الانتخابات البرلمانية في موعدها ولا تأجيل.. ذلك ما أكده الرئيس عبدالفتاح السيسي، الأسبوع الماضي، حينما أصدر قراراً بتشكيل اللجنة العليا للانتخابات قبل يومين من الموعد المقرر دستورياً، لانطلاق ثالث خطوات خارطة المستقبل التي أقرت عقب ثورة 30 يونيو.. وقطع الرئيس السيسي بذلك كل التكهنات والشائعات التي انتشرت مؤخراً عن تأجيل الانتخابات النيابية. وتتجه أنظار المصريين الآن نحو إجراء الانتخابات البرلمانية، التي يتزامن معها عدة مشاهد لحراك قوي وساخن علي الساحة السياسية والحزبية استعداداً لخوض غمارها، حيث شهدت الفترة الأخيرة الإعلان عن مجموعة من التحالفات الحزبية، التي أثارت التساؤلات حول شكل البرلمان القادم وطبيعة العلاقة بينه وبين الرئيس. وتأتي أهمية البرلمان القادم في أنه ليس فقط أول برلمان بعد ثورة 30 يونيو ولكن لما سيتمتع به هذا البرلمان عكس كل البرلمانات السابقة من صلاحيات تفوق صلاحيات الرئيس. وتجري الانتخابات البرلمانية المقبلة بنظام مختلط بين نظامي الفردي والقائمة المطلقة ويسمح للمستقلين والأحزاب بالمنافسة في كلا النظامين. وانتقدت الأحزاب بشدة قانون الانتخابات محذرة من كونه يفتح الباب أمام عودة نواب الحزب الوطني الديمقراطي (المنحل) وأعضاء الجماعة الإرهابية. وكان الرئيس السيسي قد أعلن أثناء حملته الانتخابية أنه لن يشكل حزباً سياسياً ولن ينضم لأي من الأحزاب القائمة وأنه سيعتمد علي الظهير الشعبي المؤيد له وهو ما يعد مختلفا عن كل رؤساء مصر السابقين الذين اعتمدوا علي أحزاب تؤمن لهم ظهيرهم السياسي. ويري المحللون والمتابعون أن الصلاحيات الجديدة التي أعطاها الدستور الجديد للبرلمان هي التي تشعل المنافسه والاهتمام الكبير الذي لم تشهده أي انتخابات برلمانية من قبل، فرئيس الجمهورية يريد برلماناً بظهير وأغلبية مؤيدة له بما يساعده في تمرير التشريعات اللازمة لإنجاز برنامجه الانتخابي وخطته التنموية التي أعلن عنها وتحتاج لبيئة تشريعية جديدة. وشهدت الأيام الماضية إعلان عمرو موسي رئيس لجنة الخمسين الوثيقة الخاصة بمبادئ تحالفه الانتخابي التي ترتكز علي الحفاظ علي الدولة الوطنية وإصلاحها والوقوف ضد محاولات تأسيس نظام ثوري أو نظام يستمد شرعيته دون الدستور والقانون وإصلاح مؤسسات الدولة. وكانت المفاجأة الأيام الماضية التي أعقبت إعلان تحالف "عمرو موسي" هو استبعاد بعض الأحزاب وعلي رأسها "الحركة الوطنية وجبهة مصر بلدي" من التحالف وكانت المبررات التي قالتها بعض المصادر "لآخرساعة" بعد استبعاد حزب الفريق شفيق وجبهة مصر بلدي هو رموز نظام الحزب الوطني الموجودة بكثره بالحزبين وكان هناك ترحيب واسع من عدد من الأحزاب بسبب استبعاد أحزاب الفلول علي حد قول بعض مسئولي عدد من الأحزاب. وعلي الجانب الآخر كلفت أحزاب التيار المدني الديمقراطي الدكتور أحمد البرعي وزير التضامن الاجتماعي الأسبق بصياغة وثيقة خاصة بتحالفهم الانتخابي، تمهيداً لإعلان تحالف سياسي بين القوي المشاركة في التيار وليس تحالفا انتخابيا فقط، وأن الوثيقة ستؤكد مدنية الدولة، وأن السيادة للشعب وأنه مصدر كل السلطات، والتأكيد علي احترام الدستور، مشددا علي أن الوثيقة ستنطلق من محور العدالة الاجتماعية وتحقيق الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للمصريين في الغذاء والمسكن والرعاية الصحية والتعليم والعمل والأجر العادل والتأمين الشامل والبيئة النظيفة. وتؤكد وثيقة التيار أيضا الاستقلال الوطني وترحيبها بانضمام كل المؤيدين لثورتي 25 يناير و30 يونيو، واستبعاد كل من ينتمي إلي نظام مبارك أو الإخوان المسلمين". يأتي هذا في الوقت الذي تحاول فيه بعض الأحزاب لم شمل القوي الوطنية ومحاولة الانتهاء من التحالفات إلا أن بعض الأحزاب كالمصريين الأحرار يفكر بجدية في خوض الانتخابات منفرداً. ويعمل تحالف الوفد المصري الذي يضم كلا من حزب الوفد برئاسة الدكتور سيد البدوي والمصري الديمقراطي برئاسة الدكتور محمد أبو الغار والمحافظين برئاسة أكمل قرطام والإصلاح والتنمية برئاسة محمد أنور السادات علي اختيار أسماء المرشحين الذين سيمثلون هذا التحالف وذلك بعناية شديده مستعينين في ذلك بشركة استطلاع رأي للحصول من خلالها علي معلومات دقيقة حول شعبية المرشحين في كل الدوائر الانتخابية . ومن جانبه قال عبدالغفار شكر رئيس حزب التحالف الاشتراكي أن تحالف عمرو موسي اتخذ من البداية موقف المساند لرئيس الجمهورية وهذا ليس عيبا في حد ذاته إلا أن المعارضة أوالتأييد يجب أن تتشكل وفقا للسياسات ويري أنه اذا تمت الانتخابات وفقا للقانون الذي صدر فإن نائب الخدمات سيسيطر علي البرلمان القادم، وسيؤدي إلي إضعاف التعددية الحزبية والعودة الي ماقبل 25 يناير. مضيفا أن ظاهرة التحالفات الانتخابية إيجابية، وتلجأ لها الأحزاب لتقوي بعضها البعض وتكمل بعضها البعض ومن ثم تقوي المنافسة الانتخابية. وبذلك يقف تحالف حمدين صباحي وحيداً علي جبهة المعارضة، وهو الذي يضم الأحزاب التي دعمت حمدين صباحي في الانتخابات الرئاسية وهي حزب التحالف الشعبي والدستور والكرامة والعدل والتيار الشعبي وتيار الشركة الوطنية، حيث تسعي الي تكوين تحالف انتخابي يخوض الانتخابات البرلمانية لتكوين تيار معارض داخل البرلمان يكون له دور في اختيار الحكومة. من جانبه يري الدكتور أحمد دراج، القيادي بالجمعية الوطنية للتغيير، أن احتمالية عدم وجود أغلبية وتكتلات واضحة بالبرلمان القادم باتت مؤكدا لعدة أسباب أولها قانون الانتخابات البرلمانية الذي يؤدي إلي انتخاب أفراد بعيدين عن الحزبية مؤكدا أن هذا القانون مصمم لينتج نوابا مستقلين والأمر الآخر أن الأحزاب السياسية بنيتها وتركيبتها لا تدعو لوجود تكتلات أو أحزاب قوية مضيفا أن المجتمع المصري هو مجتمع يقوم علي الفردية وتغييره يحتاج لجهد كبير من الدولة. وعن محاولات عمرو موسي لعمل تكتل قوي يخوض الانتخابات القادمة، قال دراج إن عمرو موسي أراد أن يستبق الأحداث مما خلق أزمة في الحياة السياسية وحاول بناء تحالف في وقت سريع دون أن يفكر في العناصر التي سيعتمد عليها في تحالفه مما أدي إلي ظهور عدد من الشخصيات غير المرغوبة الآن في الشارع السياسي ويري القيادي بالجبهة الوطنية للتغيير أن حالة التفكك السياسي الموجودة الآن علي الأرض من الممكن أن تؤدي إلي ظهور حزب سياسي تابع للنظام ليلتف الناس حوله وبالتالي هذه الفكرة من الممكن أن تؤدي إلي مشاكل مثل التي عاشتها مصر قبل 25 يناير. وقال عبدالمنعم إمام، الأمين العام لحزب العدل، إن أحزاب التيار المدني قررت تشكيل لجنة سياسات بديلة لمناقشة القرارات التي تأخذها الدولة وطرح حلول بديلة لها حال الاعتراض عليها، مشيرا إلي أن التيار سيستكمل اتصالاته مع الأحزاب لحسم مسألة التحالفات الانتخابية. وعلي جانب آخر أكد الدكتور زكي السنوسي، أستاذ العلوم السياسية، أن المشاورات ستظل مستمرة إلي ما قبل الانتخابات مباشرة ، لتنتهي إلي مشهد يضم عددا كبيرا من التحالفات الانتخابية التي لا يتعدي مكون كل منها 4 أحزاب. مشيرا إلي أن الوثائق التي تعلن عنها التحالفات ليس لها وظيفة ومجرد "منظرة" مشيرا إلي أن الأمر عندما يتعلق بالتحالفات الانتخابية وعدد ما سيحصل عليه كل حزب من مقاعد سيكون الشعار الذي يتحرك به الجميع دون أن يعلن ذلك صراحة أنه لا صوت يعلو فوق صوت المقاعد. في حين أكدت بعض الأحزاب التابعة للتحالف الديمقراطي أن استبعاد تحالف الأمة المصري لبعض الأحزاب وعلي رأسها "الحركة الوطنية وجبهة مصر بلدي" من التحالف خطوة جيدة تحسب للتحالف نفسه. واعتبر حزب الدستور في بيان له أن الانضمام إلي التحالف من عدمه، يجب أن يبني علي فكرة الأجندة الانتخابية التي تجمع الأحزاب الانتخابية تحت قبة البرلمان، فيما أكد حزب الإصلاح والنهضة أنه لا يهمه كثيرا سواء تم استبعاد حزبي الحركة ومصر بلدي من عدمه لأن الحزب يري أن التحالف أقرب لتوجهاته. وأكد الدكتور حسام عبد الغفار، القيادي بحزب الدستور، أن انضمام الدستور للتحالف من عدمه، يجب أن يبني علي فكرة الأجندة الانتخابية التي تجمع الأحزاب الانتخابية تحت قبة البرلمان، مشيرا إلي أن " دخول البرلمان ليس الغاية بقدر الاتفاق علي أجندة واحدة"، مطالبا الأحزاب بأن تكون هذه هي قاعدة بناء تحالفاتهم. فيما قال هشام عبدالعزيز، رئيس حزب الإصلاح والنهضة، إن انضمام الحزب إلي تحالف الأمة المصرية غير مرتبط باستبعاد «الحركة الوطنية وجبهة مصر بلدي» من عدمه، مشيرا إلي أن الحزب يري في التحالف أقرب إلي توجهاته. أضاف عبدالعزيز، أن هذه الخطوة قد تجعل الأحزاب التي كانت معترضة علي انضمام الحزبين تنضم إلي التحالف، لافتا إلي أن الحزب يوافق علي وثيقة التحالفات التي أعدها الدكتور عمرو الشوبكي وانضمامه سيكون خلال الأيام القليلة المقبلة. يحيي قدري، النائب الأول لرئيس حزب الحركة الوطنية، ل"آخرساعة" انتقد ما أعلنته أحزاب التيار المدني الديمقراطي حيث اشترطت استبعاد أحزاب الحركة الوطنية ومصر بلدي لكي تنضم إلي التحالف الانتخابي الذي يقوده عمرو موسي، مؤكدا أن ذلك مزايدة لا مجال لها حاليا. وأكد قدري أن الحزب ضد الإقصاء لمن يختلف معهم وأن حزب الحركة الوطنية لايسعي للانضمام إلي أي تحالف انتخابي موجود في الوقت الراهن. لافتا إلي أن أغلب الأحزاب تسعي إلي مصالح شخصية بحصد نسبة كبيرة من المقاعد في انتخابات مجلس النواب. وأضاف قدري قائلا: "الرد علي هؤلاء سيكون داخل صندوق الانتخابات". وأن الحزب انتهي بشكل نهائي من إعداد قوائمه الانتخابية.