السيسي: ستظل الهجرة النبوية رمزًا خالدًا للتضحية من أجل الحق ونبراسًا نحو بناء وطن متقدم    الذهب يرتفع وسط ضعف الدولار وانتقاد ترامب لباول    وزير الكهرباء يبحث مع «سانجرو» الصينية إنشاء مصنع لبطاريات تخزين الطاقة بمصر    أسعار طبق البيض اليوم الخميس 26-6-2025 في قنا    الرئيس السيسي يصدر قرارًا جمهوريًا جديدًا بشأن زيادة المعاشات    26 يونيو 2025.. أسعار الخضروات والفاكهة بسوق العبور للجملة اليوم    لابيد عن دعوة ترامب لإلغاء محاكمة نتنياهو: لا ينبغي له التدخل بعملية قانونية في دولة مستقلة    استشهاد 25 فلسطينيًا إثر عدوان الاحتلال الإسرائيلي على غزة منذ فجر اليوم    إنتر ميلان يقصي ريفر بليت من مونديال الأندية 2025    الهلال السعودي يرفع شعار "لا بديل عن الفوز" أمام باتشوكا لحسم التأهل في مونديال الأندية 2025    على كرسي طبي.. الأمن يساعد طالبة على دخول لجنة امتحانات الثانوية العامة في الشرقية    طقس الإسكندرية اليوم.. نشاط للرياح وارتفاع شديد في درجات الحرارة    الأمن يفض مشاجرة بالمولوتوف والأسلحة البيضاء بين طرفين بكرداسة    التحقيقات تكشف أسباب اندلاع حريق في سوبر ماركت بمصر الجديدة    جارسيا: أتمنى أن أكون مثل خوسيلو.. وأعيش حلمًا بالقميص الأفضل في العالم    استشهاد 3 فلسطينيين وإصابة 7 آخرين بجروح في هجوم للمستوطنين شرق رام الله    مواعيد مباريات دور ال16 فى كأس العالم للأندية.. الإنتر يواجه فلومينينسى    مصير وسام أبوعلي في الأهلي.. موقف اللاعب و4 بدلاء ينتظرون    "قاتلت من أجل الكيان ولكل قصة نهاية".. حمزة المثلوثي يعلن رحيله عن نادي الزمالك    تشديدات أمنية مكثفة بلجان الدقي لمنع الغش وتأمين سير امتحاني الفيزياء والتاريخ للثانوية العامة    نتيجة الصف الثالث الإعدادي 2025 في محافظة قنا 2025.. طريقة الاستعلام والموعد    عشائر غزة تؤمن مساعدات وصلت لبرنامج الأغذية العالمي خشية نهبها    رسميًا.. اليوم إجازة رأس السنة الهجرية 2025 للموظفين بالحكومة والقطاع الخاص    العدس ب 60 جنيهًا.. أسعار البقوليات في أسواق الشرقية اليوم الخميس 26 يونيو 2025    تامر حسين يكشف عن تحضيرات اغنية «ابتدينا» مع عمرو دياب: «وش الخير»    تهنئة العام الهجري الجديد 1447 مكتوبة للأصدقاء والأحباب (صور وأدعية)    بينها تخفيف التوتر وتحسين المزاج.. فوائد كثيرة لشرب الماء الساخن بالصيف    تشريع جديد يُنصف العامل.. كيف يؤمن القانون الجديد حقوق العمال؟    5 أيام حمائم.. كيف انتهت حرب إيران وإسرائيل ب"شكرًا لحسن تعاونكم معنا"؟    "وشلون أحبك".. على معلول يتغزل بزوجته بصورة جديدة    مصرع 2 وإصابة 6 في انقلاب سيارة ملاكي بصحراوي البحيرة    مها الصغير تتهم أحمد السقا بضربها داخل كمبوند    21 طالبًا مصريًا في برنامج التدريب الصيفي بجامعة لويفيل الأمريكية    محمد رمضان: "رفضت عرض في الدراما من أسبوع ب 200 مليون جنيه"    راغب علامة يكسر الرقم القياسي في "منصة النهضة" ب150 ألف متفرج بمهرجان "موازين"    محافظ المنيا يشهد احتفال الأوقاف بالعام الهجري الجديد - صور    