سنبقي عائشين في وهم ونحارب طواحين الهواء دون أن نحل مشكلة التعليم ما دمنا نتجاهل لب المشكلة الحقيقي ونتعامل فقط مع أعراضها. وآخر ما قرأنا هو تفكير بعض المسئولين عن التعليم في جعل الدروس الخصوصية جريمة مخلة بالشرف تحرم مرتكبها من حقوق مواطنة كثيرة, معتقدين أن المدرسين سينتابهم الفزع وسيتخلون بسرعة عنها وربما يردون لأصحابها الأموال التي أخذوها من قبل ثمنا للدروس التي أعطوها لأبنائهم! والسؤال الآن: من الذي يحتاج إلي الآخر: التلميذ أو طالب الجامعة الذي يخرج من مدرسته أو جامعته غير مستوعب للدروس, إما لكثرة عدد الطلاب مع قصر وقت الحصة أو المحاضرة أو عدم كفاءة المدرس في توصيل المعلومة إليه أو غيابه من الأساس لمرض أو ظرف طارئ.. أم المدرس الذي وإن كان يعيش في ضائقة مالية بسبب ضعف راتبه فهو لا يجبر أحدا علي الدرس الخصوصي, ولكنه يرحب به كوسيلة لتحسين مستوي دخله؟. تكدس الطلاب في مدارس وقاعات الجامعات وطريقة تناول الكتب المدرسية للموضوعات وعدم كفاءة كثير من المعلمين وأحيانا تدني مستوي ذكاء الطالب كلها أسباب لضعف التحصيل في الوقت الذي يتصارع فيه الجميع للحصول علي أعلي مجموع لضمان مكان في الجامعة أو تقدير عال يؤهل صاحبه لمهنة محترمة, فإذا كان ذلك كذلك فلماذا نحرم الطالب من فرصة لتعويض ما فاته في قاعة الدرس أو الفصل لأسباب خارجة عن إرادته؟ أليست المسألة بالتراضي بين المدرس وولي أمر التلميذ لتحقيق منفعة متبادلة؟ ألم يسبق لأي من المسئولين الذين يريدون تجريمها أن استدعي مدرسين لأبنائه لرفع مستواهم الدراسي أم أن أبناءهم من طينة أخري غير طينة بقية البشر؟ فإذا كانوا أذكياء جدا فهذه نعمة لم يمن بها الخالق علي كل مخلوقاته, وإن كانوا قد التحقوا بمدارس باهظة المصاريف لا يحتاج تلاميذها إلي دروس خصوصية فليس معظم المواطنين أثرياء بما يمكنهم من إلحاق أولادهم بها. المدرس يلام فقط إذا قصر في شرحه في الفصل لكي يجبر تلاميذه علي الدروس الخصوصية. فلنبحث عن الأسباب الحقيقية لتدني مستوي التعليم ونعالجها وفي مقدمتها تكدس التلاميذ وعدم صلاحية بعض المدرسين وتعقيد المناهج وحشوها بمالا يناسب سن الطالب أو اهتماماته بدليل أن الكتب الخارجية تعرضها بسهولة مفهومة علي عكس الكتاب المدرسي.