الاحزاب السياسية. أما النظام الحالى فتوجد القائمة المطلقة وهو نظام فاسد لأنه يتيح ان تنجح القائمة بالكامل او تسقط بالكامل ،وهذا معناه ان الحزب او التحالف الذى سيحصل على معظم الاصوات سيحصل على معظم مقاعد البرلمان ، وبالتالى ستحرم الاحزاب الاخرى من أى تمثيل فى البرلمان، موضحا ان هذا غير ديمقراطي.واشار شكر إلى ان النظام الحالى 77% من المقاعد سوف تتم الانتخابات فيها بالنظام الفردى ،مما يحرم المرشحين الفقراء وهم من يمثلون الفلاحين والعمال والاحزاب الشبابية ،من ان ينجح لها مرشحون، وذلك بسبب عدم وجود الاموال. واعرب شكر عن رفضه لقانون العزل السياسى الشامل سواء للحزب الوطنى او للإخوان المسلمين، وطالب ان يكون الحرمان من مباشرة الحقوق السياسية بشكل فردي، وبناء على ما ارتكبه الشخص من جرائم، موضحا ان الوضع الحالى افضل من 2011 فى حيث اصدر وقتها قانون عزل اعضاء الحزب الوطنى من الترشح للانتخابات.وتابع شكر انه فى انتخابات 2011 كان الإخوان المسلمين قوة سياسية صاعدة أكثرمالا، وخبرة، وتنظيما، لذلك حصلوا على اكثر مقاعد الشعب والشوري، ومعهم حزب النور ،وبالتالى تحكموا فى العملية التشريعية، بالاضافة إلى انه كانت هناك حرية فى الحركة الانتخابية لكل المرشحين فى معظم المحافظات ماعدا بعض محافظات الصعيد، والتى منع الإخوان والسلفيون الاقباط من التصويت ،وكان هذا عيبا كبيرا للغاية ،ونأمل ألا يتكرر هذا فى انتخابات 2014، وتكون الحرية متاحة لكل المرشحين والناخبين والمساهمة بحرية فى العملية الانتخابية. واوضح شكر ان انتخابات برلمان 2014 لا توجد قوة سياسية تفوز بالاغلبية ،والاكثرية ،ومن هنا نتوقع مجلس نواب متعدد الاتجاهات.