هل يستطيع نائب الشعب ان يتخلى عن تقديم خدمات لاهل دائرتة ؟.. و هل يعيد الناخبون انتخاب نائب لم يقدم لهم خدمات طوال فترة تمثيله الدائرة ؟ و هل وظيفة نائب الشعب تقديم خدمات و رشاوى انتخابية ام يمكن ان تقتصر مهامة على التشريع والرقابة فقط ؟. واقعيا يجد النائب نفسة مجبرا على تقديم الخدمات لاهل دائرته عوضا عن عجز الحكومة فى تقديم هذة الخدمات وردا للجميل للناخبين الذين اوصلوه لمقعد البرلمان . ابتدعت البرلمانات السابقة اكثر من طريقة لمحاولة حل هذه المعضلة , فكانت بعض الوزارات ترسل مندوبين للبرلمان لجمع طلبات النواب والتأشير عليها و اعادتها للنواب مرة اخرى و كان نائب الحزب الحاكم له الاولوية فى إنهاء طلباته , وعملت وزارات اخرى على تحديد موعد اسبوعى مع الوزير المختص لمقابلة النواب و تخليص طلباتهم .. ولكن هذا كله كان يؤثر على الدور الرقابى لنائب الشعب لانة لا يستطيع ان يقدم استجوابا او طلب احاطة فى وزير سبق وان قدم له خدمة معينة . وهنا لجأ البرلمان فى الثمانينيات للاستعانة بالوسيط البرلمانى وهو قيام شخص موثوق فيه يقوم بجمع الطلبات من النواب ويقوم بتقديمها للوزارات المختصة ويعيدها للنواب مرة اخرى بدون اظهار اسم النائب مقدم الطلب امام الوزارات المعنية بالانتهاء من تقديم الخدمات حتى لا يؤثر ذلك على دور النائب فى مراقبة الحكومة . كان من اشهر من عملوا كوسيط برلمانى و يعتبر آخرهم هو النائب الوزير السابق كمال الشاذلى اقدم برلمانى فى مصر وكان وزيرا لمجلسى الشعب و الشورى .. و لكن حكومة الحزب الوطنى ارادت ان تسيطر على البرلمان بعد ما زادت حدة الاستجوابات و البيانات العاجلة و طلبات الاحاطة فى التسيعينيات و ذلك عن طريق رشوة نواب الشعب بالغاءالوسيط البرلمانى و كل نائب يريد خدمة يتقدم بها مباشرة للوزير المختص حتى يكون تحت السيطرة وبالفعل اعدت كل وزارة ملف لكل نائب تسجل فيه عدد الخدمات والتأشيرات التى حصل عليها النائب حتى لا يستطيع ان يمارس دورة الرقابى فى البرلمان وحتى يكون سند للوزير داخل المجلس . سألنا النائب على البكرى سليم نائب بنى سويف السابق عن امكانية تمثيل دائرة فى الصعيد وهى دائرة تضم افقر قرى على مستوى الجمهوريه بدون تقديم خدمات شخصية لاهل الدائرة ؟ فاجاب ان اهل الدائرة يختارون النائب الذى يستطيع ان يقدم خدمات اكثر ويختارون النائب المقرب من الحكومة حتى يستطيع جلب اكبر عدد من الخدمات لأهل دائرته, ولا يمكن بأى حال من الاحوال ان ينجح نائب او يعاد انتخابه مره اخرى دون تقديم هذة الخدمات فمكاتب خدمة المواطنين فى الدوائر لا تخلو يوما من الاف الطلبات من وظائف أو اسكان او استثناء فى نقل أو ما يخص طلبات اهل الدائرة المختلفة . ويضيف البكرى ان هناك نوعين من الخدمات يجب ان يعمل فيهما كل نائب بالتوازى وهم خدمات عامة لاهل الدائرة كإنشاء كوبرى او محطة صرف صحى او محطة شرب تخدم مناطق وقرى بعينها وهنا النائب دوره الاجتماع مع اهل دائرتة وتحديد الاولويات والتقدم للحكومة بطلب ومتابعته .. وادراجه فى الخطة الاستثمارية هو هدف كل نائب مع متابعة التنفيذ مع الحكومة او الشركات المختصة بتنفيذ المشروع وهنا يمكن للوسيط البرلمانى ان يكون له دور .. اما النوع الثانى من الخدمات فهو الخدمات الشخصية وهى مرهقة جدا للنائب لانه لا يستطيع ان يرفض تسلم الطلبات من الناخبين ولا يستطيع ان يتجاهلها او يتجاهل تنفيذها , لان معظم هذة الخدمات تكون للعائلات التى وقفت بجانبك فى الانتخابات وصوتت لصالحك وفى هذة الحالة يجب ان يكون النائب مباشرة مع الوزير بدون الوسيط البرلمانى يطلب منه الخدمة وحتى يشعر الناخب بالمجهود المبذول من أجله . وأختتم على سليم حديثه قائلا لو الحكومة موفرة للمواطنين فرص عمل وحياة كريمة لن يلجأ الناخب الى النائب ويطلب منه مقابل تأييده له فى الانتخابات وسيكون النائب نفسة قادرا على مراقبة السلطة التنفيذية وهو ما اقسمنا عليه فى اولى جلسات مجلس الشعب . وعلى جانب اخر تقول النائبة السابقة هدى رزقانة و هى نائبة معينة من قبل رئيس الجمهورية و ليست منتخبة ان هناك ضرورة لتغيير ثقافة المجتمع تجاه وظيفة نائب الشعب فرغم كونى معينة الا ان عدد الطلبات التى استقبلتها طوال فترة تمثيلى فى البرلمان لا يتخيلها بشر فمن جميع الدوائر بالاف .. وشعرت بحجم المعاناة التى يواجهها زملائى النواب داخل دوائرهم ورصدنا اكثر من مرة تغير مواقف لبعض نواب المعارضة تجاة وزراء بعنهم ليس فقط الا لانها وزارات تقدم فرص عمل للنواب مثل وزارة البترول و الطيران والكهرباء فهى وزارات نادرا ما يقدم لها اى استجواب او يستخدم ضدها اى اسلوب رقابى . واشارت رزقانة الى ان الوسيط البرلمانى يجب ان يعود مرة اخرى ولكن بهيكلة ودور جديد ولا يجوز ان يكون من حزب سياسى واحد حتى لا يقصر تقديم الخدمات لنواب حزبة او يعطيهم الاولوية و لا يجوز ان يكون ممثل من الحكومة حتى لا يفرز طلبات مؤيدى او معارضى الحكومة ولابد ان يكون واحدا من ضمن الامانة العامة للبرلمان حتى يكون ممثلا لكل نواب المجلس دون استثناء . وعلى صعيد اخر تقول الدكتورة راندة الزغبى استاذة النظم البرلمانية بالجامعة الأمريكية ان وظيفة النائب يجب ان تقتصر على التشريع ورقابة السلطة التنفيذية واقتصار الخدمات التى يقدمها النائب للحكومة على الخدمات الجماهيرية التى تخص القطاعات الكبرى داخل دائرتة وتسهيل حياتهم اليوميه وهنا ايضا يكون النائب رقيب على السلطة التنفيذية فى تنفيذ تلك المشروعات داخل دائرتة . وتتساءل الدكتورة رندة الزغبى عن الفرق بين اعطاء الناخب أموالا او هدايا عينية وبين اعطاءة فرصة عمل او سكنا لا يستحقة فكلها رشاوى انتخابية ومصلحة غير مشروعة بين النائب والناخب الذى ينتخب الشخص لخدمة شخصية او خدمة مقابل اجر كما حدث فى العديد من الدوائر ايام النظام البائد وايام الاخوان المسلمين الذين قصروا الطلبات لاعضاء جماعتهم فقط لضمان اصواتهم الانتخابية .. وقالت ان الوسيط البرلمانى وظيفة متعارف عليها فى معظم البرلمانات ولكن يجب ان تقتصر الطلبات ايضا على مظالم او اخطاء فى تطبيق القانون ولا يجب ان تتضمن اى استثناءات او طلبات بغير حق, وان الوسيط البرلمانى يجب علية اخفاء اسم النائب مقدم الطلب وتتعامل كل الطلبات على انها تظلمات من عدم تنفيذ القانون فى امر من الامور وهنا يتفرغ النائب للتشريع والرقابة والمساهمة فى رقى المجتمع .