وحمى وطيس الحرب الثقافية العظمى التى فجرها توفيق الحكيم على صفحات «الأهرام» ب«حديث إلى الله» منذ 30 سنة، وطالب الشيخ متولى الشعراوى بندوة يتحاور فيها مع من يتطاولون على الذات الإلهية، يحضرها «المضللون» يقصد توفيق الحكيم وزكى نجيب محمود ويوسف إدريس، وبينما جنح توفيق الحكيم إلى السلم والحكمة وكتب «حديث إلى قرائي» ..ثم ختمها ب«حديث إلى نفسي» سأعود اليها لا حقا فإن الدكتور يوسف إدريس أعلن دخوله ساحة المعركة وقال: عفوا يا مولانا..الارتداد .. يا ألطاف الله .. هذه أول مرة أيها العالم الجليل تتهمنا بالارتداد، وأنت تعرف ان عقوبته هى تعليقنا من رقابنا نحن الثلاثة فى ميدان التحرير، وبعد أربعة أيام من حكمك، تعطى فيها مهلة للتوبة فإذا لم نفعل نفذ الحكم ، واستحلفك بالله أيرتضى ضمير العالم فيك وأنت قيد منزلك لم تحاكم أيا منا ولم تسأله « هل أنت مذنب؟».. ولم تعطه فرصة واحدة للدفاع عن نفسه أو حتى التوبة، إذا أثبت له أنه أخطأ أو ضل، وإذا كان ضميرك يا فضيلة الداعى الإسلامى الكبير قد سمح لك بهذا.. فلتسمح لى أن أسألك: هل الحكم بالارتداد عن ديننا الحنيف مسألة من الممكن أن يصدرها أى مسلم على أى مسلم آخر..إننى أسألك لأن حكاية الاتهام بالكفر أو الارتداد أصبحت المودة الشائعة فى عصر التكفير الذى نعيش فيه «هذه »الأيام.. ثم يذكر يوسف إدريس حكاية الإعرابى الذى جاء إلى النبى واتهم أحدا من الناس أنه كافر فنهره النبى صلى الله عليه وسلم بشدة وقال له: وهل شققت قلبه لتعرف إن كان مؤمنا؟ ويصل يوسف إدريس إلى قناعة أن الإيما ن بالقلوب ولا يمكن الحكم عليه بمجرد التصرفات الخارجية، فالفاسق قد يغالى فى إظهار أنه مؤمن لكى يخفى شروره ، والإيمان الذى يدفع الفلاح الفقير بعد يوم من العمل الشاق أن يذهب إلى أقرب مصلى ويغتسل ويصلى العصر يفوق الذين يذهبون للحج وسط مظاهرة كبيرة ويعودون ممسكين بالمسابح بينما حقائبهم تمتلئ بالفيديو كاسيت والأشرطة ويبذلون كل ما يمكن للتهرب من الجمارك ! إذا كان الدكتور يوسف إدريس الذى تحل ذكرى ميلاده السابعة والثمانون هذه الأيام قد قال ذلك فى حضرة عالمنا الجليل الشيخ الشعراوي، ثم ختم مقاله «يامن نفخر به ونتمنى له موفور الصحة وراحة البال».. فماذا يقول لو امتد به العمر عن قضاة هذا الزمان، وشاهد عقوبة الإعدام يحكم بها على المجتمع الكافر والفاجر فوق المنصات, وتنفذ العقوبة بالرصاص وبالسيارات المفخخة ؟ لمزيد من مقالات أنور عبد اللطيف