هل لديك إحساس بأنك محسود؟.. إذن إليك الآتي: الذين يحسدونك هم الزملاء والأصدقاء والأقارب.. هذا الكلام ليس كلامي. . بل كلام أرسطو.. فهو يقول إن الحسد يتفشي بين زملاء المهنة كما يتفشي بين أفراد العائلة الواحدة. أما الشاعر الاغريقي هسيود الذي عاني من حقد أخيه عليه.. فقد ترك نبوءة قاسية للبشرية كلها حين قال إن روح الحسد بوجهها الكريه وصوتها الصاخب سوف تظل الرفيق الدائم للإنسانية البائسة. قبل أن يصرح هسيود بهذه النبوءة وصف حال الناس في مدينته في قصيدة أطلق عليها اسم الأعمال والأيام قال فيها إن العامل حانق علي زميله العامل.. والمتسول يشعر بالغيرة من المتسول الآخر.. وصانع الفخار حاقد علي الصانع الذي يجلس بجواره.. والجار يتلصص علي جاره.. والرجال ينزعجون حين ينال زملاؤهم مكانة أسمي منهم.. والنساء يحسدن المرأة التي تتمتع بقدر أكبر من الجمال.. والضيوف والمضيفون والأصدقاء والأشقاء والآباء والابناء كل منهم يمسك بخناق الآخر. صادقة نبوءتك أيها الشاعر.. وحال البشر في مدينتك لا يختلف عن حال البشر في مدينتنا الآن.. لاشيء قد تغير في طبائع الناس.. مازال الرجال يتصارعون.. والأقارب يتناحرون.. والنساء تفترسهن الغيرة.. والأصدقاء يقتلون بعضهم البعض.. والأشقاء يشهر كل منهم سلاحه في وجه الآخر. قبل أرسطو حذر سقراط المشاهير والناجحين من الحسد.. قائلا إن الحسد يتبع أولئك الذين يسيرون في طريق الشهرة مثل الظل الذي يتبع المسافر في ضوء الشمس.. والغريب أن سقراط بالرغم من أنه كان قصيرا ودميما ومهملا في ثيابه إلا أنه كان يخاف جدا من الحسد.. فقد حذر أحد أصدقائه عندما استرسل في مدحه في أثناء إحدي المحاورات لبراعة في الجدل قائلا له لا تكمل حتي لا تقلب العين الحسود المناقشة التالية رأسا علي عقب. أيضا يطالبك كسينوفون تلميذ سقراط أن تأخذ حذرك من عيون أصدقائك.. وينصحك خاصة إذا كنت ناجحا ومتألقا أن تختار رفاقك بدقة.. فلا يكفي أن يحزنوا علي مصائبك بل ينبغي ألا يحسدونك علي نجاحك.. أما أفلاطون الذي كره السياسة والسياسيين بعد إعدام أستاذه سقراط.. فهو يحذرك من الحاسدين الذين قد يدفعهم الحسد الذي يعد أحد العيوب الأساسية في الإنسان إلي الافتراء عليك ونسف سمعتك الطيبة وأنت تصعد سلم النجاح. إذا رغبت في مزيد من النصائح.. فاقرأ كتاب الحسد والأغريق الذي ترجمته إلي العربية د.منيرة كروان وفيه ستكتشف أنه في تاريخ الإنسانية لا يوجد مجتمع خال من حكايات تشير إلي الحسد الذي واجهه القدماء بتعاويذ كتب عليها عبارات مثل: أيها الحسد حظ سيء لك. وقد يراودك بعد الانتهاء من قراءته نفس الخاطر الغريب الذي راودني بأن الشعوب المقهورة التي تكره حكامها قد حسدت ثورتنا.. لذلك تعثرنا.. وتبعثرنا.. وتمزقنا.. ولأن العيون التي نظرت إلينا كانت بالملايين.. فلن ينفع معها تعاويذ.. أو إشعال بخور.. أو خرز أزرق.. أو رقيتك واسترقيتك.. فالأمر يحتاج إلي معجزة تنقذنا من حقد الحاسدين ومخططات الطامعين. أما أنت أيها المحسود.. فسيحميك من أعطاك الحظ الجميل. لمزيد من مقالات عايدة رزق