في تطور لافت للنظر أفردت وسائل الإعلام الإسرائيلية, الصادرة الأسبوع الماضي, العديد من المقالات للإشادة بحركة حماس ودورها في حماية الحدود الجنوبية من خلال قيام رجال الأمن التابعين لحكومة إسماعيل هنية في غزة بمنع المسلحين من الفصائل الفلسطينية الأخري وخاصة حركة الجهاد الإسلامي, من إطلاق الصواريخ والقذائف في اتجاه المواقع والبلدات الإسرائيلية المحيطة بقطاع غزة. وكتب العديد من الصحفيين الإسرائيليين البارزين مقالات تشير إلي انه رغم أن حماس مازلت تعمل علي تعزيز قدراتها العسكرية فإنها اصبحت خير من يقوم بدور الحارس الأمين لحدود غزة من القطاع, وخاصة في مواجهة حركة الجهاد الإسلامي التي تعاظمت قوتها العسكرية بعد قطع العلاقات بين حماس وكل من إيرانوسوريا وحزب الله نتيجة تدخل حماس في الحرب الدائرة حاليا في سوريا. ووصف الصحفيون والكتاب الإسرائيليون الوضع الحالي للعلاقات بين حماس وإسرائيل بأنه مرض للطرفين حيث تستفيد منه تل أبيب للتركيز علي تطورات الأوضاع في إيران بينما تستفيد منه حماس في محاولة تطوير أسلحة محلية الصنع بعد فقدانها مصادر السلاح الخارجية مثل إيرانوسوريا وإغلاق معظم الأنفاق مع مصر بينما لاتزال حركة الجهاد تحتفظ بترسانة صواريخ إيرانية متوسطة المدي من طراز فجر5 بعد تدمير مخزونات حماس منها في حرب عامود السحاب في نوفمبر.2011 وتحت عنوان الخلية الناقصة كتب اليكس فيشمان في يديعوت أحرونوت يوم27 ديسمبر الحالي: إن جميع أحداث اطلاق النار واعمال القناصين من حدود غزة هي تعبير عن عدم السيطرة وبرغم صراع القوة بين حماس والجهاد الاسلامي يوجد بينهما اتفاق علي ألا ينفذ الجهاد اطلاق نار مدبرا علي اسرائيل إلا في حالات يجتاز فيها الجيش الاسرائيلي الجدار. ويضيف فيشمان قائلا: هنا توجد المفارقة الكبري وهي أن اسرائيل هي التي تسيطر اليوم علي الصمام الذي يحول الاوكسجين الي غزة ويضمن استقرار نظام حماس ووقف اطلاق النار. بيد أن حماس برعاية وقف اطلاق النار هذا تتسلح بعشرات القذائف الصاروخية الجديدة التي تصنعها هي نفسها وترمي الي الوصول الي مدي يزيد علي70 كم. وتحت عنوان ميزان الرعب كتبت صحيفة يديعوت أحرونوت في أفتتاحيتها يوم25 ديسمبر: ويعترفون في اسرائيل مع ذلك بأن حماس لم تتخل حتي الآن عن الجهد للحفاظ علي التهدئة. ففي كل مرة يظهر فيها الجهاد الاسلامي علامات استقلال تحاول حماس أن توقفه. ويقبل الجهاد علي نحو عام القواعد التي تمليها حماس ويطلق قذائف رجم حينما تدخل قوات الجيش الاسرائيلي الي منطقة الفصل في الجانب الشرقي من الجدار. أما صحيفة هآرتس فكتبت افتتاحيتها يوم26 ديسمبر تحت عنوان التخفيف عن الحياة في غزة مطالبة بما هو أبعد من ذلك وهو تخفيف الحصار عن غزة مكافأة لحماس علي حماية أمن الحدود الإسرائيلية وتقول في الافتتاحية غير أن الهدوء والاحتلال لا يمكنهما أن يتعايشا معا. فمنذ سنين وقطاع غزة يوجد في ضائقة شديدة بسبب الاغلاق الذي فرضته عليه اسرائيل, ومؤخرا انضمت اليها مصر ايضا. نحو مليون و700 ألف فلسطيني محبوسون في إقليم هو الأكثر اكتظاظا في العالم. فلا توجد اماكن عمل جديدة, ومصادر تمويل حماس, التي تدير القطاع, جفت. الأنفاق, التي الي جانب كونها مسارات تهريب سلاح استخدمت كشرايين حياة لنقل البضائع دمرت في معظمها. العبور بين قطاع غزة والضفة الغربية يكاد لا يكون قائما, وتصدير البضائع بات متقطرا.. وتضيف قائلة: صحيح أن اسرائيل تفرض علي حماس المسئولية عن الوضع في قطاع غزة, ولكن اسرائيل هي المسيطرة عمليا علي الغلاف الخارجي الذي يملي قدرة حماس علي ادارة حياة سليمة في القطاع. وهكذا نشأت مفارقة مفعمة بالتناقضات. فمن جهة, حماس مطالبة بأن تدير عن اسرائيل الهدوء في قطاع غزة, ومن ناحية اسرائيل هي التي تتحمل المسئولية عن الامن وهكذا تعترف اسرائيل ضمنا بحكم حماس. وفي نفس الوقت تواصل دولة اسرائيل سياسة الطوق الخانق, التي تفشل حماس مقارنة بمنظمات خصمة, من جهتها تتحدي الحكم الفردي لحماس من خلال عمليات ضد اسرائيل.