هو ثالث جامع أنشئ للجمعة والجماعة فى مصر.. ويعد بحق من أقدم الجوامع المحتفظة بتفاصيلها المعمارية وهيكلها الأصلى العظيم. أنشأه وأشرف على بنائه الأمير أبو العباس أحمد بن طولون الذى ولد ببغداد سنة 220ه الموافق 835م. كان والده مملوكاً تركياً منغولياً. تلقى علوم العسكرية فى مدينة سُّر من رأى. ونشأ نشأة حسنة، وتثقف ثقافة دينية. فلقى شيوخ المحدثين وسمع منهم. واشتعل بالعلم حتى حصل على قسط وافر منه وكان هذا أكبر الأسباب للثقة به هذا فضلاً عما اشتهر به من شجاعة وإقدام. ولما خُلع المستعين بالله وولى المعتز.. تقرر نفى المستعين إلى «واسط» فوقع اختياره على أحمد بن طولون لمرافقته.. فخرج معه وأخلص له. ولخوف السيدة «قبيحة» والدة المعتز على ولدها من «المستعين» رغم نفيه، كتبت إلى ابن طولون تطلب منه قتل «المستعين» على أن توليه مدينة «واسط». فكتب إليها يقول «والله لا يرانى الله عز وجل أقتل خليفة له فى رقبتى بيعة وأيمان مغلظة أبداً». ولهذا السبب زادت محبته وعلا قدره عند الناس. ولما عاد من «واسط» بعد قتل «المستعين» ودخل «سُّر من رأى».. وافق دخوله تقليد الأمير «باكباك» حكم مصر وطلبه من يخلفه عليها. فأشاروا عليه بأحمد بن طولون الثقة الأمين. فقلده مصر نيابة عنه. وضم إليه الجيش. دخل ابن طولون يوم الأربعاء لسبع بقين من رمضان سنة 254ه الموافق 868م. مقلداً «الفسطاط وأسيوط وأسوان» دون غيرها من الأعمال الخارجة عنها مثل الاسكندرية وغيرها. فقال حين دخل مصر «غاية ما وعدت به فى قتل المستعين «واسط».فتركت ذلك لله تعالى. فعوضنى ولاية «مصر والشام» وبعد وفاة «باكباك» عّين «ماجور التركى» وكان ابن طولون قد تزوج ابنته. فترك له الولاية على مصر. وضم إليه الاسكندرية أيضاً. وفى سنة 259ه الموافق 872م.. عهد إليه الخليفة المعتمد على الله بأمر الخراج على مصر. والولاية على الثغور الشامية. فكان لقسوته وسطوته خيراً أثر فى الحكم. فسادت السكينة البلاد ونمت ثروتها ونجح فى الاستيلاء على حكم مصر واستقلالها. وجعل الحكم وراثياً فى أسرته. اهتم بالأسطول المصرى. فأنشأ كثيراً من المراكب الحربية. وكان محباً للعلم كثير الصدقات. كما كان شغوفاً بالعمارة. فقد أصلح «منار» الإسكندرية، ومقياس النيل. وأنشأ حصن الجزيرة ومسجد «التنورة» ومدينة «القطائع» والقصر والميدان والبيمارستان ودار الإمارة وقناطر الحياة. ثم الجامع الكبير الذى شرع فى بنائه سنة 263ه الموافق 876م. واستمر العمل سائراً فيه، إلى أن انتهى من بنائه فى رمضان من عام 265ه الموافق 878م. وهو من اكبر المساجد حيث تبلغ مساحته مع الزيادات ستة أفدنة ونصف الفدان. توفى ابن طولون ودفن بالقرافة الصغرى.