أكسيوس: القوات الأمريكية المكلفة بمراقبة وقف إطلاق النار في غزة ستتمركز في قاعدة "حتسور" الجوية    فلسطين.. 155 شهيدًا خلال 24 ساعة رغم بدء سريان وقف إطلاق النار    في غياب صلاح.. منتخب مصر يواصل تحضيراته لمواجهة غينيا بيساو    بمشاركة جراديشار.. سلوفينيا تتعادل ضد كوسوفو سلبيا في تصفيات كأس العالم    بعد رحيله عن الأهلي.. عماد النحاس مدربا ل الزوراء العراقي    الدكتور أحمد الجمّال: الذكاء الاصطناعي سيدخل مرحلة الابتكار من تلقاء نفسه| حوار    العراق: سنوقع قريبا فى بغداد مسودة الإتفاق الإطارى مع تركيا لإدارة المياه    وزارة الشباب والرياضة.. لقاءات حوارية حول «تعزيز الحوكمة والشفافية ومكافحة الفساد»    إعلان نتيجة إنتخابات التجديد النصفي لمجلس نقابة الأطباء بالبحيرة    وزارة الشباب والرياضة| برنامج «المبادرات الشبابية» يرسخ تكافؤ الفرص بالمحافظات    13 ميدالية حصاد الناشئين ببطولة العالم لرفع الأثقال البارالمبي بالعاصمة الإدارية    د. أشرف صبحي يوقع مذكرة تفاهم بين «الأنوكا» و«الأوكسا» والاتحاد الإفريقي السياسي    منتخب مصر المشارك في كأس العرب يواصل تدريباته استعدادًا لمواجهة البحرين وديًا    السرنجاوي: هناك قبول لفكرة التجديد بين الأعضاء في نادي الزهور    انتداب المعمل الجنائي لفحص حريق شقة سكنية بالخانكة    15 أكتوبر.. محاكمة أوتاكا طليق هدير عبدالرازق بتهمة نشر فيديوهات خادشة    مقتل كهربائى بالمنصورة على يد شقيق طليقته بسبب خلافات    غادة عبد الرحيم تهنئ أسرة الشهيد محمد مبروك بزفاف كريمته    حروق من الدرجة الثانية ل "سيدة وطفلها " إثر انفجار أسطوانة غاز داخل منزلها ببلقاس في الدقهلية    ترامب: فرض تعريفات جمركية إضافية بنسبة 100% على الصين اعتبارا من 1 نوفمبر    من المسرح إلى اليوتيوب.. رحلة "دارك شوكليت" بين فصول السنة ومشاعر الصداقة    الهضبة عمرو دياب يحتفل بعيد ميلاده.. أيقونة لا تعرف الزمن    في يوم ما    العفو بعد الموت يعيد الحياة الرمزية للجنرال مامان جيا فاتسا.. فمن هو؟    صحة الدقهلية: فحص أكثر من 65 ألف طالب ضمن المبادرة الرئاسية    ترامب: سنفرض رسومًا 100% على الصين إلى جانب القائمة حاليًا    تفاصيل طعن مضيفة الطيران التونسية على حكم حبسها بتهمة قتل نجلتها    انطلاق بطولة السفير الكوري للتايكوندو في استاد القاهرة    أسعار الذهب فى أسيوط اليوم السبت 11102025    تليجراف عن مصدر: فلسطينيون من غزة والشتات سيتولون إدارة الخدمات العامة بغزة    بعد اتفاق شرم الشيخ.. يسرا: الرئيس السيسي أوفى تمامًا بوعوده لنا وثقتي كانت في محلها    جنوب سيناء.. صيانة دورية تقطع الكهرباء عن رأس سدر اليوم    هالة صدقي تهنئ الإعلامية إيناس الدغيدي بعقد قرانها: "تستاهلي كل خير"    محمد سامي يهدي مي عمر سيارة رولز رويس فاخرة في عيد ميلادها    أسعار الخضروات فى أسيوط اليوم السبت 11102025    فوز أربعة مرشحين في انتخابات التجديد النصفي لنقابة أطباء القليوبية وسط إشراف قضائي كامل    سامح الصريطي: مصر استعادت مكانتها بدبلوماسيتها وحكمتها في تحقيق اتفاق شرم الشيخ    وزير المالية بالجامعة الأمريكية: إتمام المراجعتين الخامسة والسادسة مع صندوق النقد الدولي قريبًا    جلسة تصوير عائلية لنجل هانى رمزى وعروسه قبل الزفاف بصحبة الأسرة (صور)    رابطة تجار السيارات تكشف أسباب تراجع سوق المستعمل ومفاجأة بشأن الفترة المقبلة    الاقتصاديه تنظر ثانى جلسات سوزى الأردنية 15 أكتوبر    كيفية علاج انخفاض ضغط الدم المفاجئ بالمنزل    اتفاق بحثي بين جامعة حلوان والأعلى للثقافة لدراسة تفضيلات القراءة لدى المراهقين    شرب سوهاج تصدر فيلما قصيرا لتعريف ذوى الاحتياجات الخاصة بقضايا المياه    أخبار مصر اليوم.. وزير الصحة يتابع تنفيذ 28 مشروعًا صحيًا في 12 محافظة.. البيئة: مصر تتبنى رؤية متقدمة لإدارة مواردها الطبيعية    عماد كدواني: المنيا تستحوذ على أكثر من نصف المستهدفين بالتأمين الصحي الشامل في المرحلة الثانية    حسام موافي: الكلى تعمل بضغط الدم فقط.. وانخفاضه المفاجئ يسبب الكارثة    نيابة العامرية تطلب تحريات العثور على جثة فتاة مقتولة وملقاة بالملاحات في الإسكندرية    إقبال واسع على تقديم طلبات الترشح لانتخابات مجلس النواب بمحكمة جنوب القاهرة    اسعار الحديد والأسمنت اليوم الجمعة 10 اكتوبر 2025    أحمد عمر هاشم يستحضر مأساة غزة باحتفال الإسراء والمعراج الأخير    الخبراء تطالب بحوار مجتمعي قبل فرض ضريبة على المشروبات الغازية    أدعية يوم الجمعة.. نداء القلوب إلى السماء    أصحاب الكهف وذي القرنين وموسى.. دروس خالدة من سورة النور    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الجمعة 10-10-2025 في محافظة الأقصر    الحسابات الفلكية تكشف أول أيام شهر رمضان المبارك لعام 1447 هجريًا    قرارات جمهورية مهمة وتكليفات قوية ورسائل نصر أكتوبر تتصدر نشاط السيسي الأسبوعي    نقل شعائر صلاة الجمعة من مسجد أبو بكر الصديق بالإسماعيلية (بث مباشر)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مانديلا
.. رجل يغفر الخيانة.. وسياسي يصفح عن الطغاة
نشر في الأهرام اليومي يوم 02 - 07 - 2013

إني أتجول بين عالمين أحدهما ميت والآخر عاجز أن يولد, وليس هناك مكان حتي الآن أريح عليه رأسي.. كلمات قالها المناضل الشجاع نيلسون مانديلا,
الرئيس الجنوب افريقي الأسبق, الذي يصارع الموت حاليا في المستشفي في العاصمة بريتوريا, وهو لم يدري أن تلك الكلمات التي قالها منذ عدة سنوات ستكون توصيفا للحالة التي يعيشها الأن, فهو يعاني خللا كبيرا في عمل الرئتين اللتين طالما تنفس بهما هواء السجون ومن ثم أوكسجين الحرية, وهذا هو الثمن الذي دفعه بسبب وجوده27 عاما في سجن جزيرة روبن, أكبر سجن أفريقي في عصر العبودية, قاسي فيه أبشع أنواع التعذيب بما فيها الأعمال الشاقة التي كانت سببا في مرضه الحالي عندما كان يكسر صخور الجبل الحمضية.
لكن رغم المعاناة لم يفكر مانديلا ولو لمرة واحدة بعد خروجه من السجن في الإنتقام, بل علي العكس خرج الزعيم المناضل ليعطي درسا مذهلا في الغفران, فهو الذي قال إنه إذا تصالحت مع عدوك فعليك أن تعمل معه, عندها يصبح صديقك, لذا كان من الطبيعي أن يكرس مانديلا حياته لكفاح الشعب الأفريقي ويحارب هيمنة البيض دون أن يحارب البيض أنفسهم, فلم يناهض العنصرية بإذكاء الحقد والكراهية وإنما فرق بين البيض وبين النزعة العنصرية التي تحكمهم, رافعا نموذج المجتمع الديمقراطي الحر حيث الجميع يعطون فرصا متعادلة ومنسجمة.
لقد خاض هذا الرجل الحاصل علي جائزة نوبل للسلام عام1993 نضالا مريرا منذ خمسينيات القرن الماضي, وتزعم الجناح العسكري للمؤتمر الوطني الإفريقي وجعله جزءا من العملية السياسية وتحت قيادتها, وليس كما يحدث في عديد من دول العالم الثالث التي خاضت حروب التحرير الشعبية من الاستعمار والدكتاتوريات, فسيطر العسكر علي حاضر ومستقبل حركة التحرر التي فقدت بريقها بتسلطه ومنيت بالفشل الذريع في السياسة وبالتالي جرجرة بلدانها إلي حروب داخلية مدمرة, حزب مانديلا لم يفعل ذلك, وهو كقائد يملك من الكاريزما وحنكة القيادة ما يؤهله لقيادة بلاد خرجت للتو من حكم البيض العنصري ولم يجدد رئاسته للدولة الفتية بل اقتصر علي فترة واحدة منذ عام1994 حتي عام1999, وأصر علي أن ينقل السلطة إلي من جاء بعده رغم المناشدات التي دعته للاستمرار. كان يعرف جيدا أن الحياة قصيرة مهما طال عمر الإنسان, وكان يؤكد دائما علي مقولته المشهورة: إن الضحية لاتنسي الظلم الذي وقع عليها, لكنها يمكن أن تغفر وتسامح, وهذه المقولة هي التي جسدها مانديلا في حياته خصوصا بعد أن تبوأ منصب الرئاسة, فقد صفح عن قاتلي شعبه وتعذيبه مع تشكيل لجنة الحقيقة والمصالحة, وهو القوي الذي كان بإمكانه أن يجتث البيض من جنوب إفريقيا. لكنه قال كلمته الفصل: إن جنوب إفريقيا للجميع, وإذا كنا قد استعدنا السلطة فالواجب أن نحافظ علي حق الأقليات بما فيهم البيض. وهكذا كان, فقد صبر علي انتقال السلطة بشكل سلس للدرجة التي أنهت الحزب الوطني الذي حكم جنوب إفريقيا بسياسة الفصل العنصري بهدوء دون الحاجة إلي إطلاق رصاصة واحدة.
لم يضعف الحكم بالسجن المؤبد نيلسون مانديلا, بل أعلن أنه كان مستعدا للموت في سبيل قضية تحرر شعبه, ولم يندم علي المسافات الطويلة التي قطعها نحو النور والحرية, بل وعمل وهو في السجن علي إبقاء جذوة الكفاح مشتعلة, فتواصل مع مسجونين سياسيين للوقوف علي أخبار المقاومين في الخارج رغم نفيهم في سجن بعيد في جزيرة معزولة.
حمل مانديلا راية التمرد في المعتقل إذ رفض في البداية الزي الذي كان يوزع علي المساجين السود تحديدا والذي يظهرهم كأنهم صبيان فاقدو الأهلية, عمدت السلطات العنصرية إلي تضييق الخناق علي نيلسون مانديلا ورفاقه في السجن, فرضوا عليهم أعمالا شديدة الصعوبة, تفتيت صخر, وعمل في المحاجر, ونوم في غرف رطبة, وطعام شديد الرداءة, وفي نهاية الثمانينات ظهرت طاقة نور في النفق المظلم, تصاعدت الاحتجاجات في خارج السجن في ساحات جنوب إفريقيا وطالب زعماء وقادة دول بإطلاق سراح مانديلا, ولكن مانديلا رفض اشتراطات الرئيس بتخليه عن نضاله مقابل حريته, ونقل مانديلا إلي سجن آخر وخلال تلك الفترة التفاوضية تحديدا كان شبه مطلق السراح, يقيم في استراحة خاصة حتي تم الإفراج عنه في عام.1990 استقبل نيلسون استقبال الأبطال وخطب في شعبه في العديد من المدن, صدم السلطات التي كانت تظن أن السجن قد أوهن عزيمته, وأنه قد وصل الي أقصي ما يتمناه من شهرة, إذ أعلن زهرة القارة السمراء أو هكذا أطلق عليه البعض عن مواصلته السير في درب المقاومة حتي يواصل أحلام شعبه, وينهي تماما نظام التمييز العنصري في بلاده, وينعم الكل في وطنه بالمساواة والكرامة الإنسانية, بل وأعلن أنه مستعد للذهاب إلي السجن مرة أخري من أجل استكمال مسيرة الحرية التي بدأها وهو شاب, بعدها اعترفت السلطات بالمؤتمر الوطني ولم يعد هناك حظر علي أعضائه وعلي غيره من المنظمات, كما تم الإفراج عن المسجونين السياسيين وتم هدم نظام الابارتيد( التمييز العنصري) لتشرق شمس جديدة علي جنوب إفريقيا بفضل مانديلا ورفاقه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.