مجتمع الحب عند رسول الله صلي الله عليه وسلم مرتبط بالإيمان الحق كل الارتباط, فهو ينبوع الحب المصفي وسبيل البر والخير والسعادة والصفاء والاستقرار والأمن والسلام, وهو أقوي حرب علي العداوة والبغضاء والحسد والحقد والبغي. يقول الرسول صلي الله عليه وسلم: والذي نفسي بيده لن تدخلوا الجنة حتي تؤمنوا ولن تؤمنوا حتي تحابوا, ودعوة المصطفي صلي الله عليه وسلم إلي مجتمع الحب تسعي إلي بث عواطف الحب المشترك, والود الخالص, والتعاون المتبادل, وتحرص علي الأخوة الكاملة, ونبذ الانقسام والفتنة, وأسباب التقاطع والتدابر: يقول الرسول الهادي: ولا تقاطعوا ولاتدابروا ولاتباغضوا ولاتحاسدوا وكونوا عباد الله اخوانا.., إن مجتمع الحب لا يعرف الضغينة والبغضاء والغيبة والنميمة والسخرية والتعالي والتجسس, وإنما يعرف المودة والرحمة وأزكي الصفات وأعف السير, يقول المولي عز وجل: يا أيها الذين آمنوا لايسخر قوم من قوم عسي أن يكونوا خيرا منهم ولانساء من نساء عسي أن يكن خيرا منهن ولا تلمزوا أنفسكم ولا تنابزوا بالألقاب بئس الاسم الفسوق بعد الايمان ومن لم يتب فأولئك هم الظالمون يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيرا من الظن ان بعض الظن إثم ولا تجسسوا ولا يغتب بعضكم بعضا أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا فكرهتموه واتقوا الله إن الله تواب رحيم, ومجتمع الحب عند الرسول ينهي عن تلمس العيوب للناس وإلصاقها بهم, عن تعمد, يدل علي خبث ودناءة, يقول الرسول صلي الله عليه وسلم: من ذكر امرؤ بشيء وليس به, ليعيبه به حبسه الله في نار جهنم حتي يأتي بنفاد ما قال فيه. والحب عند رسول الله نعمة ورأفة وتماسك ومودة, أما حلاوته فجمال ونور ورضوان, حيث ترعي الأخوة وتصون الايمان وتحفظ الترابط. يقول المصطفي: ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الايمان أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما, وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله وأن يكره أن يعود إلي الكفر كما يكره أن يقذف في النار, ان الحديث مترع بالحب الصادق وفي سبيل ايجاد مجتمع الحب ينهي الرسول عن الخصام ويأمر بالصفح, والمسالمة, فيقول: لايحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث يلتقيان فيعرض هذا ويعرض ذاك وخيرهما الذي يبدأ بالسلام.. وموقفه يوم فتح مكة توجيه رائع يحرص علي الحب والصفح, ويؤكد أن الاسلام محبة وإخاء وسلامة من العداء والبغض والاستعلاء, فيقول للذين أمعنوا في إيذائه, وتآمروا علي قتله, وقدموا كل ضروب البطش والعداء والظلم: ماتظنون أني فاعل بكم؟ قالوا خيرا أخ كريم وابن أخ كريم فقال: أذهبوا فأنتم الطلقاء. ان رسولنا الكريم يرفع المتحابين في الله إلي أعلي المنازل فيقول: يا أيها الناس اسمعوا واعقلوا وأعلموا أن لله عز وجل عبادا ليسوا بأنبياء ولا شهداء يغبطهم النبيون والشهداء علي منازلهم وقربهم من الله.. وعندما يطلب منه أحد الصحابة أن يصفهم يقول: هم ناس من أفناء الناس ونوازع القبائل, لم تصل بينهم أرحام متقاربة.. تحابوا في الله وتصافحوا, يضع الله لهم يوم القيامة منابر من نور فيجلسون عليها ولا هم يحزنون, وما صنعه الرسول في المدينة صورة تشهد علي صور الحب والحق أنه كان يعلن الحب حتي للجبال, ولم يتطير أو يتشاءم من رؤية جبل أحد, لما أصابه من هزيمة بجواره, فحين رآه قال: هذا جبل يحبنا ونحبه وما أشد احتياجنا إلي مجتمع الحب, ليوحد صفوفنا, ويقودنا إلي كثير من عواطف الود المصفي, والإخلاص العميق, وتبادل الاحترام والحب, ونكون جسدا واحدا, كما قال صاحب دعوة الحب: مثل المسلمين في توادهم وتعاطفهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكي منه عضو تداعي له سائر الاعضاء بالسهر والحمي! لمزيد من مقالات د. حامد محمد شعبان