للناس فيما ينتخبون مذاهب.. ولكن يبدو أن تلك المذاهب صبت جميعها في تقديم الخدمات والحصول علي التأشيرات وحسم الطلبات السريعة والحصول علي استثناء من وزير أو محافظ أو حتي رئيس الوحدة المحلية بداية من الاستثناء في البناء علي الأراضي الزراعية نهاية بالاستثناء من الدور في طابور المخابز. المواطنون ينظرون حسب استطلاعنا إلي النائب المنتظر علي أنه القادر علي إنهاء طلباتهم ورغم اختلاف الطلبات بين المدينة والريف, إلا أنها في النهاية طلبات. ولكن ماذا يريد المواطنون؟.. يؤكد جمال رزيق مهندس أن نائب الخدمات هو من يضمن مقعده تحت قبة البرلمان في كل دورة انتخابية خاصة أن الحصول حاليا علي فرصة عمل مثلا يتطلب واسطة, وهو ما يقدر عليه النائب ويداعب به أبناء دائرته قبل فترة الانتخابات لضمان كسب أصواتهم. ويضيف: عن نفسي أنا مع نائب الخدمات العامة حتي وإن كانت نتائجها غير مباشرة علي كثير من المواطنين, ولكنها لها تأثير مباشر علي الجميع, فالأولي إنشاء مدارس ومستشفيات بدلا من منح تأشيرة لبعض أبناء الدائرة. من جانبه, رفض أحمد مسلم محاسب بأرض المعارض أن يعطي صوته لنائب لا يوجد في دائرته, وقال: للأسف قبل الانتخابات نجد برامج ووعودا من المرشحين لدرجة أننا نحتار في اختيار ممثل لنا, إلا أن تجربتنا السابقة هي الفيصل في الاختيار, فغالبا ما ترجح كفة نائب الخدمات عن غيره. ويشير عادل أبو الحمد مدرس إلي أن تراجع الدولة في تقديم خدمات للمواطنين مثل الإعلان عن تعيينات واهتمامها بطرح مشروعات كبيرة دفعت الأهالي إلي مطالبة النائب بتوفير خدمات مباشرة لهم مثل حصولهم علي قرارات للعلاج أو تعيين أبنائهم, مادامت الدولة معنية بمشروعات الخدمات وتضعها ضمن خطة سنوية تنفذها المحليات. حسين السيد موظف بإحدي شركات القطاع الخاص وأحد المتجمهرين حول شاشات العرض يقول: إن المرشح الذي لا يقدم خدمات لأهل دائرته لا يستحق أن أدلي له بصوتي, متسائلا: ما معني أن يكون هناك نائب عن الدائرة ولا يسهم في حل مشاكل أبنائها. وقاطعه الحاج محمود صاحب محلات أدوات منزلية قائلا: إن سمعة المرشح ومحبته لدي الناخبين تزداد بتقديم الإعانات لهم في المواسم كالشنط الرمضانية ولحوم الأضاحي والهدايا النقدية والعينية, وهذا هو الرصيد الفعلي للمرشح بين ناخبيه. وقال إن الوعود التي يقدمها المرشحون لأهالي الدائرة هي الحافز الرئيسي للإدلاء بأصواتنا وسط الضغوط المعيشية متسائلا: ما معني أن المرشح لا يساعدني في الحصول علي فرص عمل لأبنائي وتجاذب أطراف الحديث أسامة غريب موظف قائلا: ماذا فعلت لنا القوانين والتشريعات وكثير من المسئولين أنفسهم يخالفون هذه القوانين ويتحايلون عليها, مضيفا: نعم.. دور البرلماني في المراقبة مهم, ولكن من يراقب ظروفنا المعيشية ويلبي احتياجاتنا الأساسية. أما أحمد عبدالفتاح موظف بإحدي شركات الكهرباء فأعلن اعتزامه عدم المشاركة الانتخابية, قائلا: إن أغلب الوعود لا تنفذ, كما أن كل عائلة يصعد منها مرشح تبالغ في الحملات الدعائية من أجل الوصول إلي مزيد من النفوذ فقط لمصلحتهم الشخصية.. واقترح أن يدفع المرشح تعويضا لأهالي الدائرة إذا لم ينفذ هذه الوعود التي فرضها المرشح علي نفسه وسئمنا نحن من تكرارها. وفي دائرة روض الفرج يقول عبدالرحمن راشد موظف بإحدي شركات التصدير والاستيراد عندما شاركت في استطلاع آراء المرشحين للمجلس هذا العام, اخترت المرشح الذي قدم خدمات كثيرة منها تشغيل الشباب وتقديم مختلف الخدمات الطبية والمساعدات المالية لغير القادرين ورعاية الجمعيات والملاجئ, والأهم أنه منذ توليه المنصب لم يفارق الدائرة, وإنما كان مشاركا لها في جميع الأزمات والمناسبات. وأضاف حسام عبدالمجيد موظف أنا لا يهمني أن يكون المرشح من الحكومة أو المعارضة, المهم أن يوفر فرص عمل لأبنائي بعيدا عن الاستغلال والرشوة, قائلا: لقد كدت أتورط في دفع رشوة لمسئول من أجل توظيف ابني وهو متخرج منذ أربع سنوات وأنا لا أملك أصلا أن أدفع هذا المبلغ فإذا توافر النائب الذي يستطيع توفير هذه الوظائف لأبنائنا.. فلماذا نبخل عليه بأصواتنا, مضيفا أن المهم لدينا هو تشغيل الشباب. وقال صلاح مختار محاسب إن الفرد الذي يدلي بصوته في الانتخابات يبحث عن نائب برلماني قوي يستطيع تلبية احتياجات الناس, مؤكدا أن الشارع المصري يعاني نقص الكثير من الخدمات الصحية أو التعليمية, وتفاقم أعداد البطالة. من ناحيته, أشار مختار سليم محام إلي أن الخدمات هي التي تحكم عملية اختيار المواطنين لمن يمثلهم في مجلس الشعب, لذا من الضروري أن يكون هذا النائب علي دراية كافية بمشكلات الناس حتي يستطيع خدمتهم, لافتا إلي أن المعروف عن نائب الشعب دائما انه الوسيط بين المواطن والحكومة لتلبية مطالب يحتاجون لها في حياتهم اليومية. ومن جانب آخر, أكدت سلمي جمال محامية أن نائب التشريعات مطلوب بشكل قوي, ولكن هذه التشريعات يتم وضعها في النهاية لخدمة المواطنين, لذا فإن الناخب لا ينظر إلي التشريعات التي يمكن أن يسهم فيها نائب الشعب, وإنما ينظر إلي النتيجة العائدة عليه من وراء ذلك. وقال أشرف سلطان موظف إن البطالة والصحة والتعليم ومشكلات الصرف والرصف وغيرها تقتضي وجود نائب يحمل علي كتفيه هذه الهموم التي تصادف رجل الشارع يوميا حتي يمكن القضاء عليها. وأشار محمد جمعة البردي عامل إلي أن الخدمات هي الفيصل في عملية اختيار النائب منذ بداية تقدمه للترشيح, كما أن البرامج الانتخابية التي يتقدم بها المرشحون كلها تحتوي علي خدمات, وبالتالي فإن المواطن أو الناخب يختار النائب الذي يوفر له قدرا أكبر من الخدمات بجانب وعود أخري, ربما تحتوي علي سن قوانين أو تغيير بعضها. ومن جانب آخر, قال حفني رشاد طالب إن المرشحين لمجلس الشعب ينفقون أموالا طائلة علي الدعاية الانتخابية جزء كبير منها يذهب إلي عمل خدمات بالدائرة قد تصل إلي90% من حجم الأموال المقدرة للحملة الانتخابية للمرشح, وبالتالي فإن الناس تريد حلولا لمشكلاتها اليومية, وهي ما تكون من خلال الخدمات وليس التشريعات.