اللواء محمود خلف رجل من رجال القوات المسلحة شارك في معظم الحروب التي خاضتها مصر بداية من حرب اليمن في الستينيات مرورا بحرب67 ثم حرب الاستنزاف والتي استمرت ست سنوات وصولا لحرب73 والتي كان فيها قائد أركان حرب عمليات مجموعة الصاعقة الموجودة بالجيش الثاني الميداني. وفي بداية الحوار, أكد اللواء محمود خلف أن الشعب المصري هو صاحب الانجاز الحقيقي والذي أصر علي النصر مهما كلفه الأمر, وروي لنا كيف استعد الجيش للحرب ونجح في وضع خطة الخداع الكبري للإسرائيليين لضمان اكتمال النصر والذي تحقق وجعل موشي ديان يلطم وجهه وتنتابه حالة هيستيريا. دروس مستفادة في الذكري الأربعين لحرب أكتوبر.. ماهي الدروس المستفادة التي تحب أن تعرفها الأجيال التي لم تعاصرها؟ حرب أكتوبر بها دروس من تاريخنا, والظروف الحالية تستدعي دروسا كثيرة من وحي التاريخ. فلا أحب شخصيا أن تأخذ ذكري الحرب شكل الأغاني والأنشطة الشكلية, فقيمة الانجاز التي تمت خلال حرب6 أكتوبر لا تأتي إلا بسرد الوقائع التي سبقت الحرب لأن المقارنة بين الحال التي كنا عليها والحال بعد الحرب هي أصدق تعبير عن حجم الانتصار. فاستعد الشعب للمعركة وربط الحزام فالكل يجمع علي أن الشعب كان صاحب الإنجاز في الحرب. وأقول لمن يضيق من الأجواء التي نعيشها الآن ومن فرض حظر التجوال إن الظروف الحالية لا تساوي قطرة في بحر النكسة وأجوائها المقبضة فالشعب المصري وقتها كافح بكل جهد واتخذ إجراءات حازمة من تلقاء نفسه لحماية الأمن القومي فلقد كان المصريون ينامون من المغرب لمدة ست سنوات دون أن يفرض عليهم قانون بذلك ولكن حدث ذلك من تصرف طبيعي منهم نابع من الحالة النفسية السيئة التي عاشوها في هذه المرحلة فالذي تتعجب منه أن تلك الآونة لم يكن هناك حرامي أو بلطجي وهذا كله موثق. ما مهمتك الأساسية في حرب اكتوبر؟ كنت قائد أركان حرب عمليات مجموعة الصاعقة الموجودة بقيادة الجيش الثاني الميداني. ما أبرز العمليات التي قامت بها وحدة الصاعقة تحت قيادتك? دور رجال الصاعقة متنوع بالحرب فمنها غلق طريق سدر عن طريق الطائرات الهليكوبتر, والإنزال البحري لقطع الطريق الساحلي لكي يتصل ببورفؤاد. بالإضافة الي عمل وحدتنا علي إختراق الثغرات ما بين خط بارليف بسرعة بحيث نمنع وصول الدبابات لهذا المكان. ومن العمليات المهمة علي خط بارليف التي قامت بها مجموعة الصاعقة مع مجموعة المشاه والتي عملت معنا من القنطرة حتي الإسماعيلية دمروا اللواء مدرع200 بالكامل بحيث لم تكن هناك ماسورة في موضعها في تلك المدرعات لدرجة أن موشي ديان عندما شاهد ذلك اللواء بعد تدميره يوم7 اكتوبر لطم بالتعبير العامي وجاءته حالة هيستيرية وصرح وقتها بخراب الهيكل الثالث وذهب للقاء جولدمائير ليطلب سحب القوات لأنه يخشي من وصول القوات المصرية لقلب إسرائيل. ما وقع خبر بدء الحرب عليكم؟ كنا في يوم الجمعة5 اكتوبر نعيش حياتنا علي الجبهة كالمعتاد من تدريب أو ترفيه من اصطياد سمك أو نوم الاخرين امام العدو علي الجانب الاخر واستمر الوضع علي ذلك المنوال حتي وصلتنا إشارة الساعة الثانية عشرة ظهرا بتسلم الترفيه المعتاد ولكن الذي تعجبت له وقتها ان التعليمات شددت علي ضرورة توجه قائد الوحدة لتسلم الترفيه وتوجهت لقائد الجيش ووجدت الترفيه ليس كالمعتاد بل هو كيس مليء بالاعلام المصرية. وقبل ان استفسر نظر الي القائد بابتسام وذكر لي ان تلك الاعلام مطلوب رفعها علي الجانب الآخر والساعة الثانية وخمس دقائق. ماذا أحسست في تلك اللحظة؟ شعور مختلط ما بين الفرحة والرعب. الرعب من الموت؟ لا الرعب من عدم النجاح أو الفشل. نعود لساعة الصفر فماذا لو كان حدث تسريب بتلك المعلومة لاسرائيل في اللحظة التي بلغت فيها؟ زغم أن الاتصالات اللاسلكية كانت مقطوعة وقتها إلا ان وصول تلك المعلومة في ذلك التوقيت لاسرائيل كان غير ذي قيمة ولن يؤثر علي مسار الحرب لان الفترة التي ستأخذها للوصول للقيادات الاسرائيلية ستسمح بقيام الحرب من طرفنا. بعض الخبراء يرون انه لو حدث تسريب لساعة الصفر وسارعت اسرائيل ببدء الحرب فلم يكن ذلك سيؤثر علي نتيجة الحرب الحالية؟ لا أوافق علي ذلك الرأي, لان بدا اسرائيل بالحرب كان سيؤثر علينا فلو تحركت الدبابات المتمركزة خلف خط بارليف قبل بدءنا الحرب لما كان بامكاننا العبور وقتها, فالدبابات علي بعد12 أو15 كيلو متر علي الاكثر ولا نحتاج سوي سبع دقائق لتصل لخط بارليف وتضع ماسورتها فوق مياه القناة. وإن كانت القوات الخاصة والمشاة عبرو بالقوارب إلا أن الجيش المصري لايمكنه العبور الا بالكباري والتي تم تجميعها في المياه وكل كوبري كان يحتاج52 عربية واجمالي الكباري بلغ24 كوبري حدد لها وقت معين للانتهاء منهما وفق الخطة والتي لم يكن فيها فرصة تسمح بتسريب اي معلومة لتفسدما تدربنا عليه. {{لكن هناك من يقلل من نصر أكتوبر ويدون أن ما حدث في أكتوبر ما هو إلا اتفاق بين مصر وإسرائيل وأمريكا علي تحقيق نصر مصغر من قبل مصر.. فما ردك علي ذلك؟ {{{هذا كلام لا يصح الرد عليه, فلا يمكنني الرد علي أغبياء ومشوشين ومن لا يريد أن يصدق فهو حر. {{هل الإسرائيليون مازال لديهم نفس الخوف من خوض معركة ثالثة مع المصريين؟ {{{ذلك سؤال مهم, فخوف الإسرائيليين سيظل للأبد. لأن ما حدث به أعظم وأهم درس فإسرائيل كانت في حالة نفسية وزهو وغرور ووقعوا في فخ اسمه وهم القوة وذلك الفخ وقع فيه الاخوان وبوش وقادة آخرون فعندما يمتلك أحد مصدر قوة رهيبة ويتصور أنه قادر علي فعل كل شيء يكون بذلك وقع في وهم القوة فالقادر علي كل شيء هو الله, فكل الجيوش الجرارة يمكن لقائدها أن يهد الدنيا بها دون أن يحقق أي شيء. والدرس من ذلك هو أن القوة لها حد معين لا تتعداه ولذا علي أي شخص يمتلك قوة أن يعرف حدها الأقصي لكي ينجز لأن الخروج عن ذلك الاطار سيؤدي للخسارة وذلك ما حدث مع إسرائيل. {{في كل عام مع ذكري أكتوبر تخرج إسرائيل ما يسمي الوثائق السرية حول الحرب فهل مازالت هناك أسرار وخفايا لدينا عن حرب أكتوبر ولم يفصح عنها بعد؟ {{{لا توجد لدينا أسرار أو خفايا وكل شيء قيل وقت الحرب ومفاوضات السلام والذي لم يذكر هو بعض الأعمال الفنية المتعلقة بالقوات المسلحة والتي لا يستلزم الأمر ذكرها.