أمس الخميس كان عيد الحب المصري، ولعلنا الدولة الوحيدة التي تحتفل بعيد الحب مرتين، مرة في نوفمبر، ومرة في فبراير.. ومن يتابع مواقع الإنترنت ومنتدياتها بالأمس يجد سؤالاً قديماً ولكنه متجدد: ما موقف الإسلام من الاحتفال بعيد الحب؟ وهل عيد الحب حلال أم حرام؟.. وبعيداً عن المنطقة الفقهية في الموضوع ، وبعيداً عن الفتاوي، أقول إن الإسلام لم يدعو إلي شيء، ولم يركز علي شيء، قدر تركيزه علي الحب، والتحابي، والمحاباة بين الناس، بحيث يمكن أن نقول: إن الإسلام هو دين الحب علي اختلاف صوره وأنواعه وأشكاله، وعلي اختلاف نوازعه وأهدافه.. فهو دين يدعو إلي الحب، ويقوم علي الحب، وينشر الحب بين الناس. كان الرسول الكريم يدعو الناس ويقول: "أيها الناس لن تدخلوا الجنة حتي تؤمنوا، ولن تؤمنوا حتي تحابوا، ألا أدلكم علي شيء إذا فعلتموه تحاببتم، أفشوا السلام بينكم".. وكان يقول "ما تحاب اثنان في الله إلا كان أحبهما إلي الله أشدهما حباً لصاحبه"، وكان يقول "مثل الأخوين إذا التقيا كمثل اليدين تغسل إحداهما الأخري" ، وأيضاً" ثلاثة من كن فيه ذاق حلاوة الإيمان: من كان الله ورسوله أحب إليه مما سواه، وأن يحب أحداً لا يحبه إلا لله، وأن يكره العودة إلي الكفر مثلما يكره الورود في النار".. وعن رسول الله أنه قال "إن الله إذا أحب عبداً دعا جبريل فقال: إني أحب عبداً فأحبه، قال فيحبه جبريل، ثم يوضع له القبول في الأرض". وفي الحديث القدسي، يقول المولي سبحانه وتعالي "وجبت محبتي للمتحابين في، وجبت محبتي للمتجالسين في، وجبت محبتي للمتزاوين في، وجبت محبتي للمتناصرين في".. وكذلك هناك إشارة إلي أن أحد السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم القيامة عبدان تحابا في الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه.. وقد وردت الإشارة إلي كلمة الحب في القرآن "أربع وثمانين مرة" مثل قوله تعالي"قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله". ومن التعميم إلي التفصيل، ومن حب الناس إلي حب شخص بعينه، كأن يحب الرجل زوجته، أو أن تحب المرأة زوجها وردت أحاديث كثيرة.. كان الرسول الكريم يقول "اللهم هذا حكمي فيما أملك فلا تؤاخذني فيما لا أملك" (ويقصد قلبه) .. ويحكي عنه صلي الله عليه وسلم أنه رق قلبه لأحد الرجال ويسمي "مغيث" كان يهيم علي وجهه في المدينة بعد أن فارقته زوجته "بريرة"، وكان الرجل دائم البكاء.. فتوسط له الرسول عند زوجته السابقة وقال لها "هلا راجعته" فقالت له "أو تأمرني (بمعني هل هذا حكم شرعي) فقال لها: إنما أنا شافع ، فقالت "لا حاجة لي به".. فالرسول الكريم لم ينكر علي الرجل هيامه بمطلقته وسعيه وراءها، ولم يجبر المرأة علي قبوله.. فالحب عاطفة إنسانية استودعها الله في قلوب البشر. وما أعجب بعد ذلك من رؤية المتشددين في القنوات الفضائية وهم يتحدثون حديث البغض والكراهية.. اللهم فاجعل الحب يغمر قلوبهم، وقلوبنا.. اللهم آمين