تلقيت مكالمه تليفونية من صديقي أ.د.اسماعيل خلف عميد كلية طب الازهر السابق يوصيني فيها بالاهتمام الشديد بأخيه في الرضاعه المحاسب جميل لمعي مجلع وكانت المفاجأة ان جميل واخوته كانوا أقرب اصدقائي في مرحلة التعليم الابتدائية والاعدادية وكان ماهر شقيقه زميلي في نفس الفصل وجاري في نفس المقعد وصديقي المقرب لي ولم نشعر في هذه الفترة بان الاختلاف في الدين ترك أثرا في علاقتنا الوثيقة وكانت المحبة والاخوه هي الرابط الوثيق في علاقتنا في هذه الفترة. وايقنت الآن وبعد دراسة عميقة في مقارنة الاديان, ان جميع الاديان السماويه تدعو الي نبذ التعصب الديني والعنف واحترام الآخر, ومعاملة غير المسلمين بالبر والعدل حيث قال الله تعالي في كتابة الكريم( لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم ان تبروهم وتقسطوا اليهم ان الله يحب المقسطين)(سورة الممتحنة الآية8), وقال ايضا( لا إكراه في الدين)( سورة البقرة الآية256) وتعني عدم اكراه الاخر لاعتناق الاسلام, وايضا الدين المسيحي كما جاء في الكتاب المقدس( الله محبة,ومن يثبت في المحبة,يثبت في اللة والله فيه)( رسالة يوحنا الرسول الاولي16:4), وهذا هو سر بقاء العلاقة الوثيقة بين المسلمين والمسيحيين منذ ظهور الاسلام من اكثر من اربعه عشر قرنآ من الزمان الي الآن. ولو درسنا التاريخ نجد ان الصراعات الدينيه ودعوات التعصب الديني من صنع الانسان والتي انطلقت من عدة قيادات دينية كان اولها دعوه البابا اوربان الثاني بالاستيلاء علي القدس من ايدي المسلمين عام1095 م وكانت هذه بداية الحروب الصليبية العشره والتي استمرت مئات السنين ازهقت فيها ارواح مئات الآلاف من البشر وكان اولها مذبحة القدس عندما تم الاستيلاء عليها عام1099 م امر الصليبيون باعدام سكانها من الرجال والاطفال والنساء والشيوخ في ساحة المسجد الاقصي والذي بلغ حسب الاحصائيات التاريخية نحو سبعين الف قتيل, وتكرر هذا المشهد في الاندلس عندما استعان حاكم الاندلس بالموحدين المتعصبين من المغرب العربي لحمايته من هجمات الصليبيين التي امر بها بابا روما, فقاموا بطرد اليهود والمسيحيين من مناطق النفوذ الاسلامي بعد ان عاشوا معآ اكثر من خمسمائة عام في حب وسلام وفي ظل التسامح الديني, وتكرر هذا المشهد عندما احتلت القوات المسيحيه غرناطه عام1492 م وامرت بعدها الملكه ايزابيلا بطرد اليهود والمسلمين الذين لم يرتدوا عن دينهم ويعتنقوا الديانة المسيحية بالقوة وذلك بعد ان عاشوا في ظل التسامح الديني حوالي ثمانمائة عام(711-1492 م) في ظل الحكم الاسلامي, واستمرت تصفيتهم بواسطة محاكم التفتيش الاسبانية اكثر من مائة عام. وفي بدايه القرن العشرين نجد ان المستعمر الغربي أعتمد علي التفرقة بين ابناء الوطن الواحد من مسلمين ومسيحيين باشعال الفتن بينهم وذلك بتطبيق( سياسة فرق تسد). وفي العصر الحديث نجد ان المشهد يتكرر بعد حادثه الحادي عشر من سبتمبر2001م وكانت اول كلمه نطقها بوش الابن إنها حرب صليبية, وقام بغزو العراق رمز الحضاره الاسلامية لاكثر من خمسة قرون(756 م-1258 م). وهكذا نري ان نتيجة الصراعات الدينية هي الدمار للبشريه, فأن الاوان لنبذ هذه الصراعات والدعوات التعصبيه والتطرف الديني كما امرنا الله سبحانه وتعالي ان نقف صفآ واحدآ في مواجهة هذه الحملات لنبذ العنف ونبذ التعصب وذلك للمحافظه علي وطننا الحبيب وبداية عصر النهضة الحديثة والعودة الي عصر التسامح الديني الذي جعل جميع افراد شعب مصر صفآ واحدآ في ثورة1919 م وثورة يناير2011 م. وفي النهايه نحن ابناء وطن واحد مسلمين ومسيحيين من اصل واحد كما قال صديقي العزيز أ.د.وسيم السيسي المتخصص في التاريخ المصري القديم ان97 في المائة من الضفائر الجينية بين المسلمين والمسيحيين في مصر واحدة وهي جينات الفراعنه. كلية طب الازهر لمزيد من مقالات بقلم : د .محمد رضا عوض