التظاهر طلبا لشيء أو اعتراضا علي آخر أو إعلانا لموقف أو تعبيرا عن رأي هو حق أصيل للشعوب لا يجوز تقييده أو الغاؤه, ولكن يمكن تنظيمه بدون أن يؤدي ذلك إلي تفريغه من مضمونه. وهذا هو ما ينبغي أن يلتزم به المشرع في أي قانون للتظاهر, بحيث يكون غرضه التنظيم وليس التقييد. ولذلك يحتاج مشروع القانون الذي أعدته وزارة العدل إلي عدد من التعديلات لتلافي ما يؤدي إلي اختلاط التنظيم بالتقييد0 فالمشروع لا بأس به مبدئيا, ولكنه لا يصلح بنصه الحالي وبدون إدخال خمسة تعديلات مهمة عليه: أولها توفير ما يضمن عدم مماطلة قسم الشرطة في استلام الاخطار الذي يرسله منظمو المظاهرة, والتوقيع علي صورة منه, حتي لا تكون هناك فرصة للادعاء بعدم وجود هذا الاخطار, خاصة أن المشروع يفرض عقوبة علي التظاهر بدون إخطار. وثانيها: ضبط صياغة المادة السابعة التي تتيح لوزير الداخلية تبنيه الجهة المعنية بمطالب المتظاهرين للتواصل معهم وحل المشكلة, ليكون واضحا أن هذا الدور لا يشمل تأجيل المظاهرة خاصة أن الاخطار بها يقدم قبلها بأربع وعشرين ساعة كاملة, وهذه فترة تعد طويلة. أما التعديل الضروري الثالث فهو إلغاء عقوبة الحبس علي ارتكاب بعض المخالفات خلال المظاهرة, والاكتفاء بغرامة معقولة تزداد في حالة تكرار المخالفة نفسها. وثمة تعديل رابع مهم هو تقليص مساحة الحرم الذي يحظر علي المتظاهرين تجاوزه أمام المنشآت العامة المنصوص عليها في المادة14, وهو الا يقل عن50 متر ولا يزيد علي100 مترا. فهذه مسافة كبيرة, ولذلك ينبغي ألا تزيد علي50 متر. ويبقي بعد ذلك تعديل خامس لإلغاء حظر تحول المظاهرة إلي اعتصام. فلا يجوز في قانون ينظم أحد أشكال الاحتجاح أن تمنع شكلا آخر لهذا الاحتجاج, ولذلك ينبغي إصدار قانون آخر لتنظيم حق الاعتصام والأماكن التي يمكن أن يمارس فيها, والقواعد التي تحكمه والفترة التي يستغرقها, وما إلي ذلك. ولا يصح أن يكون المشرع أسير ما حدث في تجمعين أطلق عليهما اعتصامان زورا( رابعة والنهضة), ونحن في بداية مسار نأمل أن يكون ديمقراطيا. لمزيد من مقالات د. وحيد عبدالمجيد