60 عاما فى خدمة القرآن الكريم وعلومه، هو شيخ عموم المقارئ المصرية، وعضو لجنة اختبار القراء بالإذاعة والتليفزيون، وشيخ مقرأتى الجامع الأزهر لأكثر من أربعين عاما، وموجه أول بالأزهر، ورئيس لجنة التحكيم فى المسابقة العالمية للقرآن الكريم، إنه الشيخ العلامة عبد الحكيم عبد اللطيف الحائز على أعلى وأقدم الأسانيد القرآنية لإجازة التلاوة والقراءة بشهادة المملكة العربية السعوية، حيث ينتهى سنده إلى الصحابة الكرام الامام على بن ابى طالب وعثمان بن عفان وابى بن كعب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، عن جبريل عليه السلام عن رب العزة سبحانه وتعالى. فى حواره الى «الأهرام» أكد شيخ عموم المقارئ ان المصريين هم أعلام التلاوة فى العالم كله، وان افضل جيل قرأ القرآن فى مصر هو جيل الاربعينيات والخمسينيات من القرن الماضى، وان مصر غنية وقادرة على إنجاب جيل من القراء العظام، ولكن الأمر يحتاج الى من يكتشف وينقب عن المواهب، ويساعدها ولايحاربها، واليكم نص الحوار: فى البداية سألناه:من هم أبرز مشايخك الذين تلقيت عنهم القرآن الكريم وتعلمت على ايديهم القراءات؟ قال: أذكر منهم على سبيل المثال لا الحصر، الشيخ مصطفى منصور الباجورى شيخ مقرأة مسجد الامام الحسين فى القاهرة فى فترة السبعينيات، والشيخ محمد مصطفى الملوانى بجهة منشية الصدر، والشيخ أحمد محمد عبد العزيز الزيات، والشيخ محمود على بسة المدرس بمعهد القراءات وكان مقره بمسجدى محمد بك ابو الدهب والجامع الازهر، وايضا من المشايخ الذين تتلمذت على ايديهم الشيخ عامر السيد عثمان، وعثمان السيد مراد مدرس القراءات بالجامع الازهر، والشيخ احمد مصطفى ابو حسن ومحمد بكر والدكتور محمد عيد عابدين. ما هى مدرستك فى التلاوة؟ بلا شك مدرستى هى نهج الشيخ محمد رفعت ذلك الصوت الملائكى، الذى ابكى عند سماعى لصوته من كثرة الخشوع الذى أجده وأحسه فى تلاوته، وقد عملت قارئا فى الحفلات خلال فترة الخمسينيات، أما فى الأذان فأنا أنتمى الى مدرسة الشيخ ابو العينين شعيشع، كما احب مدرسة الشيخ محمد سلامة ومصطفى اسماعيل. أفضل جيل أفضل جيل للتلاوة من وجهة نظركم؟ افضل جيل للتلاوة جيل الأربعينيات والخمسينيات من القرن الماضى، وأعلام هذا الجيل أخلصوا فى حفظهم وايضا فى تلاوتهم للقرآن، ولذلك كتب الله لهم الخلود فى قلوب وآذان الناس داخل مصر وخارجها حتى فى البلد الذى نزل به القرآن الكريم، كما كان الناس يقدرون قارئ القرآن، ولم تشهد تلك الفترة اى مفاصلات فى اجر القارئ، وذلك لأن من شأن القارئ ألا يأخذ على قراءته شيئا من المال، ولكن الوضع اختلف تماما فى الوقت الحالى عن تلك الفترة. ما رأيك فى الأجيال الحالية للقراء؟ أنا لا احب التحدث عن أحد، ولكن على الاجمال أقول ان جيل الاربعينيات والخمسينيات وما قرب منهما فى الفترة التالية لهما، لا يدخلون فى مقارنة او منافسة مع أحد. هل معنى هذا ان مصر قد نضب معينها فى هذا المجال؟ بالطبع لا، لأن مصر غنية فى كل شىء، وتوجد بها مواهب حافظة وخامات صوتية فى الاقاليم او فى القاهرة الكبرى، ولكن تحتاج الى من يبحث وينقب ويكشف عنها ، ويرعاها ولا يحاربها ويهاجمها. ومتى تعود ريادتها؟ وهل سحبت منها حتى تعود ؟ كل ما فى الأمر انها تمر بفترة ضعف، ولكنها لم تمت. وأنصح القراء عامة وشباب القراء خاصة بالاخلاص وتقوى الله فى السر والعلن، وعدم المتاجرة بكتاب الله تعالى. علمنا انك تحب الرئيس الراحل انور السادات.. لماذا؟ نعم، اننى احب الرئيس الراحل محمد انور السادات ودائما ادعو له بالرحمة والمغفرة، وذلك لانه كان تقيا وابن بلد، كما انه كان يختم القرآن فى رمضان اكثر من خمس مرات، ومواظبا على الصلاة، وكان يعرف لأهل القرآن قدرهم، وحريصا على راحة الشعب كله، والاسعار فى عهده لم تشهد ارتفاعا مثل الذى نراه حاليا، وانا اقول لك هذا الكلام فى حق الرئيس السادات على الرغم من اننى لم اقابله مرة واحدة. ذكريات رمضانية وماذا عن ذكرياتك فى شهر رمضان؟ بفضل الله تعالى وحده، زرت تقريبا جميع دول العالم العربية والاسلامية وايضا الدول الغربية وعلى رأسها امريكا، كما زرت روسيا واستراليا وبنجلاديش. مدى إقبال الناس على سماع القرآن فى تلك الدول؟ هناك اقبال شديد من الناس على حفظ وسماع القرآن الكريم حسا ومعنى، لدرجة انهم كانوا يبكون، ويتمنون لو انى قرأت اكثر من جزء فى صلاة التراويح خلال شهر رمضان المبارك. وهل يكون قارئ القرآن داعية فى الخارج؟ نعم يكون قارئ القرآن داعية، ويمارس جميع مهام الداعية، وعليه ان يكون ملما بالاحكام الشرعية والفقه، وتنوع اساليب الدعوة وفنون الخطابة، وقد كنت أفعل ذلك فى كل دولة أذهب اليها فى رمضان، وأنصح كل قارئ- خاصة من الذين يسافرون للخارج لاحياء شهر رمضان-ان يطور نفسه، بحيث تكون عنده لغة، وان يكون متمكنا من المعلومات ويجيد فن التحاور مع الآخر، حتى يواكب مستجدات العصر، وينجح فى رسالته. وماهى مواصفاته لنشر وسطية الاسلام؟ نعم، وينبغى أن يكون الداعية فاهما كيف يفكر المجتمع الغربي, بمعنى أن يعى جيدا ثقافة ذلك المجتمع حتى يعرف كيف يخاطبهم بلغتهم وثقافتهم, فعلى سبيل المثال, الناس فى الغرب لا يتحدثون كثيرا عن الأديان وغير مكترثين بالحديث عنها, ولكنهم مهتمون بامور اخرى، لذا يجب على الداعية أن يأخذ من هذه الهوايات والأشياء مدخلا للحديث عن الأديان، كما يجب على الداعية أن يتحدث إليهم باحترام ورفق وبطريقة عصرية مصداقا لقول الله تعالى «زادع الى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتى هى أحسن....» ولا يقوم الداعية بإلقاء اللوم عليهم لأنهم نشأوا وتربوا على ذلك, لأن الإنسان منا لا يختار أمه ولا أباه، ولابد أن يتمتع الداعية بحسن المظهر وأن يكون زيه متماشيا مع المجتمع الذى يدعو فيه لكن مع الاحتفاظ بشرعية الزى الإسلامي, هذا بالإضافة الى التمتع بحسن المعاملة مع الآخرين. وهل تتم الاستعانة بدعاة من الغرب؟ ولم لا، فالاستعانة ضرورة بدعاة من الغرب اعتنقوا الاسلام واصبحوا دعاة ناجحين فى الاسلام، او الذين لديهم الرغبة والقدرة على تحمل تبعات الدعوة الى الله تعالى ، وذلك على طريقة «اهل مكة ادرى بشعابها» وهذه الطريقة- من وجهة نظرى الشخصية- من افضل الطرق التى يتم من خلالها الاسهام فى تصحيح الصورة المغلوطة عن الاسلام فى الغرب، ولكن هؤلاء الدعاة لا يبدأون فى مهام عملهم فى الدعوة الاسلامية، إلا بعد اخذهم قسطا كبيرا من التدريب الشامل، فى مراكز متخصصة فى ذلك تعمل تحت الاشراف المباشر للازهر الشريف، ولايتم منح احدهم اى ترخيص لمزاولة هذه المهمة المقدسة، الا بعد اجتيازه عدة دورات فى فنون الدعوة وتعلم القرآن الكريم والسيرة النبوية المطهرة والاطلاع على الاساليب الحديثة فى التواصل مع الآخر. وماذا عن المراكز الإسلامية فى تلك الدول؟ المراكز الاسلامية الموجودة بالفعل فى الدول الاوروبية والغرب عموما تحتاج الى تفعيل وتنشيط، من خلال توفير التمويل اللازم لها، وايضا ضرورة ان تكون هناك عمليات احلال وتبديل لرؤساء وقيادات تلك المراكز من الدعاة الذين يجيدون اللغات الاجنبية المتعددة، بالاضافة الى عقد دورات تأهيلية على فترات متقاربة على استخدام التكنولوجيا الحديثة فى خدمة الدعوة، ومن ثم الاستفادة من ذلك فى توجيه الخطاب الدعوى الصحيح فى الحديث مع اهل تلك الدولة، وأطالب بضرورة وجود مكاتب تحفيظ للقرآن الكريم فى تلك المراكز، للتيسير على الجاليات الاسلامية هناك حفظ وتعلم كتاب الله تعالى بالطريقة الصحيحة، حيث ان افضل طريقة لحفظ القرآن الكريم هى طريقة الكتاتيب، وهذا لن يتأتى إلا اذا كانت هناك مكاتب فى المراكز والمساجد فى تلك الدول، يقوم على شأنها متخصصون ومتقنون لكتاب الله تعالى حفظا وقراءة واحكاما، ولديهم الخبرة فى طريقة التحفيظ مع الكبار والصغار، على ان يتم توفير الدعم المادى له بما يليق مع اهل القرآن.