بمناسبة العام الهجري الجديد.. دروس وعبر من الهجرة النبوية    إليسا تهنئ نادر عبدالله بعد تكريمه من «ساسيم»: «مبروك من نص قلبي»    تمريض حاضر وطبيب غائب.. رئيس الوحدة المحلية لنجع حمادي يفاجئ وحدة الحلفاية الصحية بزيارة ليلية (صور)    قافلة طبية لعلاج المواطنين بقرية السمطا في قنا.. وندوات إرشاية لتحذير المواطنين من خطر الإدمان    إدارة الغذاء والدواء الأمريكية تُلزم بإضافة تحذير عن خطر نادر للقلب بسبب لقاحات كورونا    صحة مطروح تنظم احتفالية كبرى بمناسبة اليوم العالمي للتبرع بالدم    حضور جماهيرى كبير.. ويل سميث لأول مرة فى مهرجان موازين بالمغرب (صور)    صوت بلغاريا مع أنطاكية.. البطريرك دانيال يندد بالعنف ويدعو إلى حماية المسيحيين    الزمالك يستقر على قائمته الأولى قبل إرسالها لاتحاد الكرة    مع إشراقات العام الهجري الجديد.. تعرف على أجمل الأدعية وأفضلها    وزير الرياضة يهنئ أبطال السلاح بعد التتويج ب 6 ميداليات أفريقية    «الشؤون العربية والخارجية» بنقابة الصحفيين تعقد أول اجتماعاتها وتضع خطة عمل للفترة المقبلة    محافظ قنا يتفقد مشروع تطوير ميدان المحطة.. ويؤكد: نسعى لمدينة خضراء صديقة للبيئة    «بوليتيكو»: ناتو يتفق على رفع الإنفاق الدفاعي ل 5% من الناتج المحلي بحلول 2035    الدفاعات الإيرانية تسقط طائرة مسيّرة مجهولة قرب الحدود مع العراق    مع حلول العام الهجري الجديد 1447ه.. متى يبدأ رمضان 2026 فلكيًا؟    دار الإفتاء تعلن اليوم الخميس هو أول أيام شهر المحرّم وبداية العام الهجري الجديد 1447    ممر شرفي من المعتمرين استعدادا لدخول كسوة الكعبة الجديدة (فيديو)    هذا ما يحبه الرجال..3 أشياء تفعلها النساء الجذابات بشكل منتظم    عيار 21 الآن بعد الارتفاع الجديد.. قفزة بأسعار الذهب اليوم الخميس بالصاغة محليًا وعالميًا    بلاغ رسمي ضد أحمد السقا.. طليقته تتهمه بالاعتداء عليها وسبّها أمام السكان    جمال الكشكي: سياسة مصر تدعم الاستقرار وتدعو دائما لاحترام سيادة الدول    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



منمنمات ثقافية
أنات الوادى السعيد..
نشر في الأهرام اليومي يوم 14 - 04 - 2014

يقول عميد الأدب العربي د. طه حسين «إن كل أديب لا يستقي مادته وروحه من حياة الشعب فليس أديبا ولا هو بكاتب».
وفي كتابه «التحليل الاجتماعي للأدب» يضيف أستاذنا السيد يس للروائي الموهوب صفة المؤرخ و الناقد اجتماعي، مستشهدا في ذلك بثلاثية نجيب محفوظ باعتبارها مدخلا لفهم التحول في المجتمع المصري في بداية القرن العشرين.
في سياق المقولتين السابقتين وفي خضم متتالية أحداث، آقربها فتنة أسوان، تستهدف تنافر المجتمع و تقسيمه، هل يمكن لأوراق أدبية أن تكشف المسكوت عنه وتبوح بما لم ولن يرد في التحقيقات وإن كان أصل الداء؟!
ومع كل الاحترام لما ستسفر عنه التحقيقات أو مجالس الصلح لاحتواء الأزمة، فلنحاول أن نكتشف عبر مرايا الأدب وقراءة تركيبة مجتمع الجنوب، كيف أشعلت عبارات بذيئة علي جدار نيران فتنة بين أهل محافظة اشتهروا بأجمل ما في أخلاق أهالينا في الجنوب.
فباستعراض سريع لمئات الأعمال الدرامية التي قدمها الراحل صفاء عامر، ومؤلفات (من قبيل «بوسطجي» يحيي حقي و»طوق و إسورة» يحيي الطاهر عبد الله و»خالتي صفية والدير» لبهاء طاهر و»نوستالجيا» محمود أبو دومة و»عمرة الدار» لهويدا صالح و»صمت الجبال» لماهر مقلد و»كحل حجر» لخالد إسماعيل وغيرها، أو أشعار أمل دنقل أو عبد الرحمن وكرم الأبنودي وغيرهم من أبناء الجنوب) تطالعنا لوحات سردية حيّة، تروي تفاصيل الحياة في صعيد مصر، وتعكس المخزون الثقافي المستمد من خريطة بشرية، ترسمها ملامح أشراف وهوارة وقبائل عربية ونوبيون وغجر(الحلب) وإن اختلفوا في العرق والنسب، يجمعهم وطن وانتماء لمصر.. فمنهم تشكلت بيئة مصرية فرض فيها التنوع قوانينه الصارمة، لنصبح إزاء مجتمع ما يزال رمزا للحضارة المصرية القديمة.. يحمل سمات كرم الضيافة والإيمان بالله وبالأولياء، ولكن تحكمه تركة ثقيلة من العادات والمعتقدات والمشاكل كالثأر ومفاهيم العيب وكل أشكال التهميش، إضافة لمشكلة تفرق الأسر النوبية بين أسوان وكوم أمبو قبل خمسين عاما، الأمر الذي مهد وسيمهد الأرض أمام أي»لهو خفي أو معروف» لإشعال الفتنة.
فإذا ما تحولنا لأهالينا أصحاب الجذور النوبية الذين يمثلون أقلية في أسوان (إذ أن معظم النوبيين طبقا لزميلنا الأستاذ حسن إمام، النوبي الأصل، يتمركزون في كوم امبو) نكتشف عبر إبداعاتهم مدي إحساسهم بالعزلة وحلمهم بالعودة لأرض الجدود.
ولقد عكس الأدب النوبي هذه المعاناة وتعلق القلوب بأرض هجروها واختزال تاريخ النوبة في مجرد فولكور، عبر صيغ مشبعة بعواطف وانفعالات تعبر عن الاغتراب والشعور بالأنا في مواجهة الآخر. ففي رواية الشمندورة، أيقونة السرد النوبي التي نهل منها كتاب النوبة، سجل الأديب النوبي محمد خليل قاسم غرق النوبة تحت طوفان مياه السد العالي وحركة أهل النوبة البسطاء في قراهم، إضافة للحراك السياسي لأهل النوبة. وفي رواية «دنقلة» ومجموعة «واحد ضد الجميع» عبر إدريس علي عن عمق الإحساس بضياع البلد النوبي والحلم بالعودة إليه. وفي رواية «بين النهر والجبل» رسم الأديب حسن نور حالة النوبيين المصريين في موطنهم الجديد وحلمهم بالعودة، بينما حاول حجاج أدول في روايتيه «الكشر و معتوق الخير» استعادة الطقس السحري وفانتازيا الخرافة في النوبة الغارقة والجديدة.
وفي ديوان نوديت من وادي النخيل تشي«لامية النوبة» للشاعر النوبي محيي الدين صالح باعتزاز بتاريخ وحنين لجذور وحمية تغلفها رقة المشاعر فيقول «هنالك آباء يخلد ذكرهم- وحكمتهم سارت عليها المحافل- (فلقمان) منا وهو من سادة الحجي- وكم من وجيه وهو في الناس خامل-ومنا (بلال والنجاشي).. كلهم رجال تقي حقا فمن ذا يفاضل- (وذو النون).. قطب العلم خلد عندما -سعي بخطاه الزاهدون وواصلوا». ويبكي الشاعر أرضه فيقول «خذلناك يا أرض العمالقة الأُلي- تهاوت نخيل كان يرجي بقاؤها- قرونا فماتت شيعتها الفسائل- عزائي لقومي.. ما بقيت وما بقوا- ليعلموا أنى ما سلوت وما سلوا- ويا قارئ الأبيات عفوا فإنني- أُساقيك كاس المر... لا أتجاهل- ورحماك يا رباه إنى بهجرتي- رضيت... ولكني للطفك سائل..»
وأخيرا، هل فيما سبق ما يشي بالأوتار التي تم العبث بها لإثارة الفتنة؟ هل حملتني الظنون بعيدا عندما تصورت أن جزءا لا يستهان به من محاولة استعادة سكينة الوادي السعيد وتخفيف أنينه يكمن في قراءة ما بين سطور ما دونه المبدعون؟!
لمزيد من مقالات سناء صليحة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.