وسائل إعلام: منفذ الهجوم في واشنطن مواطن أفغاني    من "الطاقة الذرية" للأمم المتحدة، الأرجنتين ترشح جروسي رسميا لمنصب الأمين العام    حجز سائق اغتصب سيدة داخل سيارة ميكروباص أعلى دائري السلام    تفاؤل وكلمات مثيرة عن الطموح، آخر فيديو للإعلامية هبة الزياد قبل رحيلها المفاجئ    مواقيت الصلاه اليوم الخميس 27نوفمبر 2025 فى المنيا.....اعرف مواعيد صلاتك    رسميًا خلال أيام.... صرف معاشات شهر ديسمبر 2025    زكريا أبوحرام يكتب: أسئلة مشروعة    المصل واللقاح: فيروس الإنفلونزا هذا العام من بين الأسوأ    علامات تؤكد أن طفلك يشبع من الرضاعة الطبيعية    اجواء خريفية.....حاله الطقس المتوقعه اليوم الخميس 27نوفمبر 2025 فى المنيا    اليوم، قطع الكهرباء عن عدة مناطق في 3 محافظات لمدة 5 ساعات    أوركسترا النور والأمل يواصل البروفات في اليونان    أستاذة آثار يونانية: الأبواب والنوافذ في مقابر الإسكندرية جسر بين الأحياء والأجداد    إعلام أمريكي: مطلق النار على جنديي الحرس الوطني قرب البيت الأبيض أفغاني الجنسية    مشاركة تاريخية قادها السيسي| «النواب 2025».. المصريون يختارون «الديمقراطية»    إخماد حريق بمحل بشارع بمنطقة كليوباترا في الإسكندرية    ضعف المناعة: أسبابه وتأثيراته وكيفية التعامل معه بطرق فعّالة    الحماية من الإنفلونزا الموسمية وطرق الوقاية الفعّالة مع انتشار الفيروس    محامي ضحايا سيدز الدولية: البداية مع أم وجدت آثارًا على طفلها.. وصغار اكتشفوا متهمين آخرين    إعلام أمريكي: مطلق النار على جنديي الحرس الوطني مواطن أفغاني    حملات مكثفة لرفع المخلفات بالشوارع والتفتيش على تراخيص محال العلافة بالقصير والغردقة    عمر خيرت: أشكر الرئيس السيسي على اهتمامه بحالتي الصحية    دفاع البلوجر أم مكة: تم الإفراج عنها وهي في طريقها لبيتها وأسرتها    موعد أذان وصلاة الفجر اليوم الخميس 27نوفمبر2025.. ودعاء يستحب ترديده بعد ختم الصلاه.    مبابى يفشل فى تحطيم رقم محمد صلاح التاريخى.. فارق 30 ثانية فقط    مندوب سوريا يكشف عن دور قطر في التخلص من الأسلحة الكيميائية السورية    مدارس النيل: زودنا مدارسنا بإشراف وكاميرات مراقبة متطورة    برنامج ورش فنية وحرفية لشباب سيناء في الأسبوع الثقافي بالعريش    ارتفاع البتلو والكندوز، أسعار اللحوم اليوم الخميس في الأسواق    هل هناك جزء ثاني من مسلسل "كارثة طبيعية"؟.. مخرج العمل يجيب    عادل حقي: "بابا" أغنية عالمية تحولت إلى فولكلور.. والهضبة طلب مني المزمار والربابة    وفاء حامد: ديسمبر حافل بالنجاحات لمواليد السرطان رغم الضغوط والمسؤوليات    مدير الFBI: حادث استهداف الحرس الوطني تهديد للأمن القومي وترامب على اطلاع كامل بالتفاصيل    4 أرقام كارثية تطارد ليفربول في ليلة السقوط المدوي بدوري الأبطال    فيتينيا يقود باريس سان جيرمان لمهرجان أهداف أمام توتنهام    أتالانتا يضرب بقوة بثلاثية في شباك فرانكفورت    الرئيس السيسي: يجب إتمام انتخابات مجلس النواب بما يتماشى مع رغبة الشعب    إجراء مرتقب من رابطة التعليم المفتوح بعد حكم عودته بالشهادة الأكاديمية    ماذا قدمت منظومة التأمين الصحي الشامل خلال 6 سنوات؟    بسبب المصري.. بيراميدز يُعدّل موعد مرانه الأساسي استعدادًا لمواجهة باور ديناموز    ريال مدريد يكتسح أولمبياكوس برباعية في دوري أبطال أوروبا    ضبط صاحب معرض سيارات لاتهامه بالاعتداء على فتاة من ذوي الهمم بطوخ    جيش الاحتلال يتجه لفرض قيود صارمة على استخدام الهواتف المحمولة لكبار الضباط    جمعيات الرفق بالحيوان: يوجد حملة ممنهجة ضد ملف حيوانات الشارع وضد العلاج الآمن    آرسنال يحسم قمة دوري الأبطال بثلاثية أمام بايرن ميونخ    عبد الله جمال: أحمد عادل عبد المنعم بيشجعنى وبينصحنى.. والشناوى الأفضل    إنهاء إغلاق البيت الأبيض بعد حادث إطلاق النار.. وواشنطن: لا مشتبهين آخرين    وكيل زراعة الغربية يتابع منظومة صرف الأسمدة ويؤكد: دعم المزارعين أولوية    أتلتيكو مدريد يقتنص فوزا قاتلا أمام إنتر ميلان في دوري الأبطال    مصر للطيران تطلق أولى رحلاتها المباشرة بين الإسكندرية وبني غازي    إعلان نتائج "المعرض المحلي للعلوم والهندسة ISEF Fayoum 2026"    رسائل الرئيس الأبرز، تفاصيل حضور السيسي اختبارات كشف الهيئة للمُتقدمين للالتحاق بالأكاديمية العسكرية    انقطاع المياه عن بعض قرى مركز ومدينة المنزلة بالدقهلية.. السبت المقبل    كلية الحقوق بجامعة أسيوط تنظم ورشة تدريبية بعنوان "مكافحة العنف ضد المرأة"    خالد الجندي: ثلاثة أرباع من في القبور بسبب الحسد    السكة الحديد: إنشاء خطوط جديدة كممرات لوجيستية تربط مناطق الإنتاج بالاستهلاك    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأربعاء 26-10-2025 في محافظة الأقصر    دار الإفتاء تكشف.. ما يجوز وما يحرم في ملابس المتوفى    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"كأنه قمري يحاصرني" .. ديوان جديد للشاعر شريف الشافعي في بيروت
نشر في الأهرام اليومي يوم 30 - 09 - 2013

يُمَنِّي الشاعر المصري شريف الشافعي نفسه بسلامة الوصول، لأن "جرحه سبقه ووصل سليمًا، إلى الضفة الأخرى من المتاهة". ففي ديوانه الجديد "كأنه قمري يحاصرني"، الصادر عن دار الغاوون في بيروت، يطارد الشاعر خيط الحقيقة في ظلام خلفه ظلام، ولا يصل إلا إلى عطش.
الديوان هو السادس في مسيرة الشافعي، وفيه يعود الشاعر إلى ذاته، التي ينقل عنها نبضها المباشر هذه المرة، بعد تجربته الشعرية السابقة "الأعمال الكاملة لإنسان آلي"، متعددة الأجزاء، التي اتخذ فيها "الروبوت" وسيطًا فنيًّا يتحدث نيابة عنه.
"كأنه قمري يحاصرني"، نص واحد، مكوّن من ثلاثين مقطعًا مكثفًا، أهداه الشاعر إلى سلوى عمار "حيثُ تُدَّخَرُ الرؤيةُ"، بما يوحي بادئ ذي بدء بتعثر الإبصار على النحو النمطي، إذ تحل محله بصيرة أعمق، تسعى إلى ترصّد العالم من خلال استبطان عناصره الخفية. يقول السطران الشعريان على ظهر الغلاف: " النورُ: عالَمٌ يَسْكُنُنَا/ والعالَمُ الذي نَسْكُنُهُ: الظَّلامُ".
وفي لوحة الغلاف، وهي للتشكيلية سوسانا بوبيدا سولورسانو (فنانة من كوستا ريكا)، تبدو امرأة معصوبة العينين بشريطة سوداء عليها اسم الشاعر، فيما تنطلق من المرأة، وتحوم حولها، عيون، وأفئدة، وشموع، ومفاتيح، كآليات بديلة، لإزالة الحصار القائم، ومحاولة إيجاد مخرج. يقول الشاعر، مجردًا "قصيدة النثر" من حليها وزخرفها الإيقاعي واللفظي: "الحقيقةُ سجَّادةُ صلاةٍ/ تمتصُّ أنسجتُها الظَّمْأَى دموعَنا/ لكنْ لا يزولُ عطشُها تمامًا/ لأنها متشوِّقةٌ/ إلى ما لا تستطيعُ عيوننا أن تسكبه".
العالم كله في تجربة "كأنه قمري يحاصرني" للشافعي في مرحلة خلخلة انتقالية، يسير على غير هدىً، فلا يقين ولا مطلق. بل هناك إنسان، وشعوب بأكملها، بحكامها ومحكوميها، في مفترق طرق، يبدد خطواتها الضباب، وينتابها اغتراب بعد اغتراب: "الغريبُ/ الذي يعبرُ الطريقَ/ ليس بحاجةٍ إلى عصا بيضاء/ ولا كلبٍ مدرَّبٍ/ هو بحاجةٍ/ إلى أن تصيرَ للطريقِ عيونٌ/ تتسعُ لغرباء".
بدوره، يقيم القمر حصارًا استثنائيًّا خاصًّا، كما لو أنه يحاصر الأرض بسواده في حالة كسوف الشمس الكلي من جهة، وكما لو أنه يحاصر الأرض ببياضه وهو بدر تمام من جهة أخرى، وهنا: يستوي البياض والسواد، فالأبيض الباهر والأسود المطلق كلاهما يحتلان الرؤية، ويحتكران حقيقة غائبة عن العيون: " كمْ أنتَ قاسٍ وَأَسْوَدُ/ أيها الأبْيَضُ".
وتتسع دائرة التساؤلات في النص المفتوح على لحظة الحيرة التي يكابدها الشاعر، ويعيشها عالم لم يعد فيه معنى للمستقر أو الثابت، وتتعاظم قيمة الاستبصار الداخلي "الخلايا المشعة بذاتها" كحل وحيد لما عجزت عنه الحواس المعطلة، والمصابيح المزيفة "الراضعة من كهرباء"
يقول في أحد المقاطع:
الأرضُ للشمسِ:
"متى ينقضي كُسُوفُكِ؟"/
الأرضُ للقمرِ:
"مَنْ أنتَ؟
متى تخلعُ قناعَكَ؟"/
الشمسُ والقمرُ للأرضِ:
"تساؤلاتُكِ فصوصُ العتمةِ"
الإبصار الحقيقي في تجربة "كأنه قمري يحاصرني" مرهون دائمًا بتجاوز كل ما يحول دون صفاء الرؤية وعمقها، حتى وإن كان ذلك الحائل قمرًا يخال لأصحاب الرؤى الأحادية والسطحية أنه منير.
على أن الأمل لا ينعدم طالما بقيت هناك خلايا إنسانية وروحية بإمكانها اختزان الضوء، وإعادة إنتاجه من جديد أمام خطوات وجلة، محقونة بالكذب منذ لامست تراب هذه الأرض: "أما الكذبُ، فلمْ يقلْ شيئًا/ ورغم ذلكَ، هو الصَّادقُ الوحيدُ هذا الصباح".
والوصول، الحقيقي أيضًا، لا يتم في النص بغير إزاحة تامة للقشور، وصيد جوهر لم يتأثر بعد بأي عوامل خارجية. يقول: "بحثًا عن مطرٍ أنقَى/ عن قطرةٍ عذراءَ/ أتجاوَزُ السحابَ الهشَّ/ صاعدًا/ إلى حيث الماء فكرة في السَّماء".
والشاعر شريف الشافعي صدرت له في الشعر دواوين: "بينهما يصدأ الوقت" (1994)، "وحده يستمع إلى كونشرتو الكيمياء" (1996)، "الألوان ترتعد بشراهة" (1999)، "الأعمال الكاملة لإنسان آلي1/ البحث عن نيرمانا بأصابع ذكية" (ثلاث طبعات: 2008، 2009، 2010)، "الأعمال الكاملة لإنسان آلي2/ غازات ضاحكة" (2012)، وهو يعمل صحافيًّا في مؤسسة الأهرام بمصر. ومن أجواء ديوان "كأنه قمري يحاصرني" ، نقرأ:
"سأمشي على قدمٍ واحدةٍ
وأؤجِّلُ الأخرى للرُّجوعِ
يالَبُؤْسِي
حتى الحذاء أخْطَأَتْهُ قدمي
** ** **
حائرٌ أنا
فيما لا حيرة فيه
لَمْسَةُ كَفِّكِ
أبْرَعُ تفسيرٍ لكفِّي
** ** **
التحياتُ للعناصرِ المشعَّةِ بذاتِها
لا لفوانيسَ راضعةٍ من كهرباء
** ** **
العبيرُ
حيثُ تَعْبُرينَ
والنَّدَى
فطيرةٌ جيِّدةٌ
ليس لها سوى أن تُؤكَلَ جيِّدًا
أما الكذبُ،
فلمْ يقلْ شيئًا
ورغم ذلكَ،
هو الصَّادقُ الوحيدُ
هذا الصباح
** ** **
ليسَ بالنَّفيرِ وحده
تُقادُ الحافلةُ
جنَّ جنوني
إذْ رأيتُهمْ
يتقاتلونَ بجنونٍ
على المقعدِ الأماميِّ الخالي
لا أحد منهم يدركُ
أن النومَ مركبةٌ لم تعد صالحةً
للسَّيْرِ على طريقِ الحُلْمِ
** ** **
حاولي أن تُبصري بشفتيْكِ
حاولي مرةً واحدةً من أجلي
أنتِ لا تتصوَّرينَ كم قاسَيْتُ
كي أذيبَ صُورَتي في كأسِكِ
** ** **
هم مجانينُ فعلاً
أولئك الذين يُطالبونَ المجانينَ
بالتوقُّفِ عن جنونهمْ
لو أن رُمَّاناتِكِ ملغومةٌ
لانفجرتْ عندما ارتميتُ عليكِ كطفلٍ
ولطار رأسي في الهواء
وهو يضحكُ
لا يشتهي الرِّيشُ المتناثرُ
أنْ ينعمَ بالطمأنينةِ في وسادةٍ ناعمةٍ
ولا أن يعودَ مَرَّةً أخرى
إلى الطيور المحبوسةِ في قفصِ السَّماء
لا يعرفُ القنَّاصةُ أين أنتِ
والمفتِّشونَ إذا فَتَّشوني، سأبكي
** ** **
الغريبُ
الذي يعبرُ الطريقَ
ليس بحاجةٍ إلى عصا بيضاء
ولا كلبٍ مدرَّبٍ
هو بحاجةٍ
إلى أن تصيرَ للطريقِ عيونٌ
تتسعُ لغرباء
** ** **
النورُ: عالمٌ يسكننا
والعالمُ الذي نسكنه: الظلامُ
** ** **
غارةٌ تلو أخرى
طيّاراتٌ بلا طيّارينَ
موتٌ لا يخصُّ أحدًا بِعَيْنِهِ
خنادقُ كاملةُ العددِ
أغلقتْ عيونَها
كلُّ ما حولنا قابلٌ للإزاحةِ
بمزيدٍ من الحظِّ
إلا كشَّافات الإضاءةِ القويَّة
كمْ أنتَ قاسٍ وَأَسْوَدُ
أيها الأبْيَضُ
** ** **
كَمَنْ يُصفِّقُ لنفسهِ على طولِ الخطِّ
أُحَيِّي الذينَ يركلونَ الكُرَةَ
غيرَ مَعْنِيٍّ بأهدافِهمْ
التوابيتُ ليس فيها أشرافٌ، ولا شرفاءُ
وملابسُ الحدادِ أنيقةُ السَّوادِ دائمًا
السماءُ نفسها قاتمةٌ
كأنَّ القبورَ نُقلتْ إليها
لِتَسْتَرِدَّ الأرضُ كُرَوِيَّتَها"


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.