يعد القارئ الشيخ محمد السيد ضيف أحد أفضل قراء القرآن الكريم في مصر والعالم.. فهو صاحب الأداء المتميز والسهل الممتنع.. وينفرد عن بقية أقرانه من قراء العصر الحديث بأنه قدم للمكتبة القرآنية القرآن الكريم كاملاً مرتلاً ومجوداً وهذا ما لم يحدث من أبناء جيله في الوقت الحاضر. يقول الشيخ السيد ضيف بدأت رحلتي مع القرآن وأنا صغير السن حيث مَنَّ الله عليّ بحفظه كاملاً.. ثم تلقيت علم القراءات علي يد الشيخة زينب عبدالهادي ثم التحقت بمعهد الخازندار بشبرا لتلقي القراءات السبع ووفقني ربي بالحصول علي الشهادة وكان ترتيبي الأول علي الجمهورية.. ثم الأول أيضاً علي الجمهورية في المسابقة القرآنية التي أقيمت بجمعية المحافظة علي القرآن الكريم بتقدير امتياز من بين 582 قارئاً علي مستوي الجمهورية. بداية الانطلاق وعن بدايته مع القراءة وانطلاقه لعالم الشهرة يقول: لا أنسي يوم أن حضر قارئ مصر الأول الشيخ مصطفي اسماعيل إلي بلدتنا طناح لإحياء مأتم الشيخ السيد البدوي إمام المسجد الكبير.. وفي هذه الليلة جلست أمام القارئ العملاق وهو يقرأ سورة التحريم وكلما قرأ أية وتفاعل معها الجمهور هللت معهم وتمنيت وقتها أن لو كنت مكانه ودعوت الله وقتها أن أصبح قارئاً يستمع إليه الناس ويشجعونه.. وعندما عدت لمنزلي ظللت أردد الأيات التي قرأها الشيخ مصطفي وسمعني والدي وشجعني ودفعني للأمام بعد أن أصبحت أتقن تقليد الشيخ مصطفي اسماعيل بدرجة كبيرة ثم اتقنت الشيخ رفعت والشيخ حمدي الزامل والشيخ عبدالعزيز حصان حتي زاع صيتي بين الناس وبدأت أنطلق إلي عالم الشهرة والمجد. الابتعاث للخارج يقول الشيخ السيد ضيف من شدة تعلقي بالقرآن كنت أراجعه مرتين في اليوم والليلة حتي اتقنته جيداً وكنت أقرأه وكأنه مكتوب أمامي ولا أخطأ خطأ واحدا.. وفي عام 1967 أجرت وزارة الأوقاف مسابقة لانبعاث القراء في شهر رمضان المبارك ومن حسن حظي جاء امتحاني أمام شيخ القراءات الشيخ "عامر عثمان" شيخ عموم المقارئ المصرية في ذلك الوقت.. فجلست أمامه وكان يهابه الجميع دون أن أتزعزع ولو للحظة واحدة وبدأ يسألني في المتشابهات "أفغير دين الله يبغون" آل عمران "حتي إذا فزع عن قلوبهم" من نصف الآية إلي آخر الربع "قل من يرزقكم".. وكانت اجاباتي بسرعة ولم أتلعثم في حرف ولا تشكيلة واحدة بالإضافة لحفظ الأوقاف العثمانية "صلي" و"قلي".. وبحمد الله جاء ترتيبي الأول علي الجمهورية وتم اختباري للسفر إلي دولة ماليزيا بصحبة الشيخ محمود علي البنا.. ثم سافرت إلي باكستان ثم الهند والسنغال وتنزانيا وموزمبيق وأمريكا وولاية نيوجرسي لمدة ثماني سنوات متصلة.. بعد عودتي من السفر استدعاني الأستاذ فهمي عمر رئيس الاذاعة الذي أعجب بصوتي وأدائي في التلاوة وطلب مني التقدم للاذاعة.. وتم اختباري أمام اللجنة التي أشادت بأدائي وتم اعتمادي قارئاً عام .84 زكريات السفر وعن زكرياتي في السفر قال الشيخ ضيف: في ماليزيا قرأت القرآن في الاستاد الرياضي وكان شباب المسلمين يصيحون بأعلي صوت.. وبعد نزولي من علي المنصة أجد الورود تنهال عليّ لدرجة أنني كنت لا أري الجمهور من كثرة الورود. وفي الهند أذكر أنني كنت أقرأ علي المنابر.. وما رأيت مسلمين يحتفلون بقارئ القرآن مثلما احتفلوا بي في الهند ومن أعجب ما رأيت أيضاً حينما كانت توجه لنا الدعوات فكانوا يقدمون لنا أشهي الأطعمة والحلوي ويضعون "الشطة" علي كل الأطعمة حتي علي المهلبية. وبلغت سفرياتي إلي أمريكا ثماني عشرة مرة.. وقد لاحظت أثناء سفرياتي الأخيرة أن الإسلام ينتشر بقوة حيث كنا نفاجأ بحضور المئات من الأمريكان إلي المراكز الإسلامية ليشهروا إسلامهم علي يدي وكنت أبكي فرحاً كلما كانوا يطلبون مني أن أردد الشهادة لينطقون بها وليشهروا إسلامهم.. وأتعجب كيف لمثلي أن يتنقل في كل دول العالم ليقرأ كلام الله.. إلا بتوفيق من الله وبنعمة الإسلام وبحفظي للقرآن الكريم. ويمضي الشيخ ضيف قائلاً: قابلت العديد من رؤساء وملوك العالم.. وأذكر أن الداعية الكبير الشيخ محمد حسان كان يقدمني لكي أصلي بالمسلمين صلاة التراويح في أمريكا وكان يقول لي "والله إنني أشعر بأني استمع للقرآن لأول مرة في رمضان بأمريكا". وكان الشيخ أحمد ديدان يصلي خلفي طوال شهر رمضان بجنوب أفريقيا وأثني علي صوتي وأدائي ودعاني لزيارته بمنزله واستقبلني بمكتبته الشهيرة التي تضم جميع مناظراته التي أداها علي مستوي العالم لنصرة الإسلام والمسلمين. الملوك والرؤساء ولن ينسي الشيخ ضيف استقبال الملوك والرؤساء له كحافظ للقرآن خاصة في ماليزيا وباكستان والهند وكانوا يحيطون اعناقنا بالورود.. أما في المساجد فكنا نري تجمعاً وتجمهراً منقطع النظير. ويمضي الشيخ ضيف موضحاً: القرآن اضاف لي كل شيء فقد وجدت العز كله والفضل كله في القرآن الكريم فينبغي علي حامل القرآن أن يكون لديه حس بمعني الآيات فإذا ما حرص علي ذلك فسوف يجد أن الجمال ينبعث من قراءته لأن المشاعر تظهر عظمة الأداء في التلاوة وأنصح قارئ القرآن أولاً أن يقرأ القرآن للقرآن وأن يتحلي بتلاوته ليل نهار ولا يبغي إلا وجه الله الكريم وسيشعر وقتها بالاطمئنان والراحة النفسية. وعن قصة تسجيله للقرآن مرتلاً ومجودا قال كان ذلك بناء علي طلب من الاستاذ وجدي الحكيم وجلست معه في مكتبه وبحمد الله سجلت القرآن مجوداً علي مدار عام كامل وقام الاستاذ وجدي بإهدائه إلي إذاعة الكويت بعد موافقة الازهر وكانت سعادتي أكثر حينما تم تسجيلي للمصحف المجود.