ز إلي عنبرة سوداء ثم زمردة خضراء فديباجة قشاء فتبارك الله الخالق لما يشاء إمضاء القائد المسلم عمرو بن العاص لأمير المؤمنين عمر بن الخطاب مقياس النيل والنبي يوسف ونظرا لأهمية مياه النيل فقد اهتم المصريون بقياسها وقد ذكر المؤرخ تقي الدين المقريزي مقاييس النيل المختلفة التي بنيت في مصر وعمل حصرا بها في كتابه) المواعظ والاعتبار بذكر الخطط والآثار) فذكر أن أول من قاس النيل وجعل له مقياسا بمصر النبي يوسف- عليه السلام- حيث وضع مقياسا بمنف عاصمة مصر القديمة كما بني مقياسا آخر بمدينة أنصنا كان صغير الذرع( الذراع( ومقياسا آخر بأخميم. مقياس لتقدير الخراج ظلت مصر طوال العصر الأموي تقوم بفضل نظامها المالي بالاكتفاء الذاتي في الإنفاق علي مرافقها ولمعرفة تقدير الخراج علي مصر قام عبد العزيز بن مروان ببناء مقياس للنيل بحلوان وكان مقياسا صغيرا بعد أن عمرها سنة73 ه/692 م. كما قام أسامة بن زيد التنوخي العامل علي خراج مصر سنة95 ه/714م. بإنشاء مقياس للنيل بالطرف الجنوبي لجزيرة الروضة في نفس موقع مقياس النيل القديم في العصر الفرعوني في عهد الخليفة الأموي الوليد بن عبد الملك لمعرفة مقدار المياه التي تصل إلي مصر كل عام حيث المجري الضيق لنهر النيل وقد اختير هذا الموقع في إطار الرغبة في ربط المقياس بالنيل عن طريق المسارب التي توصل الماء إلي بئر المقياس في نقطة هادئة نسبيا حتي لا تتعرض فتحات المسارب للتدمير. كما أن هذا الموضع لا يتسرب إليه الطمي الوارد من ماء النيل ولهذا يعد اختيار هذا الموقع دليلا علي دراسة جيدة لمجري النيل واتجاهات ترسيباته ويؤكد سلامة هذا التخطيط هو استمرار المقياس في أداء وظيفته حتي الفترة التي سبقت إنشاء السد العالي.وفي عهد الخليفة المأمون سنة95 ه/814 م. تم تجديد مقياس النيل من الخراج الذي كان يرسل الي مقر الخلافة. ثم جدد مرة أخري وأكمل بناؤه علي عهد الخليفة العباسي المتوكل علي الله جعفر بن المعتصم بن الرشيد سنة247 ه/861م.وقد أمر الخليفة المتوكل أن يسند قياس النيل بالمقياس لرجل من المسلمين فتولاه عبد الله بن عبد السلام بن عبد الله الرداد من البصرة إلي أن توفي سنة266 ه ثم بقي قياس النيل في أيدي أولاده علي توالي الأجيال وعرفوا ببني الصواف. كما اهتم أحمد بن طولون بأمر النيل فقام سنة259 ه بإصلاح مقياس النيل وصرف عليه ألف دينار تنظيما للخراج الذي ارتبط بمياه النيل وتسجيل منسوبها.مقياس الفاطميين بالمسكظل الاهتمام قائما بأمر النيل وكان مصر يعمها الرخاء وهي الفترة التي كانت تمتد من سنة427 ه الي سنة450 ه.وكان الخلفاء الفاطميون يهتمون بمناسبة فتح الخليج من كل عام وتخليق المقياس( أي دهن مقياس النيل بالمسك والزعفران) وكانت تنصب خيمة كبيرة علي الحافة الغربية بالقرب من السد ويغادر الخليفة قصره ممتطيا جواده تظله مظلة ملونة ويواكبه العديد من الحاشية والجنود والأتباع من بينهم أربعون فردا من النافخين في الأبواق التي كان ثلاثون بوقا منها من الفضة وعشرة أبواق من الذهب ويسير الموكب بجلاله وعظمته مخترقا شارع المعز لدين الله باتجاه باب زويلة حتي يصل الي جامع ابن طولون ثم الي الجسر الكبير ويعبر الفسطاط ثم يعبر فرع النيل في زورق خاص ويقوم بمباشرة دهن عمود المقياس بالمسك والزعفران ثم يعود الي القصر ثانية.وفي عهد الخليفة المنتصر بالله في الفترة من450 ه الي سنة487 ه وهي فترة37 عاما حدث خلل في الإدارة بمصر وهو ما عبرت عنه المصادر والكتب التاريخية المختلفة باسم( الشدة المستنصرية العظمي) نتيجة لوجود أزمة اقتصادية شديدة. نتيجة نقص حاد في مياه النيل لمدة سبع سنين مما أدي إلي قحط شديد وغلاء في الأسعار وانتشار المجاعات والأوبئة.مراقبة بالأصابع عرف المصريون احتفالا سنويا حرص عليه الجميع باختلاف طوائفهم منذ فجر التاريخ لدرجة أنهم في عصر سلاطين المماليك حرصوا علي مراقبة زيادة النيل وحساب ارتفاعه يوميا بالأصابع, فإذا تأخر أو توقف عن الزيادة عم القلق الناس وارتفع سعر القمح.