في صمت وهدوء وبدون ضجة إعلامية، يتم الان تنفيذ أكبر مشروع لتطوير التعليم في مصر، يهدف هذا المشروع الي إنشاء مؤسسات تعليمية نموذجية للتعليم الجامعي وقبل الجامعي، طبقا للمعايير العالمية بحيث يمكن تعميمها وتطبيقها علي نطاق واسع بعد أن يثبت نجاحها. ويشمل المشروع انشاء مدارس بكافة المحافظات، يتم تنفيذها علي عدة مراحل، وتتكون المرحلة الأولي من خمس مدارس بمحافظات 6 اكتوبر والقليوبية (مدينة العبور) وبورسعيد والمنيا وقنا، ويتم افتتاحها في سبتمبر 0102، ويواكب ذلك انشاء مبان عصرية لهذه المدارس تستوفي كافة المعايير العالمية والمحلية التي تؤهلها للاعتماد المحلي والدولي، ومنح طلابها الشهادة المصرية الدولية لاتمام التعليم قبل الجامعي، وتؤهل الخريج للالتحاق بالجامعات في مصر والخارج. وتستهدف هذه المدارس ابناء مصر من الطبقة المتوسطة في المرحلة العمرية من 4 إلي 81 سنة، علي أن يساهم أولياء الأمور في تحمل تكلفة التعليم من خلال مصروفات مدرسية، وسوف يخصص صندوق تطوير التعليم التابع لمجلس الوزراء ومؤسس المشروع 02٪ من الاماكن لغير القادرين من الطلبة، وذلك عن طريق تقديم منح دراسية من الصندوق والافراد والهيئات المختلفة. ويتيح النظام التعليمي الجديد للطلاب الحصول علي شهادتين الأولي عند إتمام الدراسة بنجاح لمدة 10 سنوات، وهذه الشهادة تؤهل الحاصل عليها للالتحاق بسوق العمل، اما الشهادة الثانية، وهي الشهادة المصرية الدولية لاتمام التعليم قبل الجامعي، فإنها تؤهل الخريج للالتحاق بالجامعات في مصر والخارج. ومن متطلبات الحصول علي الشهادة المصرية الدولية للتعليم قبل الجامعي، يجب ان ينهي الطالب بنجاح دراسة ثماني مواد، يكون من ضمنها المواد المؤهلة للالتحاق بالكلية التي يرغبها. وتقوم جامعة كمبردج حاليا بإعداد مناهج دراسية مرنة وفقا للمعايير الدولية، وتتميز هذه المناهج في محتواها بالجمع بين المعارف والمهارات وتشمل مهارات التعليم والتفكير النقدي والتحليلي، ومهارات الاتصال، والمهارات الاجتماعية، والقدرة علي حل المشاكل، وكذلك مهارات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات. بالاضافة الي المهارات الفنية والرياضية، وذلك بهدف تمكين الطلاب من التعامل بفاعلية داخل المجتمع ليصبحوا روادا وقادة علي المستوي المحلي والعالمي. وتحتوي المناهج الدراسية »لمدارس النيل المصرية« علي مواد اللغة العربية والانجليزية والرياضيات والعلوم وتكنولوجيا المعلومات كمواد اساسية، بالاضافة الي الدراسات الاجتماعية والعلوم الانسانية والفنون والموسيقي، والرياضة البدنية، وكذلك اللغة الاجنبية الثانية، وسيكون لدي الطالب فرصة اختيار واحدة من اللغات الثلاث الفرنسية او الالمانية أو الصينية، وقد تم اضافة مادة حديثة، وتسمي »آفاق عالمية«، والهدف منها تنمية مهارات التفكير المستقل الابتكاري الناقد لدي الطلاب، ودعم مقدرتهم علي البحث العلمي واتخاذ القرار، معتمداً علي أدلة موضوعية. ولتكامل العملية التعليمية والوصول بها الي الاهداف المرجوة، فإن معلمي وقيادات تلك المدارس، سيتم بناء قدراتهم من خلال خطة تنمية مهنية متكاملة تم إعدادها بالشراكة مع جامعة كمبردج، وفقا للمعايير العالمية لتأهيل وإعداد المعلمين وقيادات المدارس. ولضمان نجاح هذا النظام التعليمي الجديد، والذي يقوم علي التكامل بين المناهج والتقييم للطلبة وتدريب المعلمين والقيادات، تم تصميم وانشاء مدارس عصرية تحتوي علي خدمات وإمكانات حديثه من فصول دراسية مجهزة بأحدث التقنيات العلمية، وسبورات ذكية، ومعامل علوم وحاسب آلي وحدائق ومساحات واسعة لممارسة الانشطة، كما تشمل كل مدرسة قاعة مكتبة، بالاضافة لقاعات أخري متعددة الاغراض، وعيادة ومرافق رياضية، مما يجعل من هذه المدارس مراكز اشعاع ثقافي وتنويري. ولكي تتمكن مدارس النيل من تخريج أول دفعة طبقاً للنظام الجديد دون الانتظار لفترة 41 عاماً لتخريج أول طالب في صيف 5102، لذلك تم وضع نظام لقبول الطلاب سنويا خلال فترة الخمس سنوات الأولي للمشروع في الصفوف الدراسية رياض الاطفال لمدة عام دراسي كامل يتم خلاله إعداد التلميذ ليتواءم مع النظام التعليمي الجديد، ويبلغ عدد الاطفال المتوقع التحاقهم بمدارس النيل في العام الأول 0102/1102 في الخمس مدارس 0031 طالب بكثافة لا تزيد علي 52 طالبا في الفصل الواحد. وقد رُئي ان تكون هذه المدارس غير خاضعة لسلطة وزارة التربية والتعليم باعتبارها مشروعاً قومياً يتطلب الاستقلالية في الحركة وسرعة التنفيذ، الامر الذي يساعد علي إحداث تغييرات عملية في فترة زمنية محدودة وتحقيق الأهداف في مواعيدها، ومع ذلك فإن هذه المدارس تعمل في ضوء السياسات العامة لوزارة التربية والتعليم، وأن وزيرها عضو في مجلس ادارة صندوق تطوير التعليم، وبما أن هذا المشروع يتطلب الانفتاح علي الافكار الحديثة، والاستعانة بالخبرات غير التقليدية، فقد استلزم ذلك ان تكون إدارته مختلفة عن النمط التقليدي السائد في الوزارة، وقد منح القرار الجمهوري الصادر بشأن هذا المشروع نصا صريحاً يخول الصندوق اصدار القرارات بدون التقيد باللوائح الحكومية. بقي أن أقول ان مدارس النيل ليست مدارس حكومية، ولكنها مدارس أهلية لا تهدف إلي الربح بصفة اساسية، بل تهدف الي تطبيق نظام تعليمي حديث، وتغيير ثقافة الآباء حول التعليم والدروس الخصوصية، فإن طريقة التعليم في هذه المدارس مختلفة تماماً، فهي تعتمد علي رفع مهارة المعلم. وتقييم الطالب قبل الالتحاق بها بطرق غير تقليدية، ودعم المعلمين للتلاميذ طبقا لاختلاف قدراتهم، كما أن المناهج مرنة وتستخدم مختلف مصادر المعرفة، وتضم أدوات تكنولوجيا المعلومات ليستخدمها المعلمون في تعليم الطلاب، لذلك فلن يحتاجوا إلي الدروس الخصوصية، بل سيكونون أول الرافضين لها.