اذا كان الدواء سلعة يمكن ان تصنع فتباع وتشتري ويتوافر لها البدائل, فالدم منتج نادر لا يصنعه الا اجسام البشر و لم يتوصل الطب الحديث لبدائل او اشباه لسائل الحياة, لذلك عندما يحدث نقص في هذه السلعة الغالية, وعندما يحتاجه المريض و لا يجده تكون الازمة حقيقيه. وفي مصر تتكرر ازمات نقص الدم بين الحين والآخر ويخرج علينا افراد ومنشآت طبية تستغيث تطالب افراد الشعب بسرعه التبرع و توفير الدم وتمتلئ صفحات مواقع التواصل الاجتماعي بهذه النداءات حتي وصل الامر الي تدوير رسائل الاستغاثةعلي الهواتف بين مجموعات الاصدقاء في حالة وقوع حادث او مصادفة مريض يحتاج الي التبرع بالدم. وللأسف فإن ثقافة التبرع الدائم بالدم تكاد تكون غائبة عند نسبة كبيرة من افراد المجتمع هكذا تري الدكتورة عفاف احمد مدير المركز القومي لنقل الدم فهذه الثقافة لا تظهر الا في الازمات ولكن هذا المنتج النادر يحتاج الي تبرع ثابت حتي يتوافر رصيد دائم منه وتري ايضا ان المتبرع نفسه مصدر مهم يجب الحفاظ عليه. وتشير الي الاختبارات التي تتم علي اكياس الدم لتضمن وصوله بشكل آمن الي المريض ومنها اختبارات للفيروسات مثل فيروس بي و فيروس سي وتحديد فصيلة الدم وعامل الريسيس واختبارات توافق وبعض الدول تزيد من الاختبارات وفقا لطبيعه الامراض التي تنقل لديها من خلال الدم. فمثلا السودان تهتم بتحليل الملاريا وامريكا بتحليل الايدز, ويتبع المركز القومي لنقل الدم نظام تحكم لكل خطوة من خطوات التحليل حتي اذا ظهرت اي مشكلة بالكيس يعدم فورا. وعن سباب اكتشاف بعض الحالات التي اصيبت بفيروس سي بعد عمليات نقل دم ترجح الدكتورة عفاف ان هذه الاكياس لم يجر عليها فحص الnat حيث يوجد فترة تمسي الفترة الشباكية والتي تعني امكانيه وجود الفيروس في الدم ولكنه لا يظهر في التحاليل ولا حتي الاجسام المضادة له تظهر فيتم نقل الفيروس من خلال الدم دون ان يكتشف ذلك احد, وهذا الاختبار الغرض منه تقليل هذه الفترة التي قد تصل الي6 اشهر لتكون اسبوعا ولكن للأسف يوجد بعض بنوك الدم غير ملتزمة بهذه الاختبارات. اما كيس الدم الواحد فيخدم اكثر من ثلاثة مرضي علي اقل تقدير وهو ما تسميه الدكتورة عفاف احمد بالاستغلال الامثل للدم فلا ينقل الدم بالكامل الا في حالات قليله جدا.فكيس الدم الواحد تفصل منه العديد من المشتقات التي يمكن ان يستفيد منها العديد من المرضي و لكن هناك انواع اخري من المشتقات لا يتم فصلها مثل الألبومين الذي لا يفصل في مصر و يتم استيراده من الخارج لانه يحتاج الي مصانع متقدمة. وعن اسعار بيع اكياس الدم للجمهور والتي تصل في بعض الاماكن الخاصة الي مبالغ خيالية اوضحت ان هذه الاسعار تجاريه والهدف منها الربح ولكن كيس الدم يكلف الدولة نحو310جنيهات ويدعم من وزارة الصحه ليقدم للمواطن بسعر90 جنيها وذلك في المركز القومي لنقل الدم. الدكتورة سهام الباز مدير عام بنك الدم بالهلال الاحمر تتفق مع الدكتورة عفاف في نقص ثقافة التبرع بالدم وتري ان الشعب المصري عطوف و يستجيب مع الكوارث و لكنه بحاجة الي زيادة وعي بضرورة التبرع الدوري كل ثلاثة اشهر وتوضح الدكتورة سهام ان لهذا التبرع العديد من المزايا منها ان المريض يطمأن علي صحته العامة من خلال الفحص الشامل الذي يتم عليه اولا ثم علي كيس الدم. وتشير الي ان شباب الجامعات من اكثر الفئات وعيا داخل المجمتع ولذلك في موسم الدراسة الجامعية يكون الاقبال كبيرا ولا يوجد اي ازمات في تلك الفترة. الدكتور ابراهيم خليل استاذ التحاليل الطبية ورئيس جمعيةمكافحي العدوي في المستشفيات يري ان ثقافة التبرع بالدم تحتاج الي مزيد من ابراز اهمية التبرع الدائم في وسائل الاعلام لنشر هذه الثقافة و يتذكر عندما كان يعمل بأحد المستشفيات في السبعينات وتحدث الاعلام عن حاجه الجيش لمتبرعين بالدم لجنودنا فكان الاقبال هائل جدا و لم تكفي الاماكن المجهزة لهذه الكميات من الدم فتم اخذ عناوين المتبرعين بعد تحديد فصائل دمائهم لطلبهم عند الحاجة. اما التحاليل التي تجري علي اكياس الدم فتحتاج الي رقابة من الجهات المسئولة فبعض المستشفيات لا تطبق الشروط القياسية للتحاليل كما اشارويري ان استيراد بعض مشتقات الدم بالرغم من امكانية تصنيعها محليا يرتبط بمافيا الدواء التي تحقق ارباحا طائلة علي حساب الشعوب.