تختلف الصحافة عن مهن أخرى كثيرة عرفتها البشرية، فهى موهبة بالأساس وليست وظيفة بالمعنى المتعارف عليه ويتعين أن يدعم هذه الموهبة أدوات تعليمية وفكرية وعملية عديدة حتى نضمن تحقيق هدف المهنة السامى وهو تنوير الرأى العام، وفى اليوم العالمى لحرية الصحافة، علينا أن نتوقف قليلا عن التباكى على الحرية المفقودة، وأن نذكر أنفسنا ومواطنينا بأن الصحافة هى أمانة نقل الخبر دون زيادة أو نقصان إلى المواطن العادى بغرض إحاطته بحدث ما مفرح أو محزن فهذا حقه. ويتطلب النقل الأمين للخبر سرده كما حدث بلغة سليمة وبسيطة يستوعبها المتلقى دون لبس، قارئا كان أو مستمعا أو مشاهدا مع ضرورة احترام الآداب العامة ومنظومة القيم السائدة التى تحمى المجتمع من شطط بعض من أبنائه. وفى اليوم العالمى لحرية الصحافة، قد يكون من الواجب علينا أن نوجه نداء إلى شيوخ المهنة حتى يخرجوا من عزلتهم، وأن يسارعوا بتبنى جيل جديد من شباب الصحفيين اختلفت أفكارهم بنفس اختلاف أدواتهم الجديدة، ندعو هؤلاء المخضرمين إلى الإلحاح على أبناء المهنة كى يحترموا «ألف باء» الصحافة حتى لاتتحول صروح صاحبة الجلالة إلى أوكار للإثارة والتضليل بدعوى الحرية المطلقة. لقد تغير العالم كثيرا منذ دخول البشرية عصر الانترنت، ولكن الأساسيات لاتتغير فشبكات التواصل الاجتماعى والمواقع الالكترونية المجهولة الهوية هى مجرد أدوات للنشر وللدردشة وليس فيها من أساسيات الصحافة الحقيقية الكثير ويجب ألا تكون مصدرا موثوقا به لخبر. ومن حق أى مواطن أن يرتاد ما يشاء من هذه المواقع وأن يتبنى من أفكارها وتوجهاتها ما يوافق هواه، فهذه حريته الكاملة أما الصحفى فمهمته أصعب كثيرا فعليه أن يميز ما بين الغث والسمين، وأن يكون جراحا ماهرا أحيانا، فقلم الصحفى لايقل خطورة عن مبضع الجراح. المهمة ليست سهلة على الإطلاق إذن، وعلى نقابة الصحفيين أن تتوقف قليلا لبحث أوضاع المهنة وأن تستخدم حقها المطلق فى المحاسبة. هذا النقد الذاتى لأبناء المهنة يجب ألا يحرمهم من حقهم علينا فى أن نوفر الحماية الكاملة لهم نظرا لما يتعرضون له من مخاطر، وبخاصة فى أجواء مظاهرات العنف الإخوانية الأسبوعية وهجمات الإرهاب الأسود التى خلفت قتلى وجرحى كثيرين من أبناء «صاحبة الجلالة». لمزيد من مقالات رأى الاهرام