كتب:محمود علي عيد كفر الشيخ قال الله تعالي( وإنك لعلي خلق عظيم القلم4) وسئلت السيدة عائشة رضي الله عنها عن خلق رسول الله صلي الله عليه وسلم فقالت: كان خلقه القرآن, يغضب لغضبه ويرضي لرضاه. لقد امتن الله( الذي كتب علي نفسه الرحمة) وهو( أرحم الراحمين).,( خير الراحمين),( الرحمن الرحيم) علي البشر كلهم برهم وفاجرهم, إنسهم وجنهم, أبيضهم وأسودهم, عربهم وأعاجمهم ببعثة خاتم الأنبياء والمرسلين محمد صلي الله عليه وسلم الذي أخرجهم من الظلمات إلي النور بإذن الله وهداهم إلي الصرط المستقيم, وأنقذهم من الضلالات والخرافات والأوهام, وعلمهم وأتم لهم مكارم الأخلاق, فلقد كان صلي الله عليه وسلم أحسن الناس قدوة وخلقا ويثني علي مكارم الأخلاق ويحث عليها ويقول: إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق. فلم يكن رسول الله صلي الله عليه وسلم فاحشا ولامتفحشا, ولاصخابا في الأسواق, ولايجزي بالسيئة السيئة, ولكن يعفو ويصفح, وماضرب بيده شيئا قط إلا أن يجاهد في سبيل الله, ولاضرب خادما ولا أمرأة, وما أنتصر لنفسه من مظلمة ظلمها قط مالم ينتهك من محارم الله شيء, فإذا انتهك من محارم الله شيء كان من أشدهم في ذلك غضبا, وماخير بين أمرين إلا أختار أيسرهما ما لم يكن إثما, وكان صلي الله عليه وسلم دائم البشر, سهل الخلق, لين الجانب, ليس بفظ ولاغليظ, قد ترك من نفسه ثلاث المراء والإكثار ومالايعنيه. وترك الناس من ثلاث: كان لاينم أحد ولايصيبه ولايتكلم إلا فيما رجا ثوابه, إذا تكلم أطرق جلساؤه كأنما علي رؤسهم الطير, فإذا سكت تكلموا, لاينازعون عنده الحديث, ومن تكلم عنده أنصتوا له حتي يفرغ, يضحك مما يضحكون منه ويعجب مما يتعجبون منه, ويصبر للغريب علي الجفوة في منطقة ومسألته, وكان يقول: إذا رأيتم صاحب حاجة فأرفدو( أي أعينوه علي حاجته), ولايقبل الثناء إلا من مكافيء( أي مقتصد في المدح غير متجاوز فيه, وما سأل رسول الله صلي الله عليه وسلم شيئا قط فقال: لا, ومن سأله حاجه لايرده إلا بها أو بميسور من القول, وكان أجود الناس بالخير من الريح المرسلة وأكرمهم, وكان أشد حياء من العذراء في خدرها, وكان أرحم الناس بالعيال, وعندما أبصره الأقرع بن حابس يقبل الحسن بن علي فقال له: إن لي عشرة من الولد ماقبلت واحدا منهم, فقال له رسول الله( صلي الله عليه وسلم): إن من لايرحم لايرحم وكان يقول: من لايرحم الناس لايرحمه الله وكان يصغي الإناء( يميله) للهرة فما يرفعه حتي تروي رحمة لها ويسمع بكاء الطفل الصغير مع أمه في الصلاة فيخفف مما يعلم من شدة وجد أم الصبي بولدها وكان صلي الله عليه وسلم يعظم النعمة وإن دقت, وماشبع آل محمد من خبز الشعير يومين متتابعين حتي قبض صلي الله عليه وسلم,. كما روت السيدة عائشة رضي الله عنها وكان يبيت الليالي المتتابعة طاويا هو وأهله لايجدون عشاء, وكان أكثر خبزهم خبز الشعير, وماعاب صلي الله عليه وسلم طعاما قط إذا اشتهاه أكله, وإن لم يشته تركه, وكان لايأكل متكئا ولاعلي خوان ولايتمنع من مباح, يأكل الهدية ويكافيء عليها ولايأكل الصدقة ولايتأنق في مأكل, يأكل ما وجد, إن وجد تمرا أكله وإن وجد خبزا أكله, وإن وجد شواء أكله وإن وجد لبنا اكتفي به ولم يأكل خبزا مرققا حتي مات صلي الله عليه وسلم وكان صلي الله عليه وسلم يخصف نعله ويرقع ثوبه, ويعود المرضي ويشهد الجنائز ويزور القبور ويركب الحمار وكان يكرم ضيفه ويبسط رداءه كرامة له. وكان له عباءة تفرش له حيث تنقل, تثني طبقتين, وربما نام علي حصير أثر في جنبه وربما نام علي الأرض, وماعاب مضطجعا قط, وإن فرش له أضطجع عليه, وإلا علي الأرض. هذا هو محمد صلي الله عليه وسلم أعظم الخلق وهذه بعض صفاته وأخلاق النبي الأمي صاحب الخلق العظيم الذي أدبه ربه فأحسن تأديبه فكان حيث قال رب العزة( لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة) الأحزاب12. فما أحوجنا لإعادة قراءة شمائله وأخلاقه وسيرته والأقتداء به صلي الله عليه وسلم.