شدد علماء الدين علي أهمية محاربة الفساد الذي كان سببا في هدم القيم والأخلاق وشيوع الفقر والتخلف وانتشار الجهل في الأمة الإسلامية. وأشاد علماء الدين بمبادرة الحكومة صياغة قانون جديد لمحاربة الفساد مؤكدين أن القرآن الكريم عالج هذه القضية وقدم لها رؤية معاصرة تقوم علي مبدأ الفصل بين السلطات والتشريعات والتحصين الداخلي.. كل ذلك يحمي الأمة من الفساد الإداري. وأكد العلماء أن الإسلام جاء للقضاء علي الفساد بشتي صوره وانواعه, ووضع ضوابط ومبادئ اذا التزم بها المسلمون في مجالات الحياة عاشوا في مجتمع يسوده العدل والمساواة والرحمة فيما بينهم, وأن ما نراه الآن من صور متنوعة للفساد يحتاج من الجميع التكاتف والوقوف صفا واحدا للقضاء عليها ومواجهتها. وطالب علماء الدين بالضرب بيد من حديد علي كل من تسول له نفسه, اقتراف جريمة الفساد, ايا كان موقعه, مطالبين بسرعة إصدار قانون مكافحة الفساد الذي تعده الحكومة حاليا, مؤكدين ان الاسلام سبقت تشريعاته كل القوانين والمواثيق الدولية لمكافحة الفساد. ويقول الدكتور محمد الشحات الجندي أستاذ الشريعة بكلية الحقوق جامعة حلوان وعضو مجمع البحوث الإسلامية: ان مكافحة الفساد هو مقصد من مقاصد الشريعة الاسلامية في اصلاح منظومة المجتمع المسلم, علي اعتبار ان هناك العديد من النصوص القاطعة من القرآن والسنة المؤكدة علي حرمة الفساد, وكل ما يتعلق بمادة الفساد مجرم ومدان ومنهي عنه في نصوص الشارع الحكيم, وما اكثر الآيات التي جاءت قاطعة علي النهي في الفساد في الارض, ومنها... إن الله لا يصلح عمل المفسدين وقوله تعالي ولاتفسدوا في الأرض بعد اصلاحها وادعوه خوفا وطمعا إن رحمة الله قريب من المحسنين, مشيرا الي انه لا يستقيم اي مجتمع ولا يتحقق فيه الرخاء والنماء ولا التقدم اذا كان سلوك افراده علي غير طريق الصلاح والاصلاح. خطوة مهمة وأكد الجندي ان ما أقدمت عليه الحكومة حاليا من وضع قانون لمكافحة الفساد, خطوة مهمة وجادة للقضاء علي شأفة الفساد وتجفيف منابعه علي كل المستويات, ولكن لابد, وبالتوازي مع هذه الخطوة ونحن بصدد إعداد دستور جديد للبلاد, يجب ان ينص علي مكافحة الفساد, وإنشاء مفوضية عليا للضرب بيد من حديد علي أيدي المفسدين في البلاد, من خلال وسائل ردع لهؤلاء الفاسدين المفسدين, مشيرا الي ضرورة ان تكون هناك وسائل علاجية واخري وقائية لمكافحة الفساد, وتحمي المهمشين والفقراء ورفع الظلم عن المظلومين وكثير من الشرفاء الذين يعيشون علي هذه الارض الطيبة. واوضح ان المتأمل لمسيرة الدولة الاسلامية في عهد الرسول صلي الله عليه وسلم وعهد الخلفاء الراشدين من بعده, يجد انه كان نموذجا للمجتمع الصالح الذي يقوم افراده علي تعمير الارض ويعملون علي التعاون علي البر والتقوي, ويتناهون عن الإثم والعدوان, لهذا كان مجتمعهم خاليا من كل صور الفساد, التي استشرت حاليا في المجتمعات الاسلامية المعاصرة, مثل الرشوة والاختلاس والتزوير واكل اموال الناس بالباطل وعدم الاكتراث بالخوض في الحرام وكسب المال بكل طريق حتي ولو كان بطريق غير مشروع, واشد من ذلك فساد الحاكم, لانه يفتح المجال للرعية لينهجوا نهجه, بل نجد ان البعض يعتبر أن سلوك هذه الوسائل المرذولة نوع من الشطارة والمهارة والفهلوة, وانه بذلك الفعل يفضل غيره من الناس لانه يستطيع التصرف بالاعتداء علي مقدسات المجتمع, وهو الامر الذي اعتبره الاسلام خطيئة كبري وجريمة ليس في حق الفرد نفسه ولكن في حق البشرية كلها, وهو ما نجده في قول الله تعالي...أنه من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا, واعتبرت جريمة الحرابة وهي جريمة تتضمن الاعتداء علي النفس والمال والاعراض عند بعض الفقهاء جريمة في حق المجتمع كله, يستحق مرتكبها اشد انواع العقوبات التي جاءت في قوله تعالي إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعونفيالأرض فسادا أن يقتلواأويصلبواأو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض ذلك لهم خزي في الدنيا ولهم في الآخرة عذاب عظيم. للفساد وجوه كثيرة وأكد الدكتور الدكتور اسماعيل الدفتار عضو هيئة كبار العلماء واستاذ الحديث وعلومه بجامعة الازهر, ان المتدبر فيما ورد من آيات كريمة واحاديث شريفة, تتحدث عن النهي واجتناب الفساد في الارض, يجد الكثير والكثير, فهناك نصوص من القرآن الكريم والسنة المطهرة تتحدث عن مضار الفساد وما يحدثه من تضييق في وسائل الحياة وعلي كل الاحياء, وكذلك ما يؤدي اليه الفساد من إخلال سنن الله في الكون, تلك السنن التي يترتب علي بقائها واستمرارها بحالتها التي خلقها الله عليها, سعادة الانسان واستقراره واطمئنانه. واشار الي ان هناك نصوصا اخري تتحدث عن انوع الفساد في الارض, من تلك الانواع ماهو معروف من هجر الانسان لأخيه الانسان, وذلك علي عكس ما امر الله به من حسن العلاقة بين بني الانسان واي اخلال بالعلاقات الانسانية, يكون سببا في الاضرار واثارة القلاقل بين الناس, وكذلك الترويع والتفزيع والاعتداء علي النفوس الآمنة المطمئنة او محاولة إهلاكها والقضاء عليها فان ذلك يمثل بعدا عن الفطرة الانسانية, فالانسان بطبيعته يميل الي اخيه الانسان ويأنس به, والذي يغير من ذلك ويبتعد بالانسان عن مجال هذا المعني يمثل انتهاكا للحرمات, ومن بينها حرمة نفسه هو ويؤدي الي امتهان كرامته التي حباه الله بها كانسان, لذلك فان الذي يقوم بالافعال التي تخل بالعلاقات الانسانية السليمة ينظر اليه الناس العقلاء الاسوياء نظرة الاحتقار لانه هو الذي بدأ بارتكاب ما يؤدي الي ذلك, ويعتبر من اشد انواع الفساد ان يقدم الانسان علي انتهاك وخيانة المسئولية التي يكون متحملا اياها في مجال من المجالات, واي مستوي من المستويات في الحياة.