الفصل بين السلطات قاعدة دستورية معمول بها في جميع دول العالم، ولكن في مصر تتداخل أعمال السلطة التنفيذية مع السلطة التشريعية حيث يحق لموظف الحكومة الجمع بين السلطة التنفيذية المتمثلة في الوظيفة أو المنصب والسلطة التشريعية كعضو برلمان، وهو ما آثار تساؤلات محيرة حول مدي قانونيته، ودوره كموظف يدين بالولاء والطاعة للوزير التابع له، وبين أدائه الرقابي ودوره في محاسبة الوزير. اتفق فقهاء الدستور وأعضاء بالبرلمان علي جواز وعدم الممانعة في الجمع بين عمل أو منصب الموظف العام وبين عضويته مشيرين الي ضرورة تفرغه من وظيفته اثناء فترة المجلس. وأكدوا عدم أحقية موظفي الهيئات القضائية والنيابية، والشرطة والجيش في دخول المجلس الا بعد الاستقالة من العمل بهذه الجهات، باستثناء اساتذة الجامعات والبحوث العلمية الذين يجوز لهم الجمع بين العملين، دون التفرغ الكامل. ومن أبرز ظواهر البرلمان الحالي جمع العديد من النواب بين وظيفته الحكومية، وعضوية المجلس وهو ما شهدته العديد من الدوائر.. ففي دائرة امبابة يشغل نائبها إسماعيل هلال منصب رئيس شركة توزيع كهرباء شركة القناة.. وفي بلبيس شرقية يشغل نائبها صلاح شويخ رئاسة هيئة الطرق والكباري بالمحافظة.. كما يشغل النائب علي مصيلحي رئاسة هيئة البريد التابعة لوزارة الاتصالات.. والنائب عبد العزيز مصطفي عضوية مجلس ادارة شركة الشرق للتأمين.. وعبد الرحمن بركة رئاسة بنك مصر رومانيا بينما يتولي رضا وهدان يتولي نائب رئيس هيئة السكك الحديدية.. وأحمد الصحفي نائب دائرة اسيوط لانه يعمل ضابطا بوزارة الداخلية، وثناء سلامة البنا رئيس الشركة القابضة للبتروكيماويات.. واسكندر جرجس غطاس مساعد وزير العدل للتعاون الدولي وابتسام حبيب أمين عام مصلحة الشهر العقاري.. والامثلة كثيرة. مقبول بشروط والسؤال الآن ما مدي قانونية جمع النائب بين وظيفته الحكومية، وعضويته للبرلمان؟ وهل يستطيع مراقبة أعمال الوزارة والوزير الخاضع لاشرافه، وانتقاده اذا أخطأ أم ماذا؟ يجيب علي ذلك الدكتور عاطف البنا استاذ القانون الدستوري بجامعة القاهرة قائلا أن القوانين والمواد الدستورية قبل ثورة يوليو 52 حالت دون الجمع بين الوظيفة الحكومية، وعضوية البرلمان، حيث حظر الدستور علي ممثل الشعب الاستمرار في عمله الحكومي بعد فوزه بعضوية البرلمان، بهدف المصلحة العامة سواء للحكومة او الشعب حيث ان الجمع بين العملين يقلل من اداء وكفاءة النائب وممارسة دوره البرلماني علي أكمل وجه واتاحة الفرصة في مراقبة الوزارة والوزير التابع له وتوجيه الانتقادات عند الخطأ.. مشيرا الي ان الدستور المصري الحالي يمنح النائب الحق في الجمع بين الوظيفتين كموظف عام وعضو برلمان، ولكن اشترط الدستور في بعض الهيئات السيادية كالجهات القضائية والنيابية والشرطة والجيش ضرورة الاستقالة طوال فترة العمل البرلماني من وظيفته الحكومية لتعارض ذلك مع القوانين اما في حالة الوظائف العامة بالهيئات والجهات الحكومية يجوز للعضو التفرغ التام لعمله البرلماني باستثناء وظيفة اساتذة الجامعات والبحث العلمي وذلك لعدم وجود تعارض بين العملين.. واكد البنا انه في حالة تولي النائب مسئولية جهة او رئاسة شركة حكومية لا يحق له الترشيح في مجلس الشعب لتعارض ذلك مع ادائه البرلماني في ممارسة دوره الرقابي علي الحكومة والوزير التابع له وفي مثل هذا الوضع يجب ان تمنح الجهة المختصة والتي يمثلها النائب تفرغا له طوال عمله البرلماني ومراعاة صرف حقوقه المالية بصفة شهرية وضمان درجته المالية لحمايته من الانحراف وحتي يتمكن من ممارسة دوره الرقابي بحرية كاملة وتقديم طلبات الاحاطة والاستجوابات فيما يتعلق بسياسة الحكومة والوزارة التي يعمل بها.