75 خانة مصيرية.. الطريقة الصحيحة لكتابة رغبات تنسيق الجامعات 2025    "منظمة بتسيلم الحقوقية الإسرائيلية": إسرائيل تنفذ "إبادة جماعية" في قطاع غزة    رئيس وزراء فرنسا: اتفاق التجارة بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي «يوم أسود»    فيفا يجتمع بمسؤولي بيراميدز بشأن مواجهة أوكلاند سيتي في إنتركونتيننتال    «بلا ولا شي».. كلمات زياد الرحباني تسطع بين محبيه في مراسم تشييع جثمانه    البورصة المصرية تستهل تعاملات الإثنين بارتفاع جماعي لكافة المؤشرات    وزير قطاع الأعمال العام يتابع تنفيذ مشروعات التطوير العقاري والمقاولات وإدارة الأصول    «حماة الوطن»: نشارك بمبدأ التنوع لا التنازع والمشاركة لا المغالبة ضمن القائمة الوطنية ل انتخابات مجلس الشيوخ    محافظ المنوفية يوافق على النزول بدرجات القبول ببعض المدارس الفنية بمختلف تخصصاتها    وزير العمل: نستهدف تدريب 600 شخصًا في مجالات الخدمات البترولية    دمياط تحتضن منافسات المصارعة الشاطئية على رمال رأس البر    المصري يؤدي مرانًا صباحيًا بعد الفوز على الترجي    7 مصريين بسباق التجديف الشاطئي في دورة الألعاب الأفريقية للمدارس بالجزائر    استعدادًا ل المونديال.. منتخب اليد يواجه السعودية اليوم وديًا    5 ملايين جنيه.. حصيلة قضايا الاتجار غير المشروع في العملات الأجنبية    الأرصاد تحذر: موجة شديدة الحرارة والقاهرة في الظل 40 درجة    «مباحث التموين» تضبط 6 قضايا في حملة بالقاهرة    رئيس منطقة مطروح الأزهرية يهنئ أوائل الثانوية الأزهرية والناجحين    على مدار اليوم.. مواعيد انطلاق القطارات من محطة بنها إلى محافظات قبلي وبحري الاثنين 28 يوليو    وكيل "تعليم الجيزة" يتفقد امتحانات الدور الثاني.. ويُحيل مسؤولين للتحقيق بسبب التقصير    المشاط: مصر لديها تجربة رائدة في تمويل التنمية وحشد الشراكات الدولية    حفظ شكوى نقابة المهن الموسيقية ضد طارق الشناوي وخالد أبو بكر ومفيدة شيحة وسهير جودة    بسبب أغنية مشاعر | بسمة بوسيل تفجّر مفاجأة وزوجة رحيم تردّ    مهرجان الإسكندرية السينمائي لدول البحر المتوسط يكرم فردوس عبد الحميد    نورا ناجي: رضوى عاشور كاتبتي المفضلة والحصول على جائزة تحمل اسمها مكافئة منها    وزير الأوقاف: وثِّقوا علاقتكم بأهل الصدق فى المعاملة مع الله    «الصحة» تنصح المواطنين بالإكثار من السوائل لتجنب مخاطر ارتفاع حرارة الطقس    «الصحة» تصدر بيانًا بشأن وفاة «نورزاد هاشم» داخل مستشفى خاص    «الرعاية الصحية» تعلن حصول وحدة السكتة الدماغية بمجمع الإسماعيلية على الاعتماد الدولي (WSO)    المجلس التنفيذي لمحافظة مطروح يعقد اجتماعه الرابع للعام 2025 برئاسة اللواء خالد شعيب    محافظ المنيا: إزالة 744 حالة تعدٍ على الأراضي الزراعية وأملاك الدولة    مدبولي يستعرض استجابات منظومة الشكاوى الحكومية لعدد من الحالات بقطاعات مختلفة    خروج جثمان زياد الرحباني من المستشفى وسط حشد كبير من الجمهور (صور وفيديو)    محافظ أسيوط يتفقد مبادرة إعادة تدوير رواكد الأخشاب إلى مقاعد دراسية    السّم في العسل.. أمين الفتوى يحذر من "تطبيقات المواعدة" ولو بهدف الحصول على زواج    حكم استمرار الورثة في دفع ثمن شقة بالتقسيط بعد وفاة صاحبها.. المفتي يوضح    الشرطة التايلاندية: 4 قتلى في إطلاق نار عشوائي بالعاصمة بانكوك    النصر ورونالدو.. بوابة جواو فيليكس نحو كأس العالم    العراق: سقوط طائرة مسيّرة مفخخة بمحافظة أربيل دون تسجيل إصابات    تمرين ينظم نسبة السكر في الدم لدى مصابي السكري.. احرص عليه    وكيل الأمم المتحدة: الأزمة الإنسانية في غزة مدمرة    مظاهرتان مؤيدة ومناهضة للهجرة أمام فندق طالبي لجوء فى بريطانيا والشرطة تتدخل    شوبير يدافع عن طلب بيراميدز بتعديل موعد مباراته أمام وادي دجلة في الدوري    أحمد الرخ: تغييب العقل بالمخدرات والمسكرات جريمة شرعية ومفتاح لكل الشرور    أمين الفتوى: الصلاة بالبنطلون أو "الفانلة الداخلية" صحيحة بشرط ستر العورة    هل ستفشل صفقة بيع كوكا لاعب الأهلي لنادي قاسم باشا التركي بسبب 400 ألف دولار ؟ اعرف التفاصيل    في مستهل زيارته لنيويورك.. وزير الخارجية يلتقي بالجالية المصرية    ضبط 249 قضية مخدرات وتنفيذ 62443 حكما قضائيا متنوعا خلال 24 ساعة    متحدثة الهلال الأحمر الفلسطيني: 133 ضحية للمجاعة فى غزة بينهم 87 طفلًا    الصحة العالمية : مصر أول بلد بالعالم يحقق المستوى الذهبي للتخلص من فيروس C    بث مباشر| شاحنات المساعدات تتحرك من مصر باتجاه قطاع غزة    طلاب الأزهر يؤدون امتحانات الدور الثاني في مواد الفرنساوي والجغرافيا والتاريخ    سعر الدولار مقابل الجنيه المصري الإثنين 28-7-2025 بعد ارتفاعه الأخير في 5 بنوك    بداية فوضى أم عرض لأزمة أعمق؟ .. لماذا لم يقيل السيسي محافظ الجيزة ورؤساء الأحياء كما فعل مع قيادات الداخلية ؟    هدى المفتي تحسم الجدل وترد على أنباء ارتباطها ب أحمد مالك    بالأسماء.. 5 مصابين في انقلاب سيارة سرفيس بالبحيرة    مواقيت الصلاة اليوم الإثنين 28 يوليو 2025 في القاهرة والمحافظات    الاحتلال يقصف حَيَّيْ التفاح والشجاعية في مدينة غزة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الغضب الافتراضى

لكى لا أعيد اختراع العجلة ولكى لا أضطر إلى إعادة أوضاع حادثة يعرفها الجميع سأدخل فى الموضوع بشكل مباشر. لا يخفى على أحد مدى تأثير الانترنت الآن فى مصر، ومن هنا كانت فداحة انهيار الكابلات البحرية.
وهذا التأثير (والتأثر) لا يقتصر على الاطلاع والمعرفة والقراءة والمتابعة، ولم يعد أيضا مقصوراً على المدونات وما خلقته من فضاء إعلامى مواز للإعلام المطبوع، ولا يقتصر على غرف الدردشة التى تضم الغث والسمين.
كانت كل تلك الظواهر حتى وقت قريب هى تأثيرات استخدام الانترنت بكثافة، إلا أن كل ذلك قد أصبح فى عداد المعلومات القديمة الراسخة ولن نضيف أى جديد إذا أعدنا استعراضها.
وإذا كان الكثير من الدراسات الجادة قد أثبت أن الانترنت قد ساهم فى تأسيس المواطنة المفترضة والمساواة المفترضة والرأى الحر حتى وصل الأمر إلى تشكيل مجتمع مواز مفترض، فإنه لابد من الانتباه أيضا إلى ظاهرة الغضب الشديد الافتراضي.
فمنذ أن بدأت الصحف المستقلة (الإلكترونية بطبيعة الحال) تمتلك مواقع يمكن عبرها قراءة الجريدة وبدأت ظاهرة الغضب تتنامى. فكل مقال أو خبر مسموح بإبداء التعليقات عليه، وهى ظاهرة متبعة فى الصحف كافة المقروءة على الانترنت.
والمتوقع أو المفترض أن تقوم هذه التعليقات بكل ما نحفظه فى الكتب: الاشتباك مع الأفكار، البناء عليها، إبداء النقد البناء، تصحيح أو إضافة معلومات، ومن حق القارئ أيضا أن يرفض كل ما جاء فى المقال، فهذا الرفض أو الذم يدخل أيضا فى حرية الرأى والتعبير.
إلا أن.. إلا أن التواصل الافتراضى لا يختلف كثيرا عن أشكال التواصل فى الحياة، حيث لم يعد أى شخص بقادر على أن ينهى فكرة أو جملة واحدة دون أن يجد نفسه وقد تورط فى العديد من الأمور الشخصية والمشاجرات الجانبية والإسقاطات النفسية والإحباطات اليومية والتعب الدائم والأزمة الاقتصادية والعمالة للغرب وفلسطين المحتلة والأحوال المتدهورة والنظام المنهار وضياع القيم...الخ.
وهذا هو ما يحدث على الإنترنت بالضبط، فتجيء تعليقات القراء على المقالات فى الصحف وكأنها تعلق على مقال آخر، تعليقات تجيب عن أشياء مفترضة، غائبة، لم تذكر. وشيئا فشيئا يفترض القارئ أن كاتب المقال هو العدو الذى ينبغى مواجهته وكشف أمره للعالم وفضح نواياه، فتتحول اللغة إلى مزيج من السخرية والسباب البذيء وكيل الاتهامات.
معظم القراء يختارون أسماء وهمية غير حقيقية والقليل منهم يظهر باسمه، وهذا فى حد ذاته دال كثيرا. فهو فعل يذكرنى بأزمنة عدة التليفون السوداء حين كان يمكن أن يرفع أى شخص السماعة ليقول أى شىء ويغلق الخط سريعا (وهى الفكرة التى اعتمدت عليها السينما المصرية كثيرا).
حتى إن بعض القراء أحيانا ما يشتبكون فى مشاجرات لفظية نتية بسبب التعليقات على نفس المقال. ويبدو أن القائمين على المواقع قد تملكهم اليأس من تلك التعليقات، أو ربما أن كل التعليقات أصبحت متشابهة فى لغتها بشكل مفارق، فتظهر دائما تلك الجملة الأنيقة «أى تعليق مسىء سيتم حذفه»، وهى مشابهة فى أناقتها لتلك الجملة التى ترصع بها كل المجلات الفكرية أغلفتها الداخلية «المقالات الواردة فى العدد تعبر عن رأى أصحابها» ضمانا للحماية القانونية.
السؤال الذى أصبح يلح علىّ كثيراً هو إذا كان القارئ قادراً على إبداء كل هذا الغضب، ولديه كل ذلك المخزون الهائل من الرفض المطلق، لماذا لا يظهر ذلك فى المكان الواقعى أيضا، وليس فقط فى الفضاء الافتراضي.
ولماذا قرر القارئ أن يتخفى فى إبداء غضبه ويعلنه تجاه آراء مخالفة؟ وكيف يمكن لهذا القارئ أن ينعى حال البلد وغياب الديمقراطية والشفافية وانتهاك حقوق الإنسان وهو أول المساهمين فى ذلك دون قصد على المجال الافتراضي؟ ولماذا لم يفكر أى قارئ فى إمكانية تحويل دفة الغضب إلى الاتجاه المطلوب؟
ولماذا لم يحاول تفريغ هذه الشحنة بشكل إيجابى بدلا من ذلك الشكل السلبى الذى ينتهى فى أغلب الأحوال إلى إهانة الآخر؟ أسئلة لها العديد من الأجوبة والتفسيرات ليس مجالها هذا المقال، ولا أى مقال آخر، لأنها تتعلق بطبيعة نفسية معينة.
لكن السؤال التالى الذى أصبح ملحا على عقلى هو إن كان هذا التواصل عبر الإنترنت (وهى كلمة غير دقيقة فى التعبير عما هو حادث) قد دفع بنا خطوة إلى الأمام أم قيدنا فى أماكننا مكتفين بالغضب الافتراضي؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.