في التاسعة صباحاً انطلقت سيارة التبرع بالدم من مقر خدمات نقل الدم بالعجوزة قاصدة أرض المعارض بمدينة نصر استغلالاً لكثافة المتوافدين علي أحد المعارض الكبري. أثناء رحلة الوصول تحدثنا مع دينا إكرامي المشرفة علي الحملة والتي أوضحت أن فريق الحملة يتكون من الطبيب المشرف وممرضة والمحفز وهو الشخص الذي يقوم بحث المواطنين واقناعهم بالتبرع. سلامة الدم الشكل الصحي الخارجي للمتبرع وعمره مؤشران للحكم علي سلامة الدم بنسبة 80% علي حد قول المشرفة علي الحملة والنسبة الباقية يتم التأكيد منها من خلال التحاليل والفحوصات التي تجري للمتبرع قبل وبعد عملية التبرع. بعد اختيار المتبرع تؤخذ عينة دم لقياس نسبة الإنيميا لديه ثم يتم قياس الضغط ثم تملأ «استمارة التبرع» التي تتضمن استفسارات حول إجرائه لعمليات جراحية من قبل أو الذهاب لطبيب الأسنان وفي مثل هذه الحالات يكون المتبرع «مؤجلاً» لحين مرور ستة شهور وهي فترة حضانة الفيروسات المعدية مثل C، B، والإيدز. عربة الإسعاف العربة المخصصة للتبرع فيها تكييف ومقسمة لقسمين أحدهما للإناث والآخر للرجال وتحتوي علي ثلاجات لتخزين الدم حتي الساعة الثانية ظهراً وهو الموعد الذي تأتي فيه سيارات لجمع الأكياس حتي لا تتعرض للتلف جراء وجودها لفترة طويلة بالسيارات. وتختلف كمية أكياس الدم التي يتم الحصول عليها حسب استجابة المواطنين وحجم الكثافة بالمكان ويصل في أقصي تقدير خلال يوم إلي «50 كيساً» وأقل نسبة «15» كيساً في الحملة التي تستمر حتي الثامنة مساء. أحمد إبراهيم فني تمريض بالحملة يسمع العديد من عبارات السخرية أثناء بمبالغ مالية كبيرة للمواطنين بينما يحصلون عليه مجانًا وهناك فئة أخري تعتقد أن التبرع بالدم تسبب في نقل الأمراض وبالتالي فإن أصعب مهمة لأفراد الحملة هي إقناع المواطنين بالتبرع. المشاركة في التحضير وإلي جانب المشاركة في التحفيز فإن فني التمريض يقوم بمساعدة «المسجل» الذي يساعد المتبرع في ملء استمارة التبرع ووضع «رقم سري» علي الاستمارة وكيس الدم وهو ما يحافظ علي سرية بيانات المتبرع إضافة إلي أنه يقوم بعملية «الإدماء» أو سحب الدم وهي العملية التي تستمر حوالي «10» دقائق أما المحفز فيتلقي دورات تدريبية ليتعلم أسس اختيار المتبرع ويعرف المعلومات المختلفة عن عملية التبرع حتي يستطيع الإجابة علي الأسئلة المختلفة التي يوجهها المواطنون له وهذا ما أوضحه «محمد مصطفي» محفز والذي أكد استخدامه للشعارات الدينية مثل «زكي بدمك» و«اكسب ثواب» لأنها وأيضا تعريف المتبرعين بإمكانية الحصول علي نتائج تحاليل دمه والاطمئنان علي صحته محفز قوي للتبرع بالدم. وتعد الحملات داخل الشركات أو المصالح الحكومية أكثر تنظيماً من حملات الشوارع علي حد قول المحفز محمد مصطفي ويضيف في حملات الشوارع نستقر بأحد الميادين الكبري وخاصة إذا كان ميدان التحرير أو رمسيس فكثير ما تحدث مضايقات من الباعة الجائلين المحيطين بنا لانهم يعتقدون أننا نقاسمهم في مكان رزقهم وتحدث مشادات كلامية يستخدمون فيها الألفاظ النابية. التبرع الاستبدالي «عادل عبدالله» متبرع يروي تجربته مع التبرع بالدم قائلا بدأت قصتي مع التبرع عندما مرض أحد أقاربي واشترطت المستشفي الحصول علي كيس دم قبل دخوله وهو ما يعرف بالتبرع الاستبدالي وعندما استفسرت عن سبب هذا الإجراء علمت أن هناك بالبنوك الخاصة به وخاصة أطفال إينيما البحر المتوسط والأورام والذين يجرون جراحات القلب المفتوح وغيرها من الجراحات الكبري ولذلك قررت التبرع باستمرار من خلال مركز خدمات نقل الدم أو إحدي عرباته إذا وجدتها في الطريق ويستطرد بعيداً عن أني أفيد شخصًا بالدم الذي اتبرع به فأنا أيضا أستفيد بإجراء تحاليل كل ثلاثة شهور من خلال التبرع مجاناً ولكن ما يصدمني هو استهزاء المواطنين بطاقم التبرع الموجود بالعربات ومحاولات الطاقم لجذبهم للتبرع بطريقة أشبه للاستجداء مع أنه من المفترض أن يكون عملاً تطوعياً ينبع من قناعة شخصية ورغبة في المشاركة المجتمعية. ثلاثة مشتقات د.هايدي جبران رئيس قسم الأمصال بمركز خدمات نقل الدم القومية توضح أنه يتم عمل «7» اختبارات علي كيس الدم وهي الإيدز والزهري وفيروس C وB والحمض النووي وفصيلة الدم والأجسام المضادة بالدم الحمراء وتكلفة هذه التحاليل أربعة جنيهات ويستطيع المتبرع الحصول علي النتيجة بعد أسبوعين وإذا اتضح أن العينة بها أحد الفيروسات يتم إبلاغ المتبرع وتوجيهه للمكان المناسب لحالته وإذا كان لديه الإيدز يتم إبلاغ وزارة الصحة التي تتعامل مع الحالة نفسها ويتم إعدام الدم في محارق مخصصة لذلك بالتعاون مع وزارة البيئة. وتلفت جبران إلي أن الكيس الواحد يتم فصله إلي ثلاثة مشتقات وهي «بلازما» و«صفائح» و«كرات دم حمراء» أي أن الكيس ينقذ ثلاثة مرضي ويمكن التبرع بالدم كل ثلاثة أشهر للرجال وأربع للسيدات ونهدف لتوفير مليون كيس دم سنوياً لتغطية جميع احتياجات المرضي المصريين أي حوالي 330 ألف متبرع منتظم بالدم مع العلم أنه يوجد ما لا يقل عن 10 آلاف حالة إينميا البحر المتوسط في مصر كل مريض يحتاج لنقل الدم مرة أسبوعيا طوال حياته.