غرفة عمليات حزب الوعي تتابع سير العملية الانتخابية    "التخطيط" تستقبل بعثتين من المفوضية الأوروبية لإجراء مباحثات موسعة حول الإصلاحات الهيكلية    إيران: نرغب في اتفاق نووي سلمي مع أمريكا دون التهاون في الأمن القومي    حماس: ذكرى اغتيال ياسر عرفات تذكرنا بواجب الوحدة ومواصلة درب الشهداء    بايرن ميونخ متفائل بشأن تجديد عقد أوباميكانو رغم اهتمام ريال مدريد    طولان يستدعي نبيل والدبيس وحسام حسن لمنتخب مصر المشارك في كأس العرب    سحب 1199 رخصة لعدم تركيب الملصق الإلكترونى خلال 24 ساعة    ضبط 23 شركة سياحة و3 مكاتب لاتهامها بالنصب على المواطنين    حالة الطقس في السعودية اليوم الثلاثاء    انتخابات النواب 2025.. رئيس مركز ومدينة البدرشين يساعد مسنًا للإدلاء بصوته    بحضور نجوم الأغنية الشعبية.. تشييع جثمان المطرب إسماعيل الليثي من إمبابة    إدارة التراث الحضاري بالشرقية تنظم رحلة تعليمية إلى متحف تل بسطا    تحرير 110 مخالفات للمحال غير الملتزمة بقرار الغلق لترشيد الكهرباء    بعد تعديلات الكاف.. تعرف على مواعيد مباريات المصري في الكونفدرالية    «العمل»: نحن شركاء أساسيين بجهود تحقيق العدالة في التنمية المستدامة    إقبال متزايد في اليوم الثاني لانتخابات النواب بأسوان    الشرع يقدم "دمشق" لإسرائيل تحت ستار مفاوضات أمنية واقتصادية.. وبرلمانيون يحذرون من مساس السيادة الوطنية    محافظ قنا وفريق البنك الدولى يتفقدون أماكن الحرف اليدوية    اليوم.. استئناف متهم بالانضمام لجماعة إرهابية في الجيزة    مشتريات أجنبية تقود صعود مؤشرات البورصة بمنتصف تعاملات جلسة الثلاثاء    الزمالك يُهدد اتحاد الكرة بسبب أحمد سيد زيزو    البداية بالموسيقار عمر خيرت.. انطلاق مهرجان حديقة تلال الفسطاط الشتوي الجمعة المقبلة    القومي لثقافة الطفل يكشف البوستر الرسمي لملتقى الأراجوز والعرائس التقليدية    الفنان تامر عبد المنعم يدلى بصوته فى انتخابات مجلس النواب 2025.. صور    بعد قرأته للقرأن في المتحف الكبير.. رواد السوشيال ل أحمد السمالوسي: لابد من إحالة أوراقه للمفتي    المتحف المصري الكبير يتخطى حاجز ال100 ألف زيارة خلال أسبوع من افتتاحه (صور)    تحديد ملعب مباراة الجيش الملكي والأهلي في دوري أبطال أفريقيا    «الرعاية الصحية»: 31 مليون فحص بمعامل المرحلة الأولى لمنظومة التأمين الشامل    حسام البدري يفوز بجائزة افضل مدرب في ليبيا بعد نجاحاته الكبيرة مع أهلي طرابلس    شكوك بشأن نجاح مبادرات وقف الحرب وسط تصاعد القتال في السودان    وزير الري: أي تعديات على مجرى نهر النيل تؤثر سلبًا على قدرته في إمرار التصرفات المائية    وزير الصحة: مصر تمتلك منظومة متكاملة لتسجيل ومراقبة جودة الدواء واللقاحات    الصحة: الخط الساخن 105 يستقبل 5064 مكالمة خلال أكتوبر 2025 بنسبة استجابة 100%    وفد حكومي مصري يزور بكين لتبادل الخبرات في مجال التنمية الاقتصادية    فاينانشيال تايمز: الاتحاد الأوروبى يعتزم إنشاء وحدة استخباراتية جديدة برئاسة فون دير لاين    وزيرا الأوقاف والتعليم العالي يشاركان في ندوة جامعة حلوان حول مبادرة "صحح مفاهيمك"    ارتفاع حصيلة ضحايا الإعصار فونج وونج بالفلبين إلى 18 قتيلا    إصابة 7 أشخاص فى حادث مرورى مروع بطريق أجا – المنصورة    ماذا قدم ماكسيم لوبيز لاعب نادي باريس بعد عرض نفسه على الجزائر    "طلاب ومعلمون وقادة" في مسيرة "تعليم الإسكندرية" لحث المواطنين على المشاركة في انتخابات النواب 2025    بسبب أحد المرشحين.. إيقاف لجنة فرعية في أبو النمرس لدقائق لتنظيم الناخبين    معلومات الوزراء: تحقيق هدف صافى الانبعاثات الصفرية يتطلب استثمارًا سنويًا 3.5 تريليون دولار    بينهم أجانب.. مصرع وإصابة 38 شخصا في حادث تصادم بطريق رأس غارب    انتخابات النواب 2025، توافد المواطنين للإدلاء بأصواتهم بمدرسة الشهيد جمال حسين بالمنيب    أسعار الأسماك بسوق العبور اليوم الثلاثاء 11 نوفمبر 2025    هدوء نسبي في الساعات الأولى من اليوم الثاني لانتخابات مجلس النواب 2025    ضعف حاسة الشم علامة تحذيرية في سن الشيخوخة    حظك اليوم الثلاثاء 11 نوفمبر.. وتوقعات الأبراج    بعد إصابة 39 شخصًا.. النيابة تندب خبراء مرور لفحص حادث تصادم أتوبيس سياحي وتريلا بالبحر الأحمر    مجلس الشيوخ الأمريكي يقر تشريعًا لإنهاء أطول إغلاق حكومي في تاريخ البلاد (تفاصيل)    في ثاني أيام انتخابات مجلس نواب 2025.. تعرف على أسعار الذهب اليوم الثلاثاء    «في مبالغة».. عضو مجلس الأهلي يرد على انتقاد زيزو بسبب تصرفه مع هشام نصر    رد غامض، حسين الشحات يثير التساؤلات حول مصيره مع الأهلي    هل يظل مؤخر الصداق حقًا للمرأة بعد سنوات طويلة؟.. أمينة الفتوى تجيب    دعاء مؤثر من أسامة قابيل لإسماعيل الليثي وابنه من جوار قبر النبي    انطلاق اختبارات مسابقة الأزهر الشريف لحفظ القرآن بكفر الشيخ    ما حكم المشاركة في الانتخابات؟.. أمين الفتوى يجيب    د.حماد عبدالله يكتب: " الأصدقاء " نعمة الله !!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الانهيار بدأ من هن ا(5)

يحتاج خريج كليات الطب اليوم إذا أراد معادلة شهادته المصرية في إنجلترا أن يخضع لإعادة دراسة العديد من المقررات واجتياز اختباراتها.
يحدث هذا بعد أن كانت تفتح له الأبواب منذ أربعين سنة مضت مستفيدا من السمعة العلمية الطيبة لشهادة بلاده. واكتشفنا أخيرا أن خريج كلية الهندسة من الجامعة الألمانية في مصر تطلب منه الجامعات الألمانية في ألمانيا دراسة ثلاث مواد هندسية إضافية إذا أراد معادلة شهادته الممهورة بخاتم الجامعة الألمانية! وفي إعارات السلك القضائي استحدثت دول الخليج منذ سنوات نظاما بموجبه يشغل رجل القضاء درجة فنية تقل عن تلك التي كان يشغلها في مصر صاحبة أقدم وأرفع نظام قضائي في المنطقة العربية. حكي لي رئيس تحرير صحيفة يومية كبيرة في إحدي دول الخليج أنهم أعلنوا منذ عدة سنوات عن فرص عمل لصحفيين من مصر وعندما أجري اختبار في اللغة العربية والثقافة العامة كانت النتيجة أنه لم ينجح أحد من علي الرغم من أن المتقدمين مسجلون في نقابة الصحفيين.
أعرف بالطبع أن الأمثلة السابقة لا تجيز التعميم وإطلاق الأحكام, وأن مصر تبقي من أهم بلدان الكفاءات والطاقات البشرية المميزة في محيطها الإقليمي بل وعلي مستوي العالم كله. لكن علينا أن ندرك أن بعض هذه الكفاءات والعقول تكون في ظل حقبة تعليمية ماضية والبعض الآخر يمثل استثناءات فردية ناجحة لا يجوز القياس عليها. أما الملاحظة العامة فتظل في ذاتها صحيحة وهي أن تدهور منظومة التعليم في مصر قد أنتج تدهورا مماثلا في نوعية المخرج التعليمي وبالتالي تواضع المستوي المهني بل ورداءته في الكثير من المجالات. للظاهرة كما نعرف جميعا أسباب وعوامل شتي من بينها الخلل الذي يصل الي حد الاستخفاف في مسألة التقييم المدرسي والجامعي( والتقييم أحد المستويات المهمة في كل إنجاز إنساني)
في التعليم المصري تعاني مسألة تقييم الطلاب من خلل وتدن في المعايير أدي عملا إلي غياب هذه المعايير نفسها. تجلت هذه الظاهرة في الثلاثين سنة الأخيرة وهي للمفارقة الفترة ذاتها تقريبا التي بدأ الاختلال فيها يلحق معظم جوانب المنظومة التعليمية في مصر. كيف يمكن مثلا تفسير حصول طلاب في الثانوية العامة علي100% من مجموع الدرجات أو ما دون ذلك بقليل؟ هذا أمر تنفرد به مصر ولا نكاد نجد له نظيرا في البلدان المتقدمة. يحدث هذا في الوقت الذي يضع فيه آخر تقرير للتنافسية الدولية مستوي تعليم الرياضيات والعلوم في مصر في المرتبة ال145 من بين148 دولة علي مستوي العالم لتحتل مصر بذلك الترتيب الأخير بين الدول العربية! تمتد الظاهرة نفسها إلي الجامعات لنشاهد حصول أعداد كبيرة من الطلاب علي الدرجة النهائية. بالطبع هناك طلاب متفوقون شديدو التميز يستحقون الحصول علي أعلي الدرجات والتقديرات. لكن هذا لا يبرر استشراء الظاهرة حتي كادت أن تصبح أمراشائعا.
يقودنا تأمل هذه الظاهرة إلي أنها لا تعني بالضرورة النبوغ بقدر ما تعني أن معايير النبوغ لدينا قد تواضعت إلي حد أنها أصبحت تنتقص من مفهوم النبوغ ذاته. الملاحظة أن أحدا منا لم يسأل نفسه لماذا لا نري في الدول الأخري ظاهرة ال100% بل وما فوقها بإضافة ما يطلق عليه مواد المستوي الرفيع؟ وهل حدثت طفرة مفاجئة في مستوي نبوغ الطلاب المصريين خلال الثلاثين أو الأربعين عاما الماضية بينما كان التراجع يلحق كل شيء آخر في حياتنا؟ حين نقارن ظاهرة المائة أو ال99% بما كان عليه تقييم طلابنا حتي منتصف سبعينيات القرن الماضي نكتشف أن معاييرنا في التقييم والحكم علي الأشياء هي التي أصابها الخلل. فالمؤكد أن الطلاب المصريين قبل ثلاثة أو أربعة عقود لم يكن ينقصهم الذكاء والتميز ولا نبوغ بعضهم ومع ذلك فقد كان المتفوقون منهم يحصلون علي ما دون ال99% بكثير. ولم تكن امتحانات هذه الأيام بأسهل من امتحانات هذه الفترة.
والواقع أن تدني معايير تقييم مستويات الطلاب لدينا سمة لظاهرة أعم وأشمل تجتاح الكثير من مظاهر حياتنا وهي المبالغة. فنحن في الواقع مبالغون في نظرتنا لأنفسنا إلي حد تضخيم حقيقتنا بأكثر مما يجب من حيث الموضوع وإلي شعورنا بالزهو الشديد, فليس هناك شعب غني لنفسه وامتدح ذاته بأوصاف تقترب من الأساطير مثلما فعل الشعب المصري.
إن مصر التي تعاني اليوم تواضع مستوي اللغة العربية حتي لدي من تعتبر اللغة أداة أساسية لعملهم المهني هي التي يتحمل نظامها التعليمي المسئولية حين أتاح النجاح بل والتفوق لمن يجهلون أبسط القواعد الأساسية في اللغة. لهذا كان المشهد صارخا يوم تابع العالم العربي كله أهم محاكمة في تاريخ مصر( محاكمة الرئيس الأسبق مبارك) بينما كانت اللغة العربية تذبح علي ألسنة القائمين علي هذه المحاكمة. كان مؤلما سماع تعليقات مرة لمثقفين عرب وهم يتساءلون حول ما آل إليه مصير اللغة العربية في بلد الأزهر ودولة النظام التعليمي الأقدم في المنطقة. كثر من هؤلاء المثقفين العرب تعلموا في مصر يوم كان التعليم تعليما.
وجه الخطورة فيما تنطوي عليه معايير تقييم طلابنا من مبالغة وخلل أنها تغرس في عقولهم منذ سن مبكرة الشعور بالتساهل وربما الاستخفاف بأصول ومتطلبات العمل المهني وهو ما يكرس ثقافة الاكتفاء بالحد الأدني.الأمر المؤكد في النهاية أننا حين نتساهل في تطبيق معايير تقييم الطلاب فنحن نختزل قدراتهم دون أن ندري. وستظل هذه القدرات كامنة معطلة لأنها لم تجد النظام التعليمي الذي يفجرها ويحسن توظيفها.
مجرد تساؤل
لماذا الإصرار علي إصدار قوانين تشعل الأزمات بدلا من السعي لإصدار قوانين تسهم في إطفائها؟
لمزيد من مقالات د. سليمان عبد المنعم


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.