على الرغم من الحادث المأساوى للسائحين المصريين بمنطقة وادى جبال بسانت كاترين فإن السياحة لم تنقطع عنها ، فمفردات المنطقة الساحرة التى تجمع التضاريس الجبلية الشاهقة والأودية المنخفضة والحدائق المتميزة والتكوينات الجيولوجية الرائعة والدير الأثرى الفريد تجذب إليها يومياً مئات السياح الأجانب والمصريين على السواء ، فالسمعة العالمية التى اكتسبتها جبال جنوبسيناء بصفة عامة وسانت كاترين بصفة خاصة جعلت منها قبلة يفد إليها هواة التريض فى الجبال وتنافس قريناتها الشهيرات بدول العالم المختلفة وإن كانت تتفرد عليها بأنها مهد الديانات ومهبط الرسالات وتحتضن جبل موسى الذى اختصه الله بالكلام فوقه
وما من شك أن الحادث العارض الأخير أصاب الكثيرين بالحزن إلا أن يد القدر والطقس لعبت فيه دورا مؤثرا،وأصبح البحث عن معدلات الأمان فى تلك الرحلات الممتعة والشاقة هو الهدف الذى ينشده الجميع ، والوصول لأفضل الأساليب العلمية والتقنية لإدارة منظومة هذا النوع من السياحة هو الحل لعدم تكرار ما حدث أو بمعنى أدق الحد منه ، والبداية يجب أن تبدأ من أهالى وقبائل سانت كاترين أنفسهم فهم أدرى بشعابها ولهم باع طويل مع سياحة السفارى توارثوه أباً عن جد ، ويدعمهم فى ذلك أهل الخبرة من حراس وباحثى البيئة بمحمية سانت كاترين وهم من تجتمع لديهم الخبرة والعلم والممارسة ، ومن هنا كان حرصنا على طرح حزمة التوصيات التى تسهم فى الخروج برحلة سفارى يتحقق فيها أعلى درجات الأمان فى البداية يقول الجيولوجي محمد قطب - مدير محمية سانت كاترين :- بعيداً عن هذا الحادث العارض المحزن فإن سياحة السفارى التى تتم فى جبال سانت كاترين منظمة على أعلى درجة بفضل الخبرة الطويلة التى يتمتع بها القائمون عليها بالمكاتب المعتمدة والتى يتولاها كل من الشيخ موسى أبوهيم والشيخ فرج محمود فرج لأنهما من أبناء المنطقة ، واكتسبوها عن آبائهم وأجدادهم ، وعن دورنا كإدارة لمحمية سانت كاترين الطبيعية التابعة لقطاع حماية الطبيعة بوزارة البيئة فنحن نوفر لتلك الرحلات جميع النشرات والبروشورات والأدلة المقروءة التى تثقف السائح وتقدم له كافة المعلومات الممكنة عن كل ماتحتضنه المحمية من معالم سواء كانت جبالا وأودية وتكوينات جيولوجية وثروات معدنية وغيرها ، كما تقدم له كافة النصائح والخرائط اللازمة التى تعرفه المناطق المناسبة للتريض بالمواقع المفتوحة وأماكن الثروات الطبيعية ، وكيفية صعود الجبال ووعورتها ، ورغم خطورتها تمثل قمة المتعة لهم ، ويجب على السائح تنفيذ جميع تعليمات الدليل البدوى لأنه الأكثر خبرة بالمكان وقدرته على التصرف السريع فى الظروف الطارئة
نصائح فنية
هناك نصائح فنية يجب اتباعها، أهمها أن السائح الذى يأتى لسانت كاترين وجنوبسيناء بصفة عامة يقوم بممارسة رياضة الغوص فى أعماق البحر لعشرات الأمتار ثم بعد وقت قصير جداً يصعد إلى الجبل فى رحلة سفارى ، وهناك فارق بين الضغط فى الأعماق والضغط أعلى الجبال وكذلك درجات الحرارة والطقس وغيرها من العوامل الطبيعية ، ومن هنا يجب أن لاتقل الفترة بين ممارسة الغوص والصعود للجبل عن يومين ، ومن هنا تحدث أضرار لبعض السياح الذين يختصرون الفترة ، فالجسم يحتاج عادة لفترة للتأقلم مع التضاريس المرتفعة ، كما أن السائحين الذين يتناولون أدوية معينة يجب أن تكون متوافرة لديهم ، وأصحاب الأمراض المزمنة مثل السكر والضغط والقلب يستحسن أن يقوم بالتريض فى مناطق منخفضة والبعد عن المرتفعات الشاهقة ، كذلك عدم مخالفة الدليل لأنه فى حالة حدوث أي طارئ يكون هو الأقدر على التعامل معه ، خاصة أن الطرق غير ممهدة بل وعرضها لايصلح لسير الجمال ، كما يجب أن يحمل السائح معه كافة وسائل الإسعافات الأولية وعن أهم الأماكن التى يرشحها قطب لسائح السفارى جبل موسى الذى كلمه الله فيه ، ومنطقة وادى جبال التى تتميز بطبيعة خلابة بها أشجار الفاكهة واللوز كما تزين الجبل تكوينات جيولوجية غاية فى الروعة والجمال ، وطبوغرافيا المكان لها تفرد ساحر
خبرة أهالى كاترين
وكواحد من أهم اثنين لهما الريادة كأدلة فى سياحة السفارى يقول الشيخ فرج محمود فرج : تفتحت عيناى منذ الصغر وأنا ابن السابعة من عمرى مع أبى على تلك المهنة ، فأصبحت خبيرا بعد أكثر من خمسة وثلاثين عاماً ، ونفس الشئ بالنسبة للشيخ موسى أبو هيم ، وأي رحلة يجب أن تكون لها احتياطاتها واحتياجاتها بداية من كشاف النور والحذاء المناسب واللبس الخفيف فى الطقس العادى والإحتياطى من اللبس الثقيل لمواجهة أى تقلبات أو طارئ فى الطقس ، كذلك لاتقل كمية المياه للفرد عن لتر مياه لو كان السير فى الجبال لمدة ثلاث ساعات ، ولو استمر السير لمدة ثمانى ساعات فالدليل يعرف أنه سيمر على عين ماء يتزود منها، وفى الشتاء دائماً ينظر الدليل الى السماء قبل التحرك ولو وجد بها سحب يعدل طريقه بعيداً عن مخرات السيول كما لايبيت بتلك المخرات تفادياً للخطر المحتمل حدوثه عند اجتياح مياه السيل لتلك المخرات، ولايخلو متاع سائح السفارى من الكبريت أو ولاعة لأنها ضرورية عند حدوث الطوارئ فيستخدمها لإشعال النار التى تيسر الاستدلال عليه ويسهل الوصول له ، وبالنسبة لنصب الخيام فيكون قبل غروب الشمس واختيار منطقة رملية مسطحة ومستوية بعيداً عن المناطق الصخرية التى تتكاثر فيها الثعابين والحيات والعقارب والحشرات الضارة والتى تتواجد بصورة أكبر في فصل الصيف ، وبعد انتهاء التخييم يجب ترك المكان نظيفاً حتى ييسر على السياح القادمين بعد ذلك استخدامه بسهولة
قصة جبل البنات
ويبرز جبل البنات كواحد من أشهر الجبال التى يحرص السياح على ارتياده لممارسة سياحة السفارى ، والغريب أن سبب تسمية هذا الجبل بهذا الإسم حادثة عجيبة وغريبة حدثت عام 1914 أى منذ مائة عام وتعد حالة نادرة جداً من حالات التمرد على العادات والتقاليد ليست المشهورة بين القبائل البدوية فحسب بل معظم قبائل مصر والعالم العربى فى هذا التاريخ وربما إلى وقتنا الحالى فى الكثير من المناطق التى تقطنها القبائل والعائلات ، فلم تكن للفتاة حرية اختيار شريك حياتها بل يفرض عليها من شباب العائلة أو الأقارب أو من تقبله القبيلة أو العائلة ، والغريب أن فى تلك الحقبة رفضت ثلاث فتيات فرض الزواج عليهن بتلك الطريقة ورفعون راية العصيان على العادات والتقاليد ، وفضلن الموت عنها وكأنهن بانتحارهن يتركن رسالة لقريناتهن من بنات القبيلة وكافة بنات جيلهن والأجيال التالية ، ولم يبخلن بحياتهن فى سبيل ايصال تلك الرسالة ، وصعدن معأ على صخرة ترتفع 250 متراً علماً بأن أقصى ارتفاع للجبل 2000متر ، وقررن الانتحار معاً ولضمان عدم تخلف إحداهن عن التنفيذ ربطن خصلات شعورهن ببعض وألقين بأجسادهن من الصخرة المرتفعة فماتت معاً ، وتم اطلاق أسمائهن على الجبل فأصبح منذ ذلك التاريخ يسمى باسم جبل البنات جبال سانت كاترين
ومن الجبال الأخرى التى يرتادها سياح السفارى يقول أحد أبناء سانت كاترين خليل سليمان – وهو أحد كوادر المحمية الطبيعية :-على عكس ما يعتقد البعض لايوجد مناطق ممنوع ممارسة سياحة السفارى فيها بجميع أرجاء سانت كاترين ، فهى تبدأ من نويبع وتنتهى بمدينة سانت كاترين أو طور سيناء ، وهناك سفارى تبدأ من أبوزنيمة وتنتهى بشرم الشيخ ، وهذا يدل على أن جنوبسيناء كلها بأوديتها وجبالها متاحة للسفارى ، وجبل موسى متاح طوال اليوم ومعظم رحلات السفارى تخرج إليه الساعة الثانية عشر مساء وتنتهى الثامنة صباحاً ، ورحلة الغروب تبدأ الثانية ظهراً وتنتهى الثامنة مساء ، وكلتا الرحلتين لاتتم إلا بوجود دليل ، ومن المناطق الأخرى التى تجذب رواد السفارى وادى الأربعين ووادى طلاح ومنطقة وادى جبال والجبل الأزرق أو الجبل الملون ، وخارج سانت كاترين وادى غزالة وعين حُضرة وجبل أم شومر وجبال سربال ووادى الفريع وجبل البنات