رأى الكاتب الأمريكى توماس فريدمان أنه يمكن وقف رحى الحرب الدائرة فى غزة والتوصل لمخرج مستقر، لكن هذا الأمر يتطلب وجوها جديدة من الأطراف الرئيسية لم تتقلد مناصب القيادة من قبل. وبرر فريدمان فى مقاله بصحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية اقتراحه هذا بقوله: «إننا بصدد جيل من القيادات العربية والفلسطينية والإسرائيلية خبير فى حفر الأنفاق وبناء الجدر العازلة، جيل لم يعرف الجسور والبوابات»، على حد تعبيره. وأشار فريدمان فى مقاله الذى جاء تحت عنوان «كيف تنتهى هذه الحرب» إلى المدى الهائل الذى وصل إليه الإبداع فى مضمار صناعة الحرب فى المنطقة مقارنة بصناعة السلام، بدليل نظام القبة الحديدية المعترض للصواريخ والذى يستطيع تتبع الصاروخ المنطلق من غزة ومعرفة ما إذا كان سيصيب منشآت إسرائيلية ومن ثم وجوب اعتراضه من عدمه، أم أنه سيسقط فى البحر أو فى إحدى المزارع أو الصحراء فيمكن تجاهله. ووصف نظام القبة الحديدية بأنه ليس فقط ذكيا واقتصاديا وإنما اختصار لنظام عبقري. وتساءل الكاتب «ماذا لو وظفت الحكومة الإسرائيلية هذه العبقرية فى محاولة إبرام اتفاق مع المعتدلين فى السلطة الفلسطينية بالضفة الغربية؟ لابد أن مصير حركة حماس كان سيصبح أكثر عزلة عالميا مما هى عليه اليوم وليس إسرائيل». على الجانب الآخر ، أشار فريدمان إلى عبقرية حماس فى حفر الأنفاق والمتاهات تحت الأرض وتحت أعين إسرائيل، وقال: «لو أن حماس، التى لم تجلب غير الدمار لشعب غزة، وظفت العبقرية ذاتها فى البناء فوق الأرض، لكانت اليوم بمثابة أكبر شركة مقاولات فى العالم العربي». واستبعد فريدمان عودة الوضع السابق عندما تضع هذه الحرب أوزارها كسابقاتها: «ها هى إسرائيل ومسئولو السلطة الفلسطينية، حتى قبل إبرام اتفاق وقف إطلاق النار، يبحثون بنود الاتفاق النهائى بشأن غزة ما بعد الحرب». ورأى الكاتب إمكانية إبرام اتفاقية ترضى المعتدلين من العرب والفلسطينيين والإسرائيليين، لكن هذا يستلزم من كل من إسرائيل وحماس والولايات المتحدة نسيان كافة القواعد القديمة حول من لا يتحدث إلى من، بحسب رأيه. وأضاف: «الفرصة الوحيدة لتحقيق هذه الأهداف هى عودة السلطة الفلسطينية المعتدلة بقيادة الرئيس محمود عباس إلى القطاع التى أخرجتها منه حماس عام 2007». ونقل فريدمان عن ياسر عبد ربه أحد كبار مستشارى عباس القول إن السبيل الوحيد للوصول إلى ذلك هو أن يشكل الفلسطينيون حكومة وحدة وطنية تضم «حماس»، وأن توافق إسرائيل على استئناف المفاوضات مع هذه الحكومة حول إنهاء احتلال الضفة الغربية. وأشار عبد ربه إلى أنه «من المستحيل أن تلعب السلطة الفلسطينية دور شرطى إسرائيل فى الضفة والقطاع بلا مقابل»، موضحا أن السلطة إذا عادت كمغير لقواعد اللعبة فسوف تكون على رأس حكومة وحدة وطنية فلسطينية إلى جانب حماس والجهاد الإسلامى بالداخل، هذه الحكومة ستتفاوض مع إسرائيل، وإذا كانت كل من حماس وإسرائيل تريدان الخروج من هذه الحرب ببعض الغنائم، فعليهما أن تقدما بعض التنازلات للسلطة الفلسطينية